هل يمتلك جيش أراكان القدرة على حكم ولاية أراكان؟

عناصر من جيش أراكان أمام مقر عسكري تابع لجيش ميانمار في بلدة "آن" بولاية أراكان بعد سيطرتهم عليه أثناء الهجوم على المقر العسكري الإقليمي الغربي، 13-11-2024 (صورة: AA Info Desk)
عناصر من جيش أراكان أمام مقر عسكري تابع لجيش ميانمار في بلدة "آن" بولاية أراكان بعد سيطرتهم عليه أثناء الهجوم على المقر العسكري الإقليمي الغربي، 13-11-2024 (صورة: AA Info Desk)
شارك

بينما يحرز جيش أراكان المزيد من التقدم في مواجهة قوات مجلس إدارة الدولة (المجلس العسكري) الحاكم في أراكان، يتساءل محللون عن القدرات الإدارية التي يمتلكها جيش أراكان الذي حقق زخماً متزايداً ضد قوات المجلس العسكري منذ نوفمبر 2023 عندما فتح جبهة جديدة كجزء من العملية 1027، وهي معركة منسقة بدأت في أكتوبر 2023 في شمال ميانمار.

تشكل جيش أراكان في 2009 بهدف تحقيق الحكم الذاتي لولاية أراكان، وأصبح الآن أقوى جماعة مسلحة في البلاد، فقد أسس تسع مناطق عسكرية في الولاية ونشر آلاف الجنود في المناطق الحليفة له.

في بداية نوفمبر 2023 هاجم جيش أراكان قوات المجلس العسكري في عدة مواقع في غرب ميانمار، خارقاً بذلك سنوات من وقف إطلاق النار غير الرسمي، واستمر القتال بشدة وامتد من المناطق الريفية إلى الحضرية من شمالي إلى جنوبي أراكان، وفي منتصف أكتوبر 2024 سيطر جيش أراكان على أكثر من ثلثي مساحة أراكان بما فيها المناطق المحيطة بمدينة “سيتوي” عاصمة الولاية والقيادة العسكرية الغربية لجيش ميانمار في “آن”.

ومنذ انقلاب جيش ميانمار على السلطة عام 2021، توقع مراقبون أن ولايتي “تشين” و”كاياه” ستكونان الأقرب إلى التحرر من سيطرة المجلس العسكري، إلا أن مكاسب جيش أراكان الكبيرة بعد تجدد القتال في أراكان خلقت توقعات جديدة بأن أراكان ستكون الولاية الأولي التي تتحرر بشكل كامل.

ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة حول حجم هذا التحرير خاصةً أن قوات المجلس العسكري تقصف مناطق مختلفة من أراكان بحراً وجواً، وبينها مناطق انتزعها جيش أراكان من قبضة المجلس العسكري.

كما توجد مخاوف بشأن عدم الاستقرار في المنطقة بالنظر إلى احتمال نشوب اشتباكات مسلحة بين جيش أراكان والمجموعات الروهنجية المسلحة مثل جيش إنقاذ روهنيجا أراكان (ARSA) ومنظمة التضامن مع الروهينجا (RSO) والمجندين الروهينجا في صفوف جيش ميانمار.

وتقول مجموعة الأزمات الدولية إن نجاح جيش أراكان في فرض سيطرة حقيقية على مساحات واسعة من أراكان بعد طرد قوات المجلس العسكري لا ينفي وجود تحديات أمامه تتعلق بالتعامل مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في الولاية.

وتظل بنغلادش والهند اللتان تحدان ولايتي أراكان وتشين بميانمار حذرتان من التعامل مع الجماعات المسلحة في ميانمار على عكس الصين أو تايلاند، وليس لدى بنغلادش والهند روابط اقتصادية وتجارية مباشرة مع ولاية أراكان، إذ أن ضعف شبكة المواصلات الرابطة بينهم يجعل سكان أراكان معتمدون بشدة على المناطق التي يسيطر عليها المجلس العسكري في وسط ميانمار للحصول على السلع الأساسية والطهرباء والاتصالات والخدمات البنكية.

وأطلقت المكاسب الأخيرة التي حققها جيش أراكان العنان لخيالات السكان المحليين بشأن حكمهم الذاتي، إذ يذكر الكثيرون في أراكان القمع الوحشي الذي تعرضت له ثورة أراكان المسلحة ضد جيش ميانمار، مثل عملية “ليتش” في عام 1998 التي شنتها المخابرات الهندية بالتعاون مع نظام ميانمار.

وتزيد رغبة شعب أراكان القديمة في تحقيق مزيد من الحكم الذاتي من أهمية احتمالات تحقق ذلك الآن في الولاية، وربما يمثل النجاح العسكري الحالي لجيش أراكان أول إنجاز مهم منذ عام 1785 عندما سقطت (احتلت) مملكة أراكان وأصبحت تابعةً لمملكة بورما في ماندالاي.

وربما لا يملك جيش أراكان القدرات الكاملة لحكم أراكان، إلا أنه أظهر قدرة على النمو، فقد تحول من انتماء 26 شخصاً فقط له في عام 2009 إلى تجنيد 40 ألف شخص تقريبا.

ويقدم جيش أراكان خدمات إدارية وقضائية في أجزاء عديدة من ولاية أراكان حتى قبل انقلاب عام 2021، وبالتالي يتمتع بخبرة مباشرة في الحكم، كما سعى إلى سد نقاط ضعفه الإدارية من خلال تدريب الموظفين وإنشاء مدرسة للإدارة العامة والسياسة يديرها بشكل أساسي أفراد من أراكان تلقوا تعليمهم في الخارج، وتشمل الدورات السياسة العامة، واللغة الإنجليزية، والقيادة، والسياسة.

كما يحصل جيش أراكان على دعم متنامي من شعب أراكان منذ بدء القتال ضد الجيش في بدايات عام 2015، وسعى عقب تشكيل إدارته عام 2020 إلى ترسيخ شرعيته بين المجتمعات المتنوعة في ولاية أراكان بما في ذلك الروهينجا، فقد دعا جيش أراكان ممثلين من الروهينجا للانضمام لآلية الحوكمة الخاصة به، وتبنى دوراً قيادياً في عملية التعافي من إعصار “موكا”، وينبغي أن تستمر مثل هذه الجهود الشاملة.

إن التفاعلات المحدودة الحالية بين جيش أراكان والهند وبنجلاديش قد تتغير إذا توسعت سيطرته الإدارية على أراكان، فقد التقى ممثلو ولاية ميزورام الهندية بقائدي جيش أراكان في أواخر العام الماضي، ومع ذلك فمن غير المرجح أن يتمكن أي من البلدين من الاعتراف الكامل بجيش أراكان كجهة فاعلة في الدولة.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن إعادة اللاجئين تشكل التحدي الرئيسي في التفاعلات بين بنغلادش وجيش أراكان في حين أن مشروع ممر النقل متعدد الوسائط في كالادان سيؤثر جزئياً على العلاقات المستقبلية بين الهند وجيش أراكان.

إن جيش أراكان يقف الآن عند مفترق طرق حيث قد تؤدي إنجازاته العسكرية إما إلى تقدم محتمل نحو مزيد من الحكم الذاتي في أراكان، أو تعرضه لتحديات متعددة الجوانب للحكم، وسوف يكون لكيفية تعامله مع هذه التحديات عواقب على مسار ولاية أراكان في المستقبل والمشهد الأوسع للنضال المسلح في ميانمار.

*(الكاتب: كياو حسن هلاينج: هو طالب دكتوراة بمجال العلوم السياسية بجامعة كورنيل الأمريكية، ويكتب عن حقوق الإنسان والتحولات السياسية والحرب الأهلية والانقلاب العسكري في ميانمار في مجلات عالمية منها مجلة Time و Foreign Policy و The Diplomat، نشر المقال في موقع Fulcrum وترجمته وكالة أنباء أراكان)

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.