“محمد” مخترع روهنجي صغير بدأ صناعة أحلامه الكبيرة من خردة المخيم

يعرض "محمد تويب" بفخر نموذج الطائرة التي صنعها يدوياً، والتي ترمز إلى قدرته على الصمود وإبداعه داخل مخيم "كوتوبالونغ للاجئين الروهينجا، كوكس بازار، بنغلادش، 30-10-2024 (صورة: موقع روهينجا خبر)
شارك

وكالة أنباء أراكان | ترجمات

في السابعة عشره من عمره، أصبح “محمد تويب” قدوة ملهمة بين الشباب في مخيم “كوتوبالونغ”، ضمن مخيم “كوكس بازار” للاجئين الروهينجا في بنغلادش، بعد تعدد ابتكاراته التي استخدم فيها خردة من المخيم.

وينحدر “تويب” من قرية “باتاكا” في بلدة “بوثيدونغ” بولاية أراكان غربي ميانمار، وتغيرت حياته بشكل جذري في عام 2017، عندما فرّ وعائلته إلى بنغلادش هرباً من الاضطهاد (حملة الإبادة الجماعية)، وكان حينها طالباً في الصف الخامس، ويعيش حياة طبيعية ويتلقى تعليماً مستقراً، حتى اجتاحت الصراعات ميانمار حياته وقلبتها رأساً على عقب.

ورغم البيئة الصاخبة والمكتظة في المخيم، واصل محمد دراسته في مدرسة مجتمعية، رافضاً أن تكون الظروف عائقاً أمام فضوله أو تحد من إبداعه، وللمساعدة في إعالة أسرته، يعمل أيضاً مع والده، “ديل محمد”، في بيع أوراق “التنبول”، ورغم الصعوبات اليومية، نما حس الابتكار لدى تويب وازدهر.

وفي عام 2020، عندما كان عمره 12 عاماً فقط، أدهش محمد مجتمعه بصنع نموذج صغير لجرافة تعمل بفاعلية، باستخدام الموارد المحدودة المتاحة في المخيم، وأظهر  إبداعه وإصراره، مما أثار إعجاب سكان المخيم الذين احتفلوا بموهبته وكافأوه مالياً، وكانت هذه البداية لمسيرة تويب كمبتكر شاب، وفق موقع “روهينجا خبر” الذي نشر عن قصته.

وسرعان ما انتشرت أخبار موهبة الشاب الروهنجي خارج حدود المخيم، وجذبت اهتمام وسائل الإعلام الكبرى، ونشرت تقارير عنه في وكالات أنباء عالمية، مثل “رويترز” و”صوت أمريكا” (VOA)، مما أتاح للعالم فرصة مشاهدة إبداعه.

"محمد" مخترع روهنجي صغير بدأ صناعة أحلامه الكبيرة من خردة المخيم
نموذج مصغر لجرافة صنعه “محمد تويب” باستخدام الموارد المحدودة المتاحة في المخيم (صورة: موقع روهينجا خبر)

واليوم، يلفت محمد الأنظار مجدداً بأحدث ابتكاراته، وهو نموذج لطائرة نفاثة مصنوعة بعناية فائقة، يعرضها بفخر لكل من يراها، رغم ندرة الموارد في المخيم، ونجح في تحويل أحلامه الهندسية إلى واقع ملموس بيديه المبدعتين.

والده “ديل محمد” لا يستطيع إلا أن يشعر بالفخر حين يتحدث عن إنجازات ابنه، ويقول، بابتسامة مفعمة بالأمل والإعجاب، لموقع “روهينجا خبر”: “عندما يقدّر الناس موهبته، أشعر بسعادة وفخر كبيرين”.

وعلى الرغم من التحديات اليومية التي تواجه أسرته، يحلم “ديل محمد” بمستقبل يتاح فيه لابنه فرصاً تعليمية أفضل، ويضيف: “إذا حصل على تعليم جيد، أؤمن بأنه يمكنه تحقيق المزيد، أود أن أطلب من الناس حول العالم مساعدته لتحقيق هذا الهدف”.

ويحلم محمد بأن يصبح مهندساً يوماً ما، وأن يبني أكثر من مجرد نماذج صغيرة، ربما يساهم في بناء البنية التحتية في مستقبل يعيش فيه شعبه بسلام وكرامة، وفي الوقت الحالي، يُغذي شغفه باستخدام كل ما يجده من مواد متاحة، ويحول الخردة إلى رموز للأمل.

ويدرك محمد العقبات العديدة التي تعترض طريقه؛ كونه لاجئاً من الروهينجا يعقد وصوله إلى الموارد التعليمية التي يحتاجها، والطريق أمامه يبدو صعباً، ولكن محمد مصمم على عدم الاستسلام، ويقول بثقة: “لن أفقد الأمل”، معبراً عن صمود يشع بقدر ما تلمع موهبته.

وفي عالم يفرض فيه على الشباب القيود ولا يقدم لهم الدعم، تُعد قصة الشاب الروهنجي “محمد تويب” مثالاً لقوة الإبداع الإنساني ومواجهة التحديات والصعوبات في سبيل تحقيق الأحلام.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.