أفراح لاجئي الروهينجا بالعيد حبيسة جزيرة “بهاسان تشار”

مخيمات لاجئي الروهينجا في جزيرة "بهاسان تشار" البنغلادشية النائية (صورة: Anadolu Agency)
مخيمات لاجئي الروهينجا في جزيرة "بهاسان تشار" البنغلادشية النائية (صورة: Anadolu Agency)
شارك

وكالة أنباء أراكان

بينما يحمل العيد أفراح انتهاء شهر الصيام والدعاء وترقب الاجتماع بالأهل والأحباب لمعاينة أفراح العيد، يجد لاجئو الروهينجا أنفسهم محاصرين داخل حاضر تملؤه مآسي اللجوء التي تنغض عليهم فرحة عيدهم، ليصبح حالهم مصداقاً لقول “بأي حال عدت يا عيد!”.

وإذ يعيش أكثر من مليون لاجئ روهنجي في مخيمات منطقة “كوكس بازار” في بنغلادش، وهي المخيمات الأكبر حوال العالم، يعاني لاجئو الروهينجا الذين يعيشون على جزيرة “بهاسان تشار” البنغلادشية مستوى آخر من الانعزال واللجوء بحرمانهم من الوطن ومن الاجتماع بالأحباب في مخيمات اللجوء الأخرى.

“سجن بهاسان تشار”

وقالت اللاجئة الروهنجية “أجهيدا” التي تعيش على جزيرة “بهاسان تشار” مع زوجها وستة أطفال “أفتقد أقاربي كثيراً، وبينما لا أستطيع حضور العيد منهم، أكتفي بالمكالمات الهاتفية بالصوت والصورة وهي الطريقة الوحيدة للحفاظ على ما تبقى من روابطنا خلال عيد الفطر”.

أعمال بناء أحد مخيمات الروهينجا في جزيرة "بهاسان تشار" في 2020 (صورة: CNN)
أعمال بناء أحد مخيمات الروهينجا في جزيرة “بهاسان تشار” في 2020 (صورة: CNN)

وتضيف “أجيدا” التي كانت بين أول من نقلتهم سلطات بنغلادش للجزيرة، وهي تقضي عيدها الرابع هناك، “أتذكر دوماً لحظات زيارة الأقارب والأصدقاء والتجمع حول مائدة الطعام مع أبويّ وإخوتي في العيد، هذه لحظات لا أنساها أبداً وأفتقدها بشدة”، وذلك حسبما نقلت شبكة “عرب نيوز”.

ومثل الكثيرين ممن يعيشون بالجزيرة، لم تتمكن “أجيدا” من زيارة أقاربها منذ انتقالها إلى الجزيرة، إذ لا يسمح للروهينجا بالتنقل بحرية ويتطلب الأمر حصولهم على تصريحات خاصة كما لا توجد خدمات نقل عام للجزيرة التي تبعد 68 كيلو متراً عن البر البنغلادشي الرئيسي.

وأضافت اللاجئة “الحياة في بهاسان تشار شديدة الصعوبة حيث تشح بشكل كبير وسائل الحصول على الدخل، لم أستطع تحضير أي شيء خاص لاستقبال العيد هذا العام، اقترضت المال من أقاربي لتحضير بعض الأطباق لأطفالي فتقديم طعام مميز يوم العيد هو من تراثنا، وأحاول إبقاء التراث حياً وهو الشيء المميز الوحيد الذي أستطيع القيام به هذا العيد”.

عزلة خانقة

وقال اللاجئ “مولوي عبد الجليل” الذي يعيش بالجزيرة رفقة زوجته وأطفاله إنه ينتظر اللحظة التي ستجمعه بأفراد عائلته في “كوكس بازار” وميانمار، وأضاف “ما أريده بشدة هو الذهاب لقريتي في أراكان وزيارة قبر والديّ وأقاربي، ولم أستطع فعل ذلك منذ أُجبرنا قسراً على مغادرة مسقط رأسنا في أراكان”.

تظاهرة للروهينجا في "بهاسان تشار" للمطالبة بالعودة لمخيمات "كوكس بازار"، سبتمبر 2020 (صورة: HRW)
تظاهرة للروهينجا في “بهاسان تشار” للمطالبة بالعودة لمخيمات “كوكس بازار”، سبتمبر 2020 (صورة: HRW)

وأضاف “أفتقد بشدة زيارة أقاربي من باب إلى باب، والأحضان الدافئة التي كنا نتشاركها، فالاحتفال بالعيد في عزلة تامة دون الأصدقاء والعائلة ليس احتفالاً حقيقياً”، لكن الواقع لا يسمح لعبد الجليل سوى بالتواصل مع أفراد عائلته عبر مكالمات الفيديو والصوت.

وأكد اللاجئ الروهنجي أن فرص كسب الرزق على الجزيرة محدودة للغاية مثلما الحال في “كوكس بازار”، إلا أنه تابع “رغم ذلك تمكنت من شراء ملابس جديدة لأطفالي، ولم أستطع تدبير المال لشراء أي شيء لنفسي، لكنني ما زلت ممتنًا لله عز وجل لأنه ساعدني على توفير ملابس جديدة لهم”.

عدد من أطفال الروهينجا في مجمع سكني بجزيرة "بهاسان تشار"، 27-3-2020 (صورة: AFP)
عدد من أطفال الروهينجا في مجمع سكني بجزيرة “بهاسان تشار”، 27-3-2020 (صورة: AFP)

أما الأم الروهنجية الشابة منيرة، فقد قضت معظم حياتها في بنغلادش وانتقلت إلى “بهاسان تشار” مؤخراً لكنها لا تزال غير معتادة على الجزيرة، وتقول “ينفطر قلبي عندما أفكر في الاستعداد لعيد الفطر في هذه الجزيرة، لا شيء يمنحني الأمل في حياتي هنا إنها حياة منعزلة تماماً، إذ لا يُسمح لنا بمغادرة الجزيرة دون إذن مسبق من السلطات”.

وتروي اللاجئة قائلةً “لقد احتفلت بالعيد أربع مرات في هذه الجزيرة القاسية، وصرت عاجزة عن تخيل كيف سيكون الاحتفال بالعيد مع عائلتي في مخيم كوكس بازار، فقد كنا نتشارك الطعام ونزور المنازل ونشعر بدفء العناق”.

جزيرة الأحلام؟

وبينما مثلت الجزيرة وعداً للروهينجا بحياة أفضل وتحسين سبل العيش مقارنة بمخيمات “كوكس بازار” المكدسة، إلا أن مقوماتها لا تفي بذلك، فهي شريط رملي مساحته 52 كيلو متراً مربعاً، مساحته الخضراء نادرة وتعتمد إمدادات المياه العذبة فيه على أنظمة من صنع الإنسان.

وبدأت سلطات بنغلادش نقل الروهينجا إلى الجزيرة في عام 2020، ويعيش عليها حالياً قرابة 36 ألف لاجئ، كما تعتزم السلطات نقل مائة ألف من الروهينجا إلى الجزيرة لتقليل الضغط على مخيمات “كوكس بازار” حيث يعيش 1.3 مليون روهنجي وسط ظروف معيشية صعبة وحرمان من التعليم وفرص العمل.

ولا تبدو الجزيرة تحقيقاً لأحلام العيش الكريم للروهينجا فقد شهدت الشهور الماضية محاولات العشرات منهم وبينهم نساء وأطفال الهروب من مخيمات الجزيرة بحثاً عن حياة أقل انعزالاً خارجها، وكان تقرير أممي أكد أن الروهينجا في “بهاسان تشار” يعانون يعانون من نقصٍ حاد في كافة الاحتياجات الأساسية والرعاية الطبية.

السلطات البنغلادشية تنقل مجموعة من الروهينجا إلى جزيرة "بهاسان تشار" (صورة: Anadolu Agency)
السلطات البنغلادشية تنقل مجموعة من الروهينجا إلى جزيرة “بهاسان تشار” (صورة: Anadolu Agency)

ويواجه الروهينجا في جزيرة “بهاسان تشار” ظروفاً صعبة نظراً للمخاوف البيئية ونقص التمويل والمساعدات، كما أن العزلة الجغرافية للجزيرة تثير القلق من تعرضها للفيضانات، بالإضافة إلى محدودية الفرص الاقتصادية المتاحة للسكان، وفق مراقبين.

واضطر أكثر من مليون روهنجي للفرار من ميانمار خلال السنوات الماضية تحت وطأة العنف والاضطهاد الواقع عليهم من قوات جيش ميانمار والجماعات المسلحة على حدٍ سواء، ويعيش أكثر من مليون منهم في “كوكس بازار”، كما يخوض آخرون رحلات بحرية خطرة في محاولة للوصول إلى دول أخرى هرباً من الظروف المعيشية الصعبة في مخيمات بنغلادش.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.