بعدما استهدف الروهينجا من قبل جيش ميانمار عام 2017 بحملة أدانتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى باعتبارها إبادة جماعية، يواجه الروهينجا منذ أكثر من عام خطراً وجودياً جديداً وسط تصاعد العنف بين جيش ميانمار وجيش أراكان (الانفصالي)، ما حول أقلية الروهينجا المسلمة إلى هدف لجيش أراكان على نحو متزايد في مسقط رأسهم بولاية أراكان (راخين).
وقال “توان مرات ناينغ” زعيم جيش أراكان الذي ينتمي أغلب جنوده لعرق “راخين” في مقابلة حديثة إن “رابطة أراكان المتحدة” التي تعد الذراع السياسي لجيش أراكان “ركزت دوماً على تعزيز التماسك الاجتماعي والحوكمة الشاملة والمعاملة العادلة والشفافة بين المجتمعات المختلفة”، وأضاف أن جيش أراكان ذي الأغلبية البوذية “نشط في مناطق عديدة ذات كثافة سكانية مسلمة ويمكن للمراقبين أن يروا أن علاقاتنا مع المجتمع المسلم كانت سلسة”.
ولكن التعاملات بين جيش أراكان والروهينجا كانت على أرض الواقع أبعد ما يكون عن السلاسة.
وكشفت التحقيقات الأخيرة التي أجرتها منظمتي “فورتيفاي رايتس” وغيرها من المنظمات ارتكاب جيش أراكان انتهاكات ضد المدنيين من الروهينجا تشمل الهجمات العشوائية ضد أسر الروهينجا الفارين في 5 و 6 من أغسطس في مدينة “مونغدو” شمالي ولاية أراكان، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 من مدنيي الروهينجا، وبدلاً عن التحقيق أو تفسير تصرفات جنوده وصف زعيم جيش أراكان الاتهامات ضده وضد رجاله بأنها “مشوهة ولا أساس لها”.
وعلى نحو مثير للقلق، وصف “توان مرات ناينغ” الروهينجا في منشور على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” بأنهم “بنغاليين”، وطالما استخدمت هذه الكلمة لتصوير الروهينجا بأنهم مهاجرين ومتسللين أجانب إلى ولاية أراكان، ورفض المسؤولون في ميانمار لعقود استخدام لفظ “الروهينجا” متخذين موقفاً مفاده أنهم لا وجود لهم كجماعة عرقية في ميانمار وهو ما تم استخدامه لحرمانهم من الجنسية.
كان استخدام زعيم جيش أراكان لخطاب تمييزي قاطع بمثابة صدمة لمجتمع الروهينجا، فقد قلص آمالهم في تحسن المستقبل تحت حكم جيش أراكان الذي سيطر على معظم أنحاء ولاية أراكان على مدار العام الماضي.
إن العداء المتزايد الذي يبديه جيش أراكان تجاه الروهينجا مدفوع جزئياً، على الأقل، بديناميكية عسكرية جديدة، وهي دعم جماعتين مسلحتين رئيسيتين من الروهينجا هما جيش إنقاذ روهينجا أراكان (ARSA) ومنظمة تضامن الروهينجا (RSO) لجيش ميانمار ضد جيش أراكان وتجنيدهما شباب الروهينجا قسراً لهذا الغرض، لكن هذه التحالفات العسكرية للمسلحين من الروهينجا لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي لمجتمع الروهينجا بأكمله أو قتل المدنيين وجرائم الحرب الأخرى.
ورغم ذلك، لدى جيش أراكان القدرة على تغيير المسار، فمعركته ضد جيش ميانمار الوحشي هي معركة عادلة ومشروعة ولكن يجب أن يخوضها من أجل جميع المجتمعات في أراكان بما في ذلك الروهينجا.
وللتدليل على عزمه خلق مستقبل أفضل لولاية أراكان على جيش أراكان أولاً أن يستعيد ويحمي حقوق الروهينجا كمواطنين أصليين في أراكان ويمنحهم مشاركة سياسية أكبر، وعلى جيش أراكان ألا يتبع خطوات حكومات ميانمار السابقة وجيش ميانمار في محو هوية الروهينجا وتجريدهم من حقوق المواطنة الأساسية.
وثانياً، على الجناح السياسي لجيش أراكان أن يشكل لجنة تحقيق مستقلة بمشاركة خبراء دوليين لفحص تقارير ارتكاب انتهاكات من قبل جنود جيش أراكان بحق الروهينجا وغيرهم من الجماعات العرقية في أراكان وولاية “تشين” المجاورة، بالإضافة إلى تعيين مستشار روهنجي رفيع للعمل معه، وعبر تحقيق ذلك سيمكنه كسب ثقة مجتمع الروهينجا والتي تعد منعدمة في الوقت الحالي.
وأخيراً، بينما يسيطر جيش أراكان على المزيد من الأراضي في أراكان عليه أن ينهي احتجاز أكثر من 100 ألف من الروهينجا في قراهم ومخيماتهم عقب أعمال الشغب الطائفية في عام 2012، وعلى جناحه السياسي أيضاً أن يضمن تمتع الروهينجا بحرية الحركة والحصول على المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها بشدة، وفور تحقق هذه الشروط يجب أن يسعى أيضاً إلى عودة أكثر من مليون روهنجي فروا إلى بنغلادش جراء موجات العنف المتلاحقة.
إن نبذ سياسات الماضي التمييزية وضمان المحاسبة هما خطوتان أساسيتان على طريق الإصلاح والمصالحة، وهما مهمتان من أجل أن يحظي جيش أراكان بالاعتراف والشرعية الدوليتين.
وفي النهاية، الاستقرار والسلم والرخاء في ولاية أراكان يتطلبوا الاحتفاء بالتنوع والاعتراف بفائدة المجتمع الشامل والذي لا زال الوصول إليه في متناول اليد.
*(الكاتب: إجاز مين خانت: هو ناشط حقوقي بمنظمة “فورتيفاي رايتس” الحقوقية، نشر المقال في موقع “فرونتير ميانمار” وترجمته وكالة أنباء أراكان)