لقد مرت سبع سنوات منذ شن الجيش في ميانمار حملة وحشية من العنف ضد سكان الروهينجا، وهم أقلية مسلمة في ولاية أراكان، ولقد شاهد العالم كيف تم تدمير القرى وقتل الآلاف وفرار ما يقرب من مليون شخص إلى بنغلادش المجاورة بحثًا عن الأمان.
وفي هذه الذكرى القاتمة، التي تم الاحتفال بها في 24 أغسطس الماضي، أصدر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين بياناً أدان فيه الفظائع وأكد التزام أمريكا بمحاسبة المسؤولين، ومع ذلك، يظل السؤال: هل تطورت السياسة الأمريكية بما يكفي على مدى السنوات السبع الماضية لإحداث فرق؟ ومع التعيين الأخير لمحمد يونس رئيساً للوزراء في بنغلادش، هل يمكننا أن نتوقع أي تغييرات كبيرة في المنطقة؟
لقد تطور رد الولايات المتحدة على أزمة الروهينجا في ظل إدارات مختلفة ووزراء خارجية مختلفين، ولكل منهم نهجه الخاص تجاه المأساة المستمرة.
في عهد إدارة أوباما، كان رد الفعل الأولي حذراً، فقد ركزت الولايات المتحدة على دعم انتقال ميانمار إلى الديمقراطية، الأمر الذي أدى إلى استجابة صامتة إلى حد ما لأزمة الروهينجا، ورغم أن إدارة أوباما أدانت العنف وقدمت المساعدات الإنسانية للاجئين، إلا أنها امتنعت عن وصف الفظائع بالإبادة الجماعية أو اتخاذ إجراءات عقابية كبيرة ضد القادة العسكريين في ميانمار.
وبدأ هذا النهج في التحول في ظل إدارة ترامب، فبعد زيارة المنطقة في عام 2017، وصف وزير الخارجية ريكس تيلرسون العنف ضد الروهينجا بأنه “تطهير عرقي” لكنه لم يعلن أنه إبادة جماعية، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات مستهدفة على بعض القادة العسكريين في ميانمار لكنها استمرت في إعطاء الأولوية لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بنفوذ الصين في جنوب شرق آسيا.
وفي وقت لاحق، تحت قيادة وزير الخارجية مايك بومبيو، اتخذت الولايات المتحدة موقفًا أقوى، ووصفت الفظائع رسمياً بأنها إبادة جماعية في عام 2021، مما يمثل تحولاً كبيراً في السياسة، ومع ذلك، ظل تركيز الإدارة على التدابير العقابية بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للأزمة أو توفير مسار للعدالة للروهينجا.
لقد واصلت إدارة بايدن، برئاسة بلينكن وزيراً للخارجية، التأكيد على المساءلة ودعم الروهينجا، وقد أكد بيان بلينكن الأخير في الذكرى السنوية للإبادة الجماعية على التزام الولايات المتحدة بمحاسبة الجناة، بما في ذلك من خلال العقوبات المستمرة ودعم آليات العدالة الدولية، ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن هذه التدابير غير كافية وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتخاذ دور أكثر استباقية في حل الأزمة، وخاصة من خلال معالجة الاحتياجات السياسية والإنسانية للروهينجا في ميانمار وفي مخيمات اللاجئين في بنغلادش.
لقد تحملت بنغلادش العبء الأكبر من أزمة الروهينجا، حيث استضافت ما يقرب من مليون لاجئ في ما أصبح أحد أكبر مخيمات اللاجئين وأكثرها كثافة سكانية في العالم، وقد كافحت الحكومة السابقة في البلاد، بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، من أجل تحقيق التوازن بين الاحتياجات الإنسانية للروهينجا والضغوط السياسية المحلية والعبء المتزايد على موارد بنغلادش، وعلى الرغم من الثناء الدولي على استجابتها الأولية، واجهت بنغلادش انتقادات بسبب معاملتها للروهينجا في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تقارير عن عمليات الإعادة القسرية والقيود المفروضة على حقوقهم داخل المخيمات.
لقد أدخل التعيين الأخير ليونس رئيساً للوزراء ديناميكيات جديدة إلى المشهد السياسي في المنطقة، ويحمل يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام والمعروف بعمله في مجال التمويل الأصغر وريادة الأعمال الاجتماعية، منظوراً مختلفاً للأزمة، ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كان قادراً على تغيير سياسة بنغلادش بطريقة ذات مغزى، وفي حين أعرب يونس عن تعاطفه مع الروهينجا، فمن المرجح أن تواجه حكومته نفس الضغوط التي واجهتها حكومتها السابقة، مثل “الموازنة بين الالتزامات الإنسانية، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في استضافة مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين”.
وعلاوة على ذلك، قد تلعب علاقة يونس بالولايات المتحدة دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل أزمة الروهينجا، وباعتباره شخصاً يحظى بإعجاب الغرب منذ فترة طويلة، فقد يتمتع يونس بقدر أعظم من النفوذ في التفاوض مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتأمين المزيد من الدعم لجهود بنغلادش لإدارة وضع اللاجئين، ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان هذا سيترجم إلى تحسينات ملموسة للروهينجا أو ما إذا كان التركيز سيظل على إدارة الأزمة بدلاً من حلها.
إذا كانت الولايات المتحدة جادة في حل أزمة الروهينجا، فعليها أن تتجاوز التصريحات والعقوبات. أولاً، يجب عليها زيادة مساعداتها الإنسانية إلى بنغلادش، ليس فقط لدعم اللاجئين ولكن لمساعدة البلاد على إدارة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الأوسع للأزمة، وينبغي ربط هذه المساعدات بالجهود الرامية إلى تحسين الظروف المعيشية وحقوق الروهينجا داخل المخيمات، بما في ذلك الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل.
ثانيا، يتعين على الولايات المتحدة أن تقود الجهود الدبلوماسية للضغط على ميانمار للسماح بالعودة الآمنة والطوعية للروهينجا إلى وطنهم، وسوف يتطلب هذا جهداً دولياً متضافراً، بما في ذلك التعاون مع الصين والهند، اللتين تتمتعان بنفوذ كبير في المنطقة، ويتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تدعم الجهود الرامية إلى محاسبة القادة العسكريين في ميانمار من خلال آليات العدالة الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.
وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة أن تدرك أن أزمة الروهينجا ليست مجرد قضية إنسانية بل هي أيضا قضية سياسية، ويتعين عليها أن تعمل مع بنغلادش وميانمار وغيرهما من الشركاء الإقليميين لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة، بما في ذلك التمييز المستمر وانعدام الجنسية الذي يواجهه الروهينجا، وسوف يتطلب هذا مشاركة دبلوماسية مستدامة واستعداداً لمواجهة الحقائق غير المريحة حول حدود النفوذ الأميركي في المنطقة.
بعد مرور سبع سنوات على بداية الإبادة الجماعية للروهينجا، أصبحت الولايات المتحدة لديها الفرصة للتفكير في سياساتها السابقة واتخاذ خطوات جريئة نحو حل أكثر عدالة واستدامة، إن العالم يراقب، والروهينجا لا يستطيعون تحمل سبع سنوات أخرى من التقاعس.
(الكاتب: الدكتور عظيم إبراهيم هو مدير المبادرات الخاصة في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في واشنطن العاصمة – نشر المقال في موقع عرب نيوز وترجمته وكالة أنباء أراكان)