وكالة أنباء أراكان | ترجمات
تكالبت العراقيل والمعاناة على اللاجئ الروهنجي المقيم في الهند حسين أحمد، إلا أن حلم تقديم التعليم لأطفاله وتوفير مستقبل أفضل لهم كان الأمل الوحيد الذي يجعل الحياة محتملة، لكن القيود التي تفرضها الهند ربما تجعل تحقيق حلمه مستحيلاً.
يعيش أحمد مع زوجته وأطفاله الأربعة في قرية “خاجوري خاص” في مدينة “دلهي” الهندية منذ اضطر للفرار من ميانمار عام 2016 جراء العنف مثلما فعل مئات الآلاف من الروهينجا، وعمل منذ ذاك الحين كعامل بناء إذ لا يسمح له القانون في الهند بالحصول على وظيفة.
وعندما بدأ أحمد في التفكير في أبنائه وتعليمهم لكي يضمن لهم مستقبلاً أفضل، قوبل برفض كافة المدارس الحكومية استقبال أطفاله وهو ما قد يحرمهم من التعليم إلى الأبد نظراً لعدم قدرته على تحمل تكاليف تعليمهم في مدارس خاصة.
وقال أحمد لصحيفة “ذا جارديان” البريطانية: “انتقلت من مكان إلى آخر خلال السنوات الماضية محاولاً إقناع مدرسة حكومية محلية بتسجيل ابني البالغ من العمر 10 سنوات وابنتي البالغة من العمر 7 سنوات، لكن جميعها رفضت أطفالي ولا أستطيع تحمل رسوم المدارس الخاصة لذا كانت المدارس الحكومية أملي الوحيد”.
ويقول أحمد إنه قدم كل الوثائق اللازمة بما في ذلك بطاقات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أنه قوبل بالرفض من كافة المدارس الحكومية بزعم أنهم لا يستطيعون تسجيل أي طالب من الروهينجا.
قصة متكررة
وفي قرية “خاجوري خاص” تعيش أكثرمن 40 أسرة روهنجية في أكواخ متداعية من الصفيح والقماش المشمع، وتتكرر المعاناة ذاتها مع 18 طفلاً آخرين على الأقل رفضت السلطات دخولهم المدارس الحكومية خلال السنوات الماضية.
وتوفر المدارس الهندية الحكومية التعليم لأطفال الروهينجا ممن سجلوا أسمائهم قبل عام 2019، ولكن السلطات ترفض استقبال أي طفل روهنجي في المدارس الحكومية منذ أربع سنوات مضت.
وتقول الصحيفة إن الروهينجا واجهوا المزيد من الصعوبات منذ صعود حزب “بهاراتيا جانتا” التابع لرئيس الورزاء الهندي “ناريندرا مودي” إلى السلطة عام 2014، ورغم أن سجلات الشرطة الهندية لم تربط الروهينجا بأي أعمال إجرامية إلا أن الجماعات الهندوسية القومية تصف الروهينجا بأنهم جهاديين وإرهابيين ويطالبون بطردهم من الهند.
وبعد إعادة انتخاب مودي في عام 2019 زادت حدة الحملة التي تقودها الجماعات الهندوسية القومية والحكومة بقيادة حزب “بهاراتيا جانتا”، وفي مارس قدمت الحكومة قانون مواطنة يقول منتقدوه إنه يمارس تفرقة ضد المسلمين ومنهم الروهينجا الذين يقدر عددهم في الهند بأكثر من 22 ألف شخص.
مستقبل غامض
رفضت محكمة دلهي العليا في أكتوبر الماضي طلباً لتسجيل أطفال الروهينجا في المدارس الحكومية المحلية في “خاجوري خاص” تقدم به المحامي والحقوقي الهندي “أشوك أجاروال” استناداً إلى أن الدستور الهندي يكفل التعليم الرسمي المجاني لكل طفل في البلاد بغض النظر عن جنسيته.
وعللت المحكمة رفضها الطلب بأن الروهينجا يعدون من الأجانب الذين لم يسمح لهم بدخول البلاد بشكل شرعي، ولكن يقول “أجاروال” إن الروهينجا محرومون من التعليم لأنهم أجانب مسلمين، وإنهم يعدون أطفال اللاجئين الوحيدين المحرومين من التعليم بهذا الشكل في “دلهي”، إذ نجح سابقاً في قضيته لتسجيل أطفال الباكستانيين الهندوس في المدارس الهندية أمام المحكمة ذاتها.
ويقول ناشطون في الهند إن حرمان أطفال اللاجئين الروهينجا من التعليم لن يقتصر تأثيره السلبي على الروهينجا أنفسهم فحسب بل سيمتد إلى البلدان التي يطلبون اللجوء فيها والمجتمعات المضيفة.
وقال الناشط الروهنجي في الهند “صابر كياو مين” لصحيفة “ذا جارديان” إن حرمان أطفال الروهينجا من التعليم وتركهم معرضين للبطالة والاستغلال والفقر سيجعلهم معتمدين تماماً على المساعدات الخارجية وسيعوقهم عن المساهمة في اقتصادات البلدان التي يعيشون فيها.
كما أكدت المحامية الهندية “أوجيني تشاتيرجي” ضرورة تعليم الأجيال الجديدة من الروهينجا نظراً للاضطهاد الذي يواجهونه بما في ذلك الإبادة الجماعية المستمرة بحقهم في بلدهم ميانمار.
وأضافت أن الروهينجا يكافحون من أجل الحفاظ على لغتهم وتقاليدهم وهو ما لن يتم إلا عبر تمكين الأجيال القادمة من إحياء وتطوير لغتهم وتوثيق قصصهم، وتابعت قائلةً “إن التعليم هو مسألة محورية بالنسبة لمجتمع الروهينجا ولا يمكن حرمانهم منه بأي ثمن”.