لاجئو الروهينجا يتحدثون عن تفاقم العنف والتجنيد القسري في ميانمار

المجلس العسكري في ميانمار يجند الشبان من الروهينجا في صفوفه قسراٍ لزجهم في المعارك ضد جيش أراكان (صورة: أرشيفية)
المجلس العسكري في ميانمار يجند الشبان من الروهينجا في صفوفه قسراٍ لزجهم في المعارك ضد جيش أراكان (صورة: أرشيفية)
شارك

وكالة أنباء أراكان | متابعات

فرّ اللاجئ الروهنجي “سيد” من ميانمار للمرة الثانية الشهر الماضي، بعد أن أجبر على القتال إلى جانب جيش ميانمار الذي طرد عائلته من وطنهم قبل سنوات، وارتكب مجازر كبيرة راح ضحيتها الآلاف من الروهينجا.

“سيد”، الذي تم تغيير اسمه لحمايته من الانتقام، هو واحد من آلاف الشباب من الأقلية المسلمة المضطهدة عديمي الجنسية الذين تم تجنيدهم لشن حرب لم يصنعوها بأنفسهم.

وقد أدى تجنيدهم في صفوف الجيش في ميانمار الذي يديره المجلس العسكري الحاكم منذ الانقلاب عام 2021، إلى شن هجمات انتقامية ضد المدنيين ودفع آلاف آخرين إلى الفرار إلى بنغلادش، التي تستضيف بالفعل حوالي مليون لاجئ من الروهينجا.

وقال سيد لوكالة الأنباء الفرنسية، بعد وقت قصير من فراره وعودته إلى مخيم الإغاثة البائس في بنغلادش والذي عاش فيه طيلة السنوات السبع الماضية: “الناس هناك يعانون كثيراً، لقد رأيت ذلك بأم عيني”.

وأضاف الشاب البالغ من العمر 23 عاما: “البعض يتضورون جوعاً، ويموتون من الجوع، والجميع مشغولون بمحاولة إنقاذ حياتهم”.

لاجئو الروهينجا يتحدثون عن تفاقم العنف والتجنيد القسري في ميانمار
يقول خبراء إن ما لا يقل عن 2000 لاجئ من الروهينجا تم تجنيدهم قسراً للقتال في صفوف الجيش في ميانمار (صورة: AFP)

وأوضح سيد أنه تم تجنيده من قبل جماعة مسلحة من الروهينجا تعمل في المخيمات في يونيو/ حزيران الماضي، وأرسل للقتال ضد جيش أراكان، وهي جماعة متمردة تشن حرباً ضد المجلس العسكري في ميانمار من أجل إقامة وطن مستقل خاص بها.

وتم تكليفه مع مجندي الروهينجا الآخرين بالعمل كحمالين، وحفر الخنادق وجلب المياه لقوات ميانمار أثناء تحصنها ضد قوات المتمردين المتقدمة، بحسب المصدر.

وقال سيد: “لم يتلقوا أي تدريب، العسكريون يبقون في مراكز الشرطة ولا يخرجون منها”.

وجرى إرسال سيد في دورية إلى قرية مسلمة، وتمكن من الفرار من خاطفيه والعبور إلى بنغلادش مرة أخرى، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

ويعد هذا الشاب واحداً من نحو 14 ألف روهنجي نجحوا في العبور خلال الأشهر الأخيرة مع تصاعد القتال بالقرب من الحدود، وفقاً للأرقام التي قدمتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للحكومة البنغلادشية.

الجثث “ملقاة في كل مكان” 

ويقول الخبراء إن ما لا يقل عن 2000 من الروهينجا تم تجنيدهم قسراً من مخيمات اللاجئين في بنغلادش هذا العام، إلى جانب العديد من الروهينجا الذين يعيشون في ميانمار والذين تم تجنيدهم أيضاً.

ويقول أولئك الذين تم تجنيدهم في بنغلادش إنهم أجبروا على ذلك من قبل جماعات مسلحة، على ما يبدو مقابل تنازلات من المجلس العسكري في ميانمار قد تسمح لهم بالعودة إلى أوطانهم.

ونفى كل من “جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان” (ARSA) و”منظمة التضامن مع الروهينجا” (RSO)، وهما جماعتان مسلحتان تعملان في المخيمات، تجنيد اللاجئين.

وقال زعيم كبير في منظمة “RSO” كو كو لين لوكالة الأنباء الفرنسية: “لم نقم أبداً بتجنيد أي شخص قسراً لصالحنا أو لصالح آخرين”.

لاجئو الروهينجا يتحدثون عن تفاقم العنف والتجنيد القسري في ميانمار
محمد جوهر (22 عاما) يقول لوكالة الأنباء الفرنسية إن صهره قُتل في هجوم بطائرة مسيرة من قبل جيش أراكان (صورة: AFP)

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنها حصلت على معلومات تفيد بأن الجيش في ميانمار وجيش أراكان ارتكبا انتهاكات خطيرة ضد الروهينجا أثناء الصراع.

وقالت منظمات حقوقية أخرى إن “إجبار الروهينجا على الخدمة إلى جانب قوات ميانمار أدى إلى تأجيج الهجمات الانتقامية من قبل جيش أراكان”.

وفي أسوأ حالة موثقة، قالت منظمة “فورتيفاي رايتس” الحقوقية الشهر الماضي إن الجماعة المتمردة قتلت أكثر من 100 رجل وامرأة وطفل من الروهينجا في قصف بطائرات مسيرة وقذائف الهاون على الحدود.

ونفى جيش أراكان مراراً وتكراراً مسؤوليته عن الهجوم والاتهامات باستهداف المدنيين الروهينجا بشكل عام.

لكن العديد من الآلاف من اللاجئين الجدد الذين عبروا إلى بنغلادش يتهمون جيش أراكان بارتكاب جرائم قتل.

وقال محمد جوهر (22 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية إن صهره قُتل في هجوم بطائرة بدون طيار ألقى باللوم فيه على جيش أراكان بينما كان الاثنان يفرون من مدينة مونغداو الحدودية في وقت سابق من هذا الشهر.

وأضاف أن “الجثث كانت منتشرة في كل مكان، وعلى ضفاف النهر”.

وأردف: “جيش أراكان أكثر قوة هناك. والجيش في ميانمار غير قادر على مواكبة جيش أراكان. وكلاهما يقصف الآخر، ولكن المسلمين هم الذين يموتون”.

“فوق طاقتنا” 

وتكافح بنغلادش منذ سنوات لاستيعاب أعدادها الهائلة من اللاجئين، الذين وصل معظمهم بعد حملة عسكرية في ميانمار عام 2017، وهي الحملة التي تخضع لتحقيق مستمر من جانب الأمم المتحدة في “الإبادة الجماعية”.

ولا تزال بنغلادش تعاني من آثار الإطاحة المفاجئة بحكومتها السابقة في ثورة قادها الطلاب الشهر الماضي، وتقول إن “الوافدين الجدد غير مرحب بهم”.

لاجئو الروهينجا يتحدثون عن تفاقم العنف والتجنيد القسري في ميانمار
بعد الهجمات والعنف ضد نحو 600 ألف من الروهينجا الذين ما زالوا يعيشون في ميانمار، قال البعض إنهم لم يكن لديهم خيار سوى الفرار إلى بنغلادش (صورة: AFP)

وقال وزير الخارجية المؤقت توحيد حسين هذا الشهر: “نحن نأسف لقول هذا، لكن الأمر يتجاوز قدرتنا على توفير المأوى لأي شخص آخر”.

لكن بعد الهجمات المميتة على بعض من نحو 600 ألف من الروهينجا الذين ما زالوا يعيشون في ميانمار، قال الوافدون الجدد إنهم لم يكن لديهم خيار سوى البحث عن الأمان عبر الحدود.

وقالت بيبي فايزة (20 عاما)، لوكالة الأنباء الفرنسية بعد عبور الحدود مع ابنتها الصغيرة: “بعد رؤية الجثث، شعرنا بالخوف من وقوع المزيد من الهجمات”.

وأضافت فايزة: “لم أعد أسمع طلقات نارية، والآن أصبح هناك سلام هنا”.

 

شارك

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.