لاجئو الروهينجا مكبلون بقيود الإهمال والاضطهاد في الهند

أسرة من الروهينجا في أحد الملاجئ المؤقتة بمدينة "نيودلهي" الهندية في 14-6-2024 (صورة: Reuters)
أسرة من الروهينجا في أحد الملاجئ المؤقتة بمدينة "نيودلهي" الهندية في 14-6-2024 (صورة: Reuters)
شارك

وكالة أنباء أراكان | خاص

في حين يقع التركيز الأكبر على لاجئي الروهينجا في بنغلادش التي تستضيف العدد الأكبر منهم، لا يسلط الضوء على الآلاف من لاجئي الروهينجا في الهند والذين يواجهون ظروفاً شديدة الصعوبة أبرزها التمييز ضدهم مقارنة بالجنسيات الأخرى من اللاجئين في البلاد وما ينطوي عليه من تضييق في كافة مناحي الحياة.

ويوجد في الهند أكثر من 22 ألف لاجئ روهنجي مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) يعيش أغلبهم في أكواخ بمناطق فقيرة بمختلف أنحاء الهند، حيث يعيشون مهددين بملاحقة السلطات والاحتجاز دون تهم أو بالترحيل إلى ميانمار، فضلاً عن حرمانهم من خدمات الصحة والتعليم.

وأكد تقرير أصدرته منظمة “اللاجئين الدولية” أن الروهينجا من أكثر المجموعات تعرضاً للإهمال والاضطهاد بين اللاجئين في الهند، وأن هناك تبايناً صارخاً في طريقة معاملة لاجئي الروهينجا مقارنة بمجموعات اللاجئين الأخرى مثل أولئك القادمين من سريلانكا والتبت، وأنهم معرضون باستمرار لخطر العنف من قبل السلطات والمجتمعات المضيفة والجماعات السياسية.

وقالت المنظمة إن الهند تفتقر إلى سياسة موحدة للاجئين، وتتعامل مع المجموعات المختلفة للاجئين وفق المصالح الجيوسياسية والدبلوماسية المتغيرة للحكومة، ففي حين يمنح اللاجئين من سريلانكا والتبت وأفغانستان شهادات اللجوء أو تأشيرات طويلة الأجل فإن معظم لاجئي الروهينجا، رغم تسجيلهم لدى مفوضية اللاجئين، يواجهون الاعتقال التعسفي وعدم الاعتراف ببطاقات المفوضية الخاصة بهم.

ولفتت إلى أن قانون تعديل المواطنة لعام 2019 والذي يسرع منح الجنسية الهندية للأقليات الدينية المضطهدة من باكستان وبنغلادش وأفغانستان -باستثناء المسلمين- يؤدي إلى تفاقم التمييز الذي يواجهه مسلمو الروهينجا على أساس هويتهم في الهند ويعزز احتجازهم التعسفي غير المحدود بمدد.

احتجاز دون قيد أو شرط

ويجعل انعدام الوضع القانوني الواضح لاجئي الروهينجا في الهند عرضة للاحتجاز التعسفي والترحيل باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين، حيث تم ترحيل 16 لاجئاً روهنجياً بين عامي 2017 و2022 إلى ميانمار، واحتجز عدد كبير منهم بشكل غير قانوني في السجون ومراكز الاحتجاز في ظل نقص الاحتياجات والمساعدة القانونية.

معسكر "ماتيا" الذي يعد أكبر مركز احتجاز للروهينجا في ولاية "آسام" الهندية (صورة: Refugees International)
معسكر “ماتيا” الذي يعد أكبر مركز احتجاز يعيش به الروهينجا في ولاية “آسام” الهندية (صورة: Refugees International)

وتشير تقديرات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى وجود 676 لاجئاً من الروهينجا في مراكز احتجاز المهاجرين في جميع أنحاء الهند، يحتجز 608 منهم دون وجود قضايا أو أحكام ضدهم، كما أن ما يقرب من 50% من المحتجزين هم من النساء والأطفال.

ورغم اعتراف الهند بتعرض الروهينجا للاضطهاد في ميانمار، إلا أنها تثير قضية الأمن القومي عندما يتعلق الأمر باضطهاد لاجئي الروهينجا في الهند، فكثيراً ما وصفهم المسؤولون البارزون بأنهم “إرهابيون” و”نمل أبيض”.

وتقول المنظمة إن الحكومة الهندية تقدم تعريفاً غامضاً لمفهوم “الاحتجاز” حيث يتم استخدام ما تسميه الحكومة “مراكز مؤقتة” كأماكن لاحتجاز لاجئي الروهينجا في أماكن تشبه السجن حيث يتم قطع الروهينجا عن العالم الخارجي، وتوجد هذه المراكز في مناطق عديدة، ويصنف معسكر “ماتيا” في ولاية “آسام” بأنه أكبر مركز احتجاز في البلاد ويضم 103 من النساء والأطفال والرجال من الروهينجا.

السجن بالخارج أيضاً

كما لا تنتهي المعاناة بالنسبة إلى لاجئي الروهينجا في الهند ممن هم خارج مراكز الاحتجاز، حيث يواجهون أصنافاً أخرى من العقبات والتمييز والملاحقة.

وفي نوفمبر الماضي، أطلقت السلطات الهندية في ولاية “جامو وكشمير” حملة أمنية ضد لاجئي الروهينجا بهدف وقف تدفقهم إلى البلاد، وعكفت خلال حملتها على القبض على لاجئي الروهينجا وعلى ملاك العقارات ممكن أجروا لهم المنازل ولجأت إلى قطع المياه والكهرباء عن مساكنهم لدفعهم إلى مغادرتها.

وعللت السلطات الهندية تحركها نحو 400 أسرة من الروهينجا في مدينة “جامو” بأنه مدفوع باعتبارات أمنية وأن ملاك العقارات أجروا المنازل لمهاجرين غير شرعيين دون تنسيق مع السلطات بالمخالفة للقانون.

فردان من الشرطة الهندية يفتشان مساكن الروهينجا في مدينة "جامو" في إطار الحملة الأمنية التي تستهدف طردهم من المنازل في 26-11-2024 (صورة: The Hindu)
فردان من الشرطة الهندية يفتشان مساكن الروهينجا في مدينة “جامو” في إطار الحملة الأمنية التي تستهدف طردهم من المنازل في 26-11-2024 (صورة: The Hindu)

ونقلت صحيفة “ذا إنديان إكسبرس” عن مهندس في إدارة تطوير الطاقة تحدث شرط السرية قائلاً “تلقينا أوامر من مكتب نائب مفوض جامو بقطع إمدادات الكهرباء والمياه عن الأراضي التي كان يقيم فيها الروهنجيون بشكل غير قانوني”.

كما ثارت في الهند مؤخراً حملة اتهامات سياسية متبادلة بين وزراء تبادلوا اتهامات السماح للروهينجا بالإقامة في البلاد والتنقل بين الولايات وتوفير الخدمات والسكن والمرافق لهم، وتعد قضية الروهينجا من بين القضايا الرئيسية التي تثار بشكل دوري مع اقتراب الانتخابات في الهند.

ويواجه أطفال الروهينجا قيوداً شديدة على السماح لهم بالحصول على التعليم في المدارس الحكومية وهي عقبات لا يواجهها أطفال مجموعات اللاجئين الأخرى في الهند، حتى مع تقديمهم الوثائق اللازمة بما في ذلك بطاقات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويعتقد أن الحملة المناوئة لمسلمي الروهينجا في الهند اشتدت على مدار العشر سنوات الأخيرة مع إعادة انتخاب رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وحزبه “بهاراتيا جاناتا” في عام 2019، وتنتهج الحكومة بشكل واضح سياسات مناهضة للمهاجرين والمسلمين بشكل خاص.

وتوصي المنظمات بضرورة وقف احتجاز لاجئي الروهينجا والعمل على تحسين أوضاعهم وتقنينها وأن تلتزم الهند بالمعايير الدولية فيما يتعلق بالروهينجا الفارين إلى الهند من العنف والاضظهاد الذي واجهوه لعقود في ميانمار.

وفرَّ أكثر من مليون شخص من الروهينجا من ميانمار بعد حملة “الإبادة الجماعية” التي شنها جيش البلاد ضدهم عام 2017، وتوجه أغلبهم إلى بنغلادش، فيما يدفع العنف والظروف المعيشية الصعبة في مخيمات اللجوء هناك أعداداً منهم لمحاولة الانتقال لبلدان أخرى بحثاً عن فرص أفضل للعيش، مثل الهند وإندونيسيا وماليزيا.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.