وكالة أنباء أراكان | ترجمات
خلص تحقيق أجرته منظمة “فورتيفاي رايتس” الحقوقية الدولية إلى أن قوات حرس الحدود في بنغلادش تعمل بشكل منهجي على الإعادة القسرية للاجئي الروهينجا الفارين من ميانمار إلى بلادهم مرة أخرى بدلاً عن تقديم المساعدة لهم.
وأكدت تحقيقات المنظمة أنه في ست حالات منفصلة على الأقل دفعت قوات حرس حدود بنغلادش أكثر من 400 لاجئ روهنجي للعودة إلى ميانمار منذ أغسطس الماضي، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي ربما يزيد عن ذلك.
وأوضحت المنظمة، في تحقيقها الذي نشرته اليوم الثلاثاء، أنها أجرت لقاءات مع 12 ناجٍ روهنجي من بلدة “مونغدو” في أراكان بين أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري أفادوا جميعهم بأن قوات حرس الحدود عكفت على منع الروهينجا من دخول البلاد ودفعهم للعودة قسراً إلى ميانمار.
شهادات من اللاجئين
ونقلت المنظمة عن لاجئة روهنجية (25 عاماً) من الفارين من ضربات جيش أراكان (الانفصالي) في 5 من أغسطس قولها إن قوات حرس حدود بنغلادش ألقت القبض عليها مع آخرين كانوا على متن قارب واحتجزوهم والتقطوا صورهم ثم أعادوهم على متن قارب بعد يومين إلى ميانمار.
وأضافت: “كنا قرابة 100 شخص في قاربين، لقد صرخنا في وجوههم وقلنا لن نعود إلى ميانمار، لكن أخبرنا أفراد حرس الحدود البنغالي أنهم سيطلقون النار علينا إذا عدنا إلى بنغلادش مرة أخرى”.
وقالت لاجئة روهنجية أخرى من بلدة “مونغدو” تبلغ 27 عاماً إن قوات حرس الحدود قالت لهم إنه لا يوجد مكان لهم في بنغلادش للعيش فيه حتى ولو كانوا يواجهون الموت في ميانمار، وأنهم لن يسمحوا لهم بالبقاء ولو ليوم واحد رغم توسلاتهم ورغم أنهم كانوا مصابين ومنهكين.
وفي حادثة أخرى، قالت امرأة روهنجية حامل للمنظمة إن أفراد حرس حدود بنغلادش طردوها وزوجها مع مجموعة من الروهينجا في 21 من سبتمبر الماضي رغم حاجتها إلى الرعاية الطبية.
وأضافت: “لقد صعدوا بالقوة على متن القارب وضربوا زوجي مرتين أو ثلاث وهددونا بإطلاق النار علينا وإلقاء جثثنا في نهر ناف إذا تحدثنا إليهم، كما وجهوا إلينا إهانات لفظية عديدة رغم أن الناس كانوا يصرخون ويتوسلون لعدم إعادتهم إلى ميانمار”.
وتابعت اللاجئة الروهنجية أن طاقم القارب البنغالي الذي أعاد لاجئي الروهينجا قام بنهب ممتلكات اللاجئين العائدين.
كما أفادت “فورتيفاي رايتس” أن في واقعة أحدث، وصف شاب روهنجي (18عاماً) كيف نقلته قوات حرس حدود بنغلادش وآخرين إلى رصيف منطقة “تكناف” وأجبروهم على ركوب القوارب عائدين إلى ميانمار رغم توسلاتهم.
وقال الشاب: “لقد توسلنا عدة مرات إلى قوات حرس الحدود حتى لا تعيدنا، قلنا لهم إننا واجهنا العديد من العقبات ودفعنا الكثير من المال لنأتي إلى هنا ونبقى على قيد الحياة، ومع ذلك لم يقتنعوا بإطلاق سراحنا، كنا نبكي لأننا لم يكن لدينا أي مخرج آخر”.
كابوس العودة
كما نقل التحقيق الذي أجرته المنظمة أن مخاوف الإعادة القسرية إلى ميانمار تطال أيضاً لاجئي الروهينجا الموجودين في بنغلادش بالفعل.
فقد قال رجل روهنجي (30 عاماً) وصل بنغلادش في سبتمبر للمنظمة إنه يخشى من إعادته وعائلته إلى ميانمار لأنهم غير مسجلين في مخيم اللاجئين، وأنهم يخشون من الخروج من المخيم مخافة القبض عليهم وإعادتهم إلى ميانمار التي فروا منها للبقاء على قيد الحياة.
وأكدت المنظمة أن العمليات التي تقوم بها قوات حرس الحدود البنغالي ليست جديدة على لاجئي الروهينجا، فقد وثقت في أبريل الماضي حالات إعادة قسرية للاجئي الروهينجا في ظل حكومة الشيخة حسينة المعزولة الآن.
وتابعت المنطمة قائلةً إنه رغم اعتراف رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلادش محمد يونس بالعواقب الوخيمة التي قد تترتب على عودة الروهينجا وأن ذلك بمثابة دفعهم إلى الموت، إلا أن تلك العمليات لا زالت مستمرة في ظل حكومته.
وفي مؤتمر صحفي عقد في 8 من سبتمبر الماضي، قال محمد توحيد حسين مستشار الشؤون الخارجية للحكومة المؤقتة “لقد أوضحنا أيضاً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه ليس من الممكن لنا استقبال المزيد من الروهينجا”.
وأوصت المنظمة بضرورة أن تتوقف حكومة بنغلادش بشكل فوري عن عمليات الإعادة القسرية للاجئي الروهينجا الفارين من الإبادة الجماعية بولاية “أراكان” غربي ميانمار.
وقال المختص بحقوق الإنسان في المنظمة “زاو زين”: إن الحكومة المؤقتة في بنغلادش وعدت بفتح صفحة جديدة للبلاد واحترام حقوق الإنسان بعد عقود من الانتهاكات في ظل حكم الشيخة حسينة التي تم الإطاحة بحكومتها قبل شهور.
وتابع قائلاً: إن “حكومة بنغلادش تتحمل مسؤولية توفير السلامة والأمن للناجين الروهينجا الذين يفرون للحفاظ على حياتهم ويواجهون فظائع في ميانمار، كما أن للروهينجا الحق في العيش بكرامة واحترام كلاجئين معترف بهم في بنغلادش”.
يذكر أن بنغلادش طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحمي اللاجئين من الإعادة القسرية إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب جوهرية للاعتقاد بأنهم قد يكونون معرضون لخطر التعذيب.
وتستضيف بنغلادش أكثر من مليون لاجئ من الروهينجا الفارين من العنف والاضطهاد في ميانمار منذ شن الجيش حملة اضطهاد وإبادة جماعية بحقهم في عام 2017، تعرضوا خلالها للمجازر والاغتصاب وحرق الممتلكات والتجنيد القسري، كما يقع الروهينجا تحت خطر هجمات الجماعات المسلحة المناوئة لجيش ميانمار.