وكالة أنباء أراكان
دعا المجلس العسكري في ميانمار، الخميس، الجماعات المسلحة المعارضة إلى وقف القتال ضده والبدء في “حوار سياسي” لإحلال السلام، وذلك بعد ثلاث سنوات ونصف من الصراع.
وتأتي دعوة المجلس العسكري هذه بعد تقارير عن هزائم تكبدها على الأرض في المعارك ضد الجماعات المسلحة من الأقليات العرقية وقوات الدفاع الشعبية المؤيدة للديمقراطية، التي انتفضت لمعارضة استيلاء الجيش على السلطة بعد انقلاب عام 2021.
وبالإضافة إلى المعارك ضد الجماعات المسلحة، يكافح المجلس العسكري أيضا بعد إعصار ياغي، الذي تسبب في فيضانات كبيرة خلفت أكثر من 400 قتيل وتشريد مئات الآلاف من السكان، الذين أصبحوا في حاجة إلى المساعدة.
وقالت المجلس العسكري، في بيان: “ندعو الجماعات العرقية المسلحة والجماعات المتمردة وجماعات قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل ضد الدولة إلى التخلي عن القتال والتواصل معنا لحل المشاكل السياسية سياسيا”.
وأطاح جيش ميانمار بالحكومة المدنية المنتخبة بقيادة “أونج سان سو تشي” في فبراير/ شباط 2021، مما أثار احتجاجات حاشدة قوبلت بقمع وحشي.
وأنشأ المدنيون قوات دفاع شعبي، وأعيد تنشيط الجماعات المسلحة من الأقليات العرقية، التي قاتل العديد منها الجيش لعقود من الزمن، الأمر الذي دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية.
وجاء في البيان: “على الجماعات المسلحة أن تتبع مسار السياسة الحزبية والانتخابات من أجل تحقيق السلام الدائم والتنمية”.
وأضاف البيان أن “الموارد البشرية والبنية الأساسية وأرواح العديد من الناس في البلاد قد فقدت، كما تم عرقلة استقرار البلاد وتنميتها” بسبب الصراع.
ناشطون: “الحوار تكتيك من المجلس العسكري”
وفي تعليقه على دعوة جيش ميانمار للحوار السياسي، قال بادو ساو تاو ني، المتحدث باسم اتحاد كارين الوطني، الذي يقاتل الجيش منذ عقود من أجل مزيد من الحكم الذاتي على طول الحدود مع تايلاند: إن “المحادثات لن تكون ممكنة، إلا إذا وافق الجيش على “أهداف سياسية مشتركة”.
وأضاف تاو ني، لوكالة الأنباء الفرنسية: “وهذه الأهداف تتمثل يعدم مشاركة الجيش في السياسة المستقبلية، وموافقة الجيش على دستور ديمقراطي اتحادي، وأن يتحمل الجيش المسؤولية عن كل ما الجرائم التي ارتكبها، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وأردف: “لا مفر من الإفلات من العقاب، إذا لم يوافقوا عليه فلن يحدث شيء، وسنواصل الضغط عليهم سياسيا وعسكريا”.
من جانبه، قال الناشط ناي سان لوين، المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الأحرار: إن ” الحرب الأهلية في بورما (ميانمار) تستمر منذ أكثر من 70 عاماً، وعندما تتفاوض جماعات المقاومة مع الجيش، فإنها لا تكسب أي شيئ دائماً، ويسعى الجيش إلى فرض قواعده، والتلاعب بهذه الجماعات، واستغلال الموارد الطبيعية التي تنتمي إلى مجموعات عرقية مختلفة عبر مناطق مختلفة”.
وأضاف سان لوين، في تصريح لوكالة أنباء أراكان: “منذ الانقلاب في عام 2021، توحدت معظم جماعات المقاومة، وهم عازمون على إعادة بناء البلاد وإنشاء اتحاد ديمقراطي فيدرالي جديد، ونتيجة لذلك، فإن دعوات الجيش تُرفض في الغالب من قبل جماعات المقاومة، ومن غير المرجح أن يتخلوا عن حركة المقاومة، وسيواصلون القتال حتى يتخلى الجيش عن السلطة”.
وأكد الناشط الروهنجي أنه لا يتوقع حدوث هذه المفاوضات (الحوار السياسي)، إلا مع الدائرة الصغيرة التي دعمت جيش ميانمار منذ البداية.
بدوره، أكد تون خين، رئيس منظمة الروهينجا البورمية في المملكة المتحدة (BROUK) أن “لا أحد (من الجماعات المسلحة) يثق في المجلس العسكري، فهي تستخدم هذه التكتيكات منذ عقود عديدة”.
وأضاف خين، في تصريح لوكالة أنباء أراكان أن “هذا النوع من التكتيكات أمر طبيعي بالنسبة للعسكريين، فعندما يصابون بالضعف يحاولون الدعوة إلى الحوار”.
وأشار الناشط الروهنجي إلى أنه في أراكان، خسر الجيش كل الأراضي تقريباً، ويبدو أن جيش أراكان (الانفصالي) سيواصل المعارك لأجل السيطرة على ولاية أراكان.
تعهد بإجراء الانتخابات
وتعهد المجلس العسكري، الذي برر انقلابه باتهامات لا أساس لها من الصحة بالتزوير في انتخابات عام 2020 التي فاز بها حزب سو تشي، منذ فترة طويلة بإجراء انتخابات جديدة عندما تسمح الظروف بذلك، لكن ذلك لم يحدث.
ومن المقرر أن يبدأ العاملون في التعداد السكاني في جمع البيانات في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول استعداداً للانتخابات المحتملة (المزعومة) في عام 2025.
وخلال العام الماضي، خسر جيش ميانمار مساحات واسعة من الأراضي في المناطق الحدودية بعد هجوم مفاجئ كبير قادته ثلاث مجموعات مسلحة من أقليات عرقية.
واستولت الجماعات المسلحة على معابر حدودية، وفي الشهر الماضي سيطرت على مدينة “لاشيو” التي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة، وهي أكبر مدينة تسيطر عليها الجماعات المعارضة، منذ الانقلاب العسكري الأول في ميانمار عام 1962.
وفرض جيش ميانمار مشروع قانون في فبراير/شباط، مما دفع عشرات الآلاف من الشباب المؤهلين إلى الفرار من البلاد لتجنب التجنيد، وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان.
وقتل أكثر من 5700 مدني واعتقل أكثر من 20 ألفًا في الحملة العسكرية للجيش منذ عام 2021، وفقاً لجمعية مساعدة السجناء السياسيين، وهي مجموعة مراقبة محلية.
وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن ميانمار تتجه نحو “الهاوية” في مجال حقوق الإنسان، وتحدثت عن عمليات تعذيب مروعة مارسها الجيش على أشخاص في عهدته، ناهيك عن المجازر التي ارتكبها ضد المدنيين، لاسيما الأقلية المسلمة الروهينجا.