إعادة النظر في سياسة بنغلادش تجاه الروهينجا

لاجئون من الروهينجا يفرون من حملة الإبادة الجماعية في ميانمار ، أغسطس/ آب 2017 (صورة: رويترز)
شارك

لا تزال أزمة الروهينجا مستمرة حتى بعد مرور سبع سنوات دون أي أمل في إعادتهم إلى وطنهم قريباً، منذ الانقلاب في فبراير 2021، تآكلت قيادة جيش ميانمار بشكل كبير، هناك لاعبون جدد على مستوى الاتحاد. في ولاية أراكان، إذ برز جيش أراكان كقوة مهيمنة واتخذ موقفاً مناهضاً للروهينجا.

وتواجه بنغلادش مرة أخرى موجة نزوح جديدة، وعلى المستوى العالمي، تطغى الصراعات في أوكرانيا وغزة على أزمة الروهينجا، وفي الوقت نفسه، تولت حكومة مؤقتة مختلفة تماماً الحكم في بنغلادش، وكل هذا يتطلب الآن تأملاً عميقاً في السياسة التي تنتهجها حكومة رابطة عوامي تجاه الروهينجا.

ومع تطور أزمة الروهينجا في عامي 2016 و2017، تبنت بنغلادش إطاراً سياسياً لإدارة أزمة الروهينجا، يتألف من العودة المستدامة والنهج العام تجاه ميانمار، وكان الإطار يتألف من ثلاثة مكونات رئيسية: 1- المساعدات الإنسانية، 2- معالجة “الأسباب الجذرية” في راخين ميانمار من أجل العودة المستدامة، 3- محاسبة الجناة.

ونظراً لتركيزها الأساسي على الإعادة المبكرة إلى الوطن، فقد أبدت بنغلادش دوماً تحفظات قوية على العمل بأجر، والعمل لحسابها الخاص، وحرية التنقل، والحق في اختيار الإقامة، وأحكام التجنس المنصوص عليها في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وكانت مثل هذه الالتزامات بالنسبة لبنغلادش غير قابلة للتطبيق سياسياً وديموغرافياً واقتصادياً.

وهكذا استقرت بنغلادش على تسمية “مواطني ميانمار النازحين قسراً”، وليس اللاجئين، وفي المخيمات التي تعاني من قيود على الوصول والفرص، أظهر الروهينجا ميلاً متزايداً إلى ارتكاب الجرائم، وقد أدت الأنشطة غير المقيدة التي تقوم بها “نظمة التضامن مع الروهينجا”، و”جيش إنقاذ الروهينجا” في أراكان إلى تفاقم انعدام الأمن في المخيمات.

ولقد نظرت ميانمار تاريخياً إلى الروهينجا، وهي عرقية تربطها روابط عرقية ولغوية ودينية عميقة بالبنغال سابقاً، واعتبرتهم غرباء، ولا تزال ميانمار تنظر إلى الروهينجا من خلال منظور انعدام الأمن، وكانت سياستها وأفعالها مدفوعة برغبة في ضمان التوازن الديموغرافي في شمال راخين (أراكان) وأولوية وطنية محددة منذ فترة طويلة “للدفاع عن البوابة الغربية”، كما يأتي انعدام الأمن في ميانمار من جارتها الغربية، بنغلاديش.

بحلول يوليو/ تموز 2024، برز جيش أراكان في ولاية أراكان باعتباره السلطة الفعلية في منطقة مايو-كالادان-ليمرو، الموطن التقليدي للروهينجا، وباعتباره القوة المسيطرة بحكم الأمر الواقع، فإن جيش أراكان يمتلك كل المقومات في أراكان وله الكلمة الأخيرة في إعادة اللاجئين إلى أوطانهم، ومع ذلك، يظل جيش ميانمار وحكومة الوحدة الوطنية من أصحاب المصلحة المهمين على قدم المساواة فيما يتعلق بإعادة اللاجئين إلى أوطانهم ومنحهم الجنسية.

لقد أرسلت قيادة جيش أراكان إشارات لإقامة اتصالات، لكن بنغلادش تجاهلتها رسمياً، ولا يمكن أن نتوقع أن يرضى جيش أراكان بتسليم بنغلاديش 700 مقاتل إلى ميانمار، كما أن التقارير التي تتحدث عن تجنيد مقاتلين من الروهينجا في معسكرات في بنغلادش، ومنظمة “RSO” للقتال إلى جانب جيش ميانمار هي سبب آخر لاتخاذ جيش أراكان موقفاً مناهضاً للروهينجا.

ومن المهم أن نلاحظ أن جيش أراكان ورابطة أراكان المتحدة أصبحا الآن، بفضل سيطرتهما الإقليمية على الولاية، أمام فرصة تاريخية لتحقيق حلمهما في أراكان، ومن غير الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانا سيسعيان إلى تحقيق هذا الحلم كجزء من هيكل فيدرالي حقيقي داخل اتحاد ميانمار أو منطقة شبه مستقلة، وفي حين يسعيان إلى إدارة الولاية، فإنهما يواجهان مهمة عاجلة تتمثل في ترتيب الإمدادات الإنسانية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في أراكان وإحياء الزراعة.

فضلاً عن ذلك فإن عسكرة كل المجتمعات تقريباً في ولايتي أراكان وتشين تشكل مصدراً لعدم الاستقرار في ولاية ميزورام المجاورة، ومنطقة تلال شيتاجونج، بل وحتى بعض مناطق شيتاجونج، ويشير ظهور الصراعات العرقية مؤخراً في مانيبور وناجالاند إلى ضعف الهند في المناطق الحدودية ومشروعها المتعدد الوسائط في كالادان، وللصين مصالح مباشرة في ميناء كياوكفيو، وخطوط أنابيب النفط والغاز إلى يونان، وفي الوقت نفسه، أبدت الولايات المتحدة اهتمامها الشديد بميانمار.

إن تعدد الجهات الفاعلة ومصالحها الجيوستراتيجية المتنوعة تجعل الأمور غير متوقعة تماماً في المناطق المتاخمة لبنغلادش وميانمار والهند والصين، ونظراً لتوقعات عدم الاستقرار الإقليمي، لا يمكن للمرء أن يستبعد انزلاق بنغلادش إلى دوامة من الصراع العسكري، في عام 2017، قام جيش ميانمار والقوات شبه العسكرية بالعديد من الأشياء لجر بنغلاديش إلى صراع مسلح.

وعلى هذا فإن بنغلادش مضطرة إلى بذل جهود شاقة للغاية في سبيل إيجاد نهج متوازن في التعامل مع أراكان وميانمار، ويتعين على بنغلادش أن تعيد النظر في إطار سياساتها القديمة، وكجزء من المراجعة العاجلة، يتعين على بنغلادش أن تقوم بما يلي:

أولاً: إشراك جميع أصحاب المصلحة المحليين في تطوير سياسة جديدة تجاه الروهينجا وميانمار.

ثانياً: التفكير بجدية في الخدمات الإضافية التي يمكن تقديمها للروهينجا، مثل الوصول إلى فرص العمل والتعليم فضلاً عن حرية التنقل، مع أو بدون تغيير التسمية للإشارة إلى الروهينجا في بنغلادش.

ثالثا: ضمان اتخاذ تدابير أمنية أكبر في المخيمات والمناطق المجاورة لها للسيطرة على الجماعات المسلحة من الروهينجا.

رابعاً: النظر في بعض أشكال المشاركة (غير المباشرة) المناسبة مع التحالف “جيش أراكان/ رابطة أراكان المتحدة” ومناقشة الخدمات الأساسية وحرية التنقل والمواطنة لمجتمع الروهينجا، وإشراك حكومة الوحدة الوطنية لتأمين مسار واضح نحو المواطنة لمجتمع الروهينجا.

خامساً: البقاء منفتحين على النظر في إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى ولاية أراكان عبر بنغلادش؛ وفيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي لولاية أراكان، قد تستكشف بنغلادش جميع الخيارات للتفاعل الاقتصادي مع منطقة “تشاتوغرام” وكذلك إتاحة وصول منتجات أراكان إلى العالم الخارجي من خلال ربط سلسلة القيمة المناسبة.

ونظراً لتغير الحقائق على الأرض والضغوط الجديدة التي يواجهها اللاجئون، قد تعمل بنغلادش على إشراك أصحاب المصلحة الدوليين في تطوير مناطق آمنة داخل أراكان لوقف تدفق جديد للروهينجا والنظر في خيارات تعزيز الوصول الإنساني.

وقد يُطلب منهم المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في ولاية أراكان وتوفير مجموعة من سبل العيش للعائدين من الروهينجا، وبعيداً عن العدالة الجزائية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، ينبغي لهم أن يبدؤوا العمل على معالجة الصدمات والمصالحة بين الروهينجا المسلمين والراخين البوذيين.

باختصار، تحتاج بنغلادش إلى نشر نوع جديد من الدبلوماسية الاستباقية والإبداعية لإشراك مختلف أصحاب المصلحة من أجل تحقيق نتائج أفضل في حل أزمة الروهينجا وبناء علاقات متعددة الطبقات ومفيدة للطرفين مع ميانمار.

(الكاتب: محمد صفي الرحمن، سفير بنغلادش السابق لدى ميانمار وزميل باحث أول في جامعة شمال وجنوب SIPG، نشر المقال في موقع prothomalo وترجمته وكالة أنباء أراكان)

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.