خفض مساعدات برنامج الأغذية العالمي طوق يضيق على أعناق الروهينجا

أحد لاجئي الروهينجا في بنغلادش يروي لوكالة أنباء أراكان تداعيات خفض المساعدات على حياة أسرته، 8-3-2025 (صورة: ANA)
أحد لاجئي الروهينجا في بنغلادش يروي لوكالة أنباء أراكان تداعيات خفض المساعدات على حياة أسرته، 8-3-2025 (صورة: ANA)
شارك

وكالة أنباء أراكان | خاص 

مثلت أنباء اعتزام برنامج الأغذية العالمي تخفيض الدعم المقدم للاجئي الروهينجا في بنغلادش للنصف تقريباً صدمة في مجتمع اللاجئين، الذين أكدوا أن القرار يعني الموت جوعاً لهم ولأطفالهم، إذ يعتمد السواد الأعظم من لاجئي الروهينجا على المساعدات للعيش.

فبينما يعيش أكثر من مليون لاجئ من الروهينجا في مخميات منطقة “كوكس بازار”، ما يمثل طاقة بشرية هائلة، إلا أنهم محرومون من العمل بشكل رسمي كما توجد الكثير من القيود على تحركاتهم، ما يجعلهم معتمدين بشكل كلي على ما تقدمه المنظمات الإغاثية من مساعدات مالية وغذائية ورعاية طبية، ويجعل أي اضطراب في تدفق تلك المساعدات زلزالاً يضرب جنبات حياتهم واستقرارها الواقع بالأساس على المحك.

ويقدم برنامج الأغذية العالمي للاجئي الروهينجا قسائم غذائية بقيمة 12.5 دولاراً أمريكياً للفرد شهرياً يتم استبدالها بأطعمة من اختيارهم لدى تجار التجزئة المعينين في المخيمات، لكن المنظمة أعربت في الأيام الأخيرة عن مخاوفها من الاضطرار لتخفيض فيمة المساعدات إلى 6 دولارات فقط بدءاً من أبريل المقبل، وهو ما لا يسد الرمق لأيام في ظل ارتفاع أسعار السلع في المخيمات.

ضربة قاضية

وأكد عدد من لاجئي الروهينجا في مخيمات بنغلادش لوكالة أنباء أراكان أن تنفيذ هذا القرار سيكون مدمراً لحياتهم، إذ سيزيد معاناتهم ويجعل الحياة أكثر قسوة عليهم وعلى أطفالهم، وذلك وفق كلماتهم.

اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش سيد حسين، 8-3-2025 (صورة: ANA)
اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش سيد حسين، 8-3-2025 (صورة: ANA)

وقال اللاجئ سيد حسين إن الأسر كانت تعتمد على تلك المساعدات لإعالة أطفالها وتوفير الاحتياجات الأساسية، وأضاف “كيف سيمكننا العيش بهذا المبلغ الضئيل، نحن لا نستطيع العمل أو التكسب هنا، ولا يوجد أي مصدر دخل آخر، جميع الروهينجيين في قلق شديد وهمّ مستمر، فالحياة أصبحت أكثر صعوبة، ولا نعلم كيف سنواجه الأيام المقبلة”.

كما أبدى اللاجئ الروهنجي رشيد أحمد تعجبه من كيف يمكن لهذا المبلغ الضئيل أن يساعد الأسر على العيش، قائلاً “كيف يمكننا العيش بـ 6 دولارات فقط؟ كيف نعول أسرنا ونتصرف في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها هنا؟ بالكاد نتمكن من شراء الأرز، فماذا سنفعل إذا خفضوا الإعانة؟ ماذا سنشتري؟ الحياة أصبحت أصعب مما نتخيل، ولا نعلم ماينتظرنا الأيام القادمة”.

وقالت لاجئة روهنجية مسنة لوكالة أنباء أراكان حول قرار تخفيض المساعدات “حتماً يريدوننا أن نموت، كيف سنعيش وكيف سندبر أمورنا إذا خفضوا الإعانة، فالحياة صعبة جداً والظروف قاسية ولا نملك وسيلة أخرى لتدبير أمورنا”، مطالبة بتقديم الدعم اللازم للاجئي الروهينجا في المخيمات والنظر لحالهم الصعب.

لاجئة روهنجية مسنة في بنغلادش تشكو من تداعيات خفض المساعدات على حياتها، 8-3-2025 (صورة: ANA)
لاجئة روهنجية مسنة في بنغلادش تشكو من تداعيات خفض المساعدات على حياتها، 8-3-2025 (صورة: ANA)

وفي السياق ذاته، ناشد اللاجئ حيات حسين العالم أن يدعم لاجئي الروهينجا إذ أن المساعدات كانت بالكاد توفر لهم الاحتياجات الضرورية، كما صرح اللاجئ محمد إلياس قائلاً “نناشد العالم أن يقف معنا في أزمتنا، أن ينظر إلى حالنا حتى لا نموت جوعاً في هذه الظروف”.

تداعيات أخرى

ولا تشي تلك الكبوة في تقديم المساعدات للاجئي الروهينجا فقط باحتمال توحش شبح الجوع والفقر والتهامه ما يزيد على مليون لاجئ في بنغلادش، لكنها تنذر بتهديدات ومخاطر اجتماعية حذر منها خبراء ومسؤولون تشمل انتشار الجريمة في المخيمات.

وحذر رئيس جمعية روهينجا أراكان للسلام وحقوق الإنسان (ARSPH) محمد زبير، في تصريح لصحيفة “دكا تريبيون” البنغلادشية، من أن تقليل المساعدات سيحول المخيمات إلى بيئة حاضنة لانتشار الجرائم، مضيفاً أن حالات القتل والسرقة والخطف وأنشطة العصابات ستتصاعد بسبب معاناة الناس لجلب قوتهم، وأنه على المجتمع الدولي أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرارات مماثلة.

اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش رشيد أحمد، 8-3-2025 (صورة: ANA)
اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش رشيد أحمد، 8-3-2025 (صورة: ANA)

كما أكد قادة روهنجيون محليون في المخيمات أن هذا القرار يعني قطعاً الموت جوعاً للاجئي الروهينجا في بنغلادش، وأن مبلغ 12.5 دولاراً لم يكن كافياً بالأساس وأن تقليلها إلى النصف تقريباً يعني الموت المحقق.

وقال مفوض إغاثة وإعادة اللاجئين في بنغلادش محمد ميزان الرحمن إن تخفيض المساعدات سيكون له تأثير مدمر على سكان الروهينجا في المخيمات وأن حتى صحتهم العقلية سوف تتأثر، وعزا المسؤول القرار إلى تعليق الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها عالمياً إذ أنها كانت الممول الرئيسي بنسبة 80% لبرنامج الأغذية العالمي للروهينجا في مخيمات اللاجئين.

كما أكدت ممثلة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بنغلادش “سومبول ريزفي” أن خفض المساعدات الإنسانية سيعرض الروهينجا لمزيد من الجوع والمرض وسوف يزيد من انعدام الأمن واليأس، وقالت لوكالة أنباء الأناضول “نحن بحاجة إلى دعم وإنسانية المجتمع الدولي المشتركة”.

اللاجئ الروهنجي في بنغلادش محمد إلياس خلال حديثه مع وكالة أنباء أراكان، 8-3-2025 (صورة: ANA)
اللاجئ الروهنجي في بنغلادش محمد إلياس خلال حديثه مع وكالة أنباء أراكان، 8-3-2025 (صورة: ANA)

من جانبه، قال مدير برنامج الأغذية العالمي في بنغلادش “دوم سكالبيلي” إن الروهينجا يعتمدون بشكل كلي على المساعدات وأن أي خفض في المساعدات الغذائية من شأنه أن يدفعهم نحو مزيد من الجوع ويجبرهم على اللجوء إلى تدابير يائسة لمجرد البقاء على قيد الحياة.

وأكد قائلاً “يحتاج الروهينجا إلى وقوفنا معهم الآن أكثر من أي وقت مضى، فليس لهذه الأسر مكان آخر تذهب إليه، والمساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي هي الفيصل بين الحياة واليأس، وهناك حاجة ماسة إلى الدعم الفوري لمنع تفاقم هذه الأزمة”.

ولكي يحافظ برنامج الأغذية العالمي على الحصص الغذائية كاملة، يحتاج بشكل عاجل إلى 15 مليون دولار أمريكي لشهر أبريل المقبل، بالإضافة إلى 81 مليون دولار أمريكي حتى نهاية عام 2025، وذلك حسبما أفاد البرنامج على موقعه الرسمي.

اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش حيات حسين، 8-3-2025 (صورة: ANA)
اللاجئ الروهنجي في مخيمات بنغلادش حيات حسين، 8-3-2025 (صورة: ANA)

في عام 2023، اضطر برنامج الأغذية العالمي على خفض الحصص الغذائية من 12 دولاراً أمريكياً إلى 8 دولارات للشخص الواحد شهريًا، مما أدى إلى انخفاض حاد في استهلاك الغذاء ووصول مستويات سوء التغذية بين الأطفال إلى 15% وهو المستوى الأسوأ منذ عام 2017، وتم رفع الدعم مجدداً في أغسطس 2024 بعد تلقي التمويل اللازم.

وتحذر المنظمات من أن خفض المساعدات من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مخاطر الحماية والأمن، وتؤكد أنه رغم أن اللاجئين هم من المجموعات الأكثر ضعفاً إلا أنهم عادةً أول من يواجه تخفيضات في المساعدات في مختلف أنحاء العالم.

ويعيش في بنغلادش أكثر من مليون من لاجئي الروهينجا الفارين من العنف والاضطهاد في ميانمار جراء تعرضهم لحملة إبادة جماعية من قبل جيش ميانمار في عام 2017، ويعيشون في خيام مكدسة وظروف معيشية صعبة بمنطقة “كوكس بازار” التي تصفها الأمم المتحدة بأنها أكبر مخيم للاجئين في العالم.

 

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.