ينبغي لبنغلاديش أن تجرب نهجاً جديداً لإعادة الروهينجا

ممثلون عن الروهينجا من مختلف المخيمات ينتظرون لقاء مندوبي ميانمار لمناقشة إمكانية العودة إلى الوطن في تكناف في بنغلادش، أكتوبر/تشرين الأول 2024
شارك

لقد برز جيش أراكان كقوة هائلة في ميانمار، حيث لعب قائده العام اللواء “توين مرات ناينج” دوراً محورياً في تحويل موقف المجموعة عسكرياً وسياسياً، ويسيطر جيش أراكان الآن على 11 بلدة من أصل 18 في ولاية أراكان، ومع هذه القوة المكتشفة حديثاً، أظهر انفتاحاً على إمكانية إعادة الروهينجا إلى وطنهم، وهذا يمثل فرصة حاسمة لبنغلادش لإعادة النظر في نهجها لحل واحدة من أكثر الأزمات صعوبة في المنطقة: العودة الآمنة لما يقرب من مليون لاجئ من الروهينجا يقيمون حالياً في بنغلادش.

تاريخياً، اعتمدت بنغلادش على الدبلوماسية مع الحكومة المدنية في ميانمار تحت قيادة أونج سان سو كي، وبعد الانقلاب العسكري في عام 2021، لجأت إلى التفاوض مع المجلس العسكري الحاكم، على إعادة الروهينجا إلى وطنهم، ومع ذلك، لم تسفر هذه الاستراتيجية عن نتائج ملموسة، وكان كل من سو كي و الجيش (التاتماداو)، متواطئين في خلق البيئة التي أدت إلى الهجرة الجماعية للروهينجا في عام 2017، وكان توقع أن يتفاوض أي من الطرفين بحسن نية دون ضغوط دولية كبيرة افتراضاً خاطئاً، مما أدى فقط إلى إطالة معاناة شعب الروهينجا وإجهاد موارد بنغلادش.

ونظراً لنفوذ جيش أراكان المتزايد وموقفه التقدمي نسبياً من قضية الروهينجا، يتعين على دكا أن تفكر في بناء علاقة إيجابية معه ومع حكومة الوحدة الوطنية، وهي حكومة الظل في ميانمار التي تشكلت بعد الانقلاب، وهذا يتطلب الاعتراف بسلطتهم، وتقديم الدعم الدبلوماسي على المنصات الدولية مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا، والعمل بشكل تعاوني لتطوير خطة إعادة اللاجئين قبل أي انهيار محتمل للحكومة العسكرية الحالية في ميانمار، ورغم أن هذا النهج محفوف بالمخاطر، فإنه قد يوفر أفضل أمل في التوصل إلى حل مستدام للأزمة.

كان النهج السابق الذي اتبعته بنغلادش في التعامل مع أزمة الروهينجا يرتكز على البراغماتية: الحفاظ على علاقة عمل مع أي جهة كانت في السلطة في ميانمار، سواء كانت حكومة “سو كي” المدنية أو المجلس العسكري الذي تولت السلطة في عام 2021، وكان هدف دكا هو تجنب المواجهة والعمل بهدوء خلف الكواليس لتشجيع العودة إلى الوطن.

وكان أحد الأخطاء الصارخة في هذا النهج هو قرارها بعدم الانضمام إلى قضية غامبيا ضد ميانمار في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وكانت هذه القضية، التي تتهم ميانمار بارتكاب إبادة جماعية ضد الروهينجا، ويمكن أن تكون بمثابة رافعة قوية لزيادة الضغط على حكومة ميانمار، ومع ذلك، خوفاً من رد فعل دبلوماسي، اختارت بنغلادش الحفاظ على موقف أكثر حذراً، والذي لم يفعل في النهاية شيئاً لتحريك البوصلة بشأن إعادة الروهينجا إلى أوطانهم.

إن السيطرة المتزايدة لجيش أراكان على ولاية راخين (أراكان)، موطن العديد من قرى أسلاف الروهينجا، تجعله لاعباً رئيسياً في أي جهود إعادة توطين مستقبلية، وعلى النقيض من جيش ميانمار، الذي لديه مصلحة راسخة في الحفاظ على الانقسامات العرقية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة به، يركز جيش أراكان بشكل أكبر على ترسيخ سلطته في المنطقة وبناء الشرعية السياسية، وما يجعل المجموعة فريدة من نوعها هو انفتاحها النسبي على إمكانية إعادة الروهينجا، كما تشير تصريحات ناينج، وهذا يمثل انحرافاً صارخاً عن موقف الجيش الميانماري، الذي نفى باستمرار حق الروهينجا في العودة، وبالنسبة لجيش أراكان، فإن إعادة الروهينجا الناجحة إلى وطنهم يمكن أن تعزز مكانته على الصعيدين المحلي والدولي.

وعلاوة على ذلك، أبدت رابطة أراكان المتحدة، الجناح السياسي للحركة، استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي ومعالجة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، وهذا يمثل فرصة لبنغلادش للتعاون مع شريك أكثر مصداقية في المفاوضات، ومن خلال بناء علاقة مع جيش أراكان وحكومة الوحدة الوطنية، يمكن لدكا أن تساعد في تمهيد الطريق لخطة إعادة اللاجئين التي تعطي الأولوية لسلامة وحقوق وكرامة شعب الروهينجا.

بطبيعة الحال، لن يكون تغيير سياسة بنغلادش تجاه جيش أراكان وحكومة الوحدة الوطنية خاليا من المخاطر، فالأول، على الرغم من قوته العسكرية، لا يزال جماعة متمردة ونواياه الطويلة الأجل فيما يتصل بالروهينجا لا تزال غير مؤكدة، بالإضافة إلى ذلك، قد ينظر المجلس العسكري إلى أي دعم صريح لأي من المجموعتين باعتباره عملاً عدائياً، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين بنغلادش وميانمار، وهناك أيضاً خطر أن المجتمع الدولي، وخاصة رابطة دول جنوب شرق آسيا، قد يتباطأ في الاعتراف بجيش أراكان وحكومة الوحدة الوطنية كجهات سياسية شرعية، مما يجعل التقدم الدبلوماسي أكثر صعوبة.

ولكن المكافآت المحتملة لهذه الاستراتيجية تفوق المخاطر إلى حد كبير، فالاستمرار في العمل مع نظام عسكري أظهر باستمرار سوء النية لن يؤدي إلا إلى إطالة معاناة الروهينجا، وعلى النقيض من ذلك، فإن التعامل مع جيش أراكان وحكومة الوحدة الوطنية قد يؤدي إلى حل أكثر استدامة وعدالة، وهو الحل الذي يسمح للروهينجا بالعودة إلى ديارهم مع ضمانات السلامة والمواطنة.

ولقد فشل النهج الحالي في التعامل مع قضية إعادة الروهينجا، ويتعين على بنغلاديش أن تتبنى استراتيجية أكثر ديناميكية تعترف بديناميكيات القوة المتغيرة في ميانمار وظهور جهات فاعلة جديدة، ومن خلال بناء علاقة إيجابية مع هذه المجموعات، تستطيع دكا أن تضع نفسها في موقع الزعيم الإقليمي في إيجاد حل لأزمة الروهينجا.

وسوف يتطلب هذا الأمر تحقيق توازن دقيق بين تقديم الاعتراف الدبلوماسي والدعم لجيش أراكان وحكومة الوحدة الوطنية مع الاستمرار في التعامل مع المنظمات الدولية والقوى الإقليمية مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا، ولكن في ظل غياب أي خيارات أخرى قابلة للتطبيق على الطاولة، فإن هذا المسار الأطول والأكثر خطورة قد يكون السبيل الوحيد لحل أزمة الروهينجا بشكل عادل ودائم.

(الكاتب: الدكتور عظيم إبراهيم: هو مدير المبادرات الخاصة في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في واشنطن العاصمة، نشر المقال في موقع “عرب نيوز” وترجمته وكالة أنباء أراكان)

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.