وكالة أنباء أراكان
أكدت منظمة “اللاجئين الدولية” في تقرير حديث لها أن تقليص المساعدات الدولية المقدمة للاجئي الروهينجا خلال الشهور الماضية تسبب في تآكل الإنجازات التي تم تحقيقها في مجالات الصحة والأمن والاستقرار في مخيمات بنغلادش، كما أثر على الآفاق المستقبلية لحل أزمتهم المزمنة.
وأعربت المنظمة عن مخاوفها من أن يتسبب المزيد من تقليص الدعم في المزيد من الأضرار البالغة على حياة لاجئي الروهينجا وأن يدفعهم نحو آليات تكيف يائسة تخاطر بحياتهم، مطالبةً بأن يكون استئناف وزيادة المساعدات أولوية عالمية بهدف تلبية الاحتياجات العاجلة وتوفير فرص مستقبلية للروهينجا لحياة تتجاوز واقع النزوح.
آثار ممتدة
وخلال زيارة فريق المنظمة لعدد من مخيمات الروهينجا ببنغلادش في مارس الماضي، التقى الفريق بمسؤولين حكوميين وأممين ومسؤولي منظمات غير حكومية محلية ودولية وأخرى يديرها الروهينجا إضافة إلى عدد من اللاجئين، وأكدت المنظمة أنها لمست آثاراً سلبية واسعة النطاق لتقليص الدعم الدولي وخاصةً الأمريكي على حياة اللاجئين، مؤكدةً أن خفض التمويل يقوض آفاق الحلول المستدامة للاجئين.

وشمل التأثير السلبي تعليق الخدمات الطبية غير الطارئة والانخفاض الحاد في دعم الرعاية الصحية النفسية والوقاية من العنف والخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وقدرت إحدى المنظمات غير الحكومية أن أكثر من 300 ألف شخص قد تضرروا من انقطاع الخدمات الطبية، كما أفاد مسؤولون في المجال الإنساني بتعليق خطط توفير علاج التهاب الكبد الوبائي “سي” لـ 7000 شخص من خلال منظمة الصحة العالمية بسبب تجميد المساعدات.
وأكد التقرير أن خفض الدعم أدى إلى فصل مئات الموظفين وبينهم متطوعون لاجئون كانوا يحصلون على رواتب زهيدة، ما تسبب في انخفاض كبير في الخدمات وتضرر شديد في قدرة الأفراد والأسر على استكمال حصصهم الغذائية الشحيحة أصلاً، وأفاد متطوع سابق في منظمة غير حكومية تقدم الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة بأنه لم يعد قادراً على إعالة أسرته بعد فقدانه راتبه من عمله التطوعي، معرباً عن خشيته من الاضطرار إلى القيام برحلة بحرية محفوفة بالمخاطر بحثاً عن عمل بسبب نقص الفرص في المخيمات.
وقال أحد اللاجئين للمنظمة “في ظل وضعنا المتردي بالفعل فإن تجميد المساعدات الأمريكية يؤثر علينا بشدة”، فيما قال آخر “نواجه بالفعل صعوبات كثيرة في حياتنا اليومية مثل حوادث الحرائق والاتجار بالبشر والاختطاف والعنف الأسري ومشاكل الصحة النفسية والجسدية وكلها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بدخلنا اليومي”.

ولفتت المنظمة إلى أن التخفيضات تسببت أيضاً في فقدان برامج بناء القدرات بين الشباب، بما في ذلك أنشطة الإرشاد النفسي والاجتماعي والسلامة من الحرائق والإسعافات الأولية، كما تعطلت أيضاً الفرص التعليمية، وقد أفادت إحدى المنظمات غير الحكومية المختصة بالتعليم أن تخفيضات التمويل السابقة أدت بالفعل إلى ارتفاع كبير في حالات التغيب عن مراكز التعلم.
وقال مسؤولون من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لمنظمة “اللاجئين الدولية” إن التحديد الدقيق للأولويات وإعادة تخصيص الأموال داخلياً قد ساهم حتى الآن في التخفيف من الآثار المباشرة لخفض المساعدات، لكنهم أكدوا أن هذا النهج غير مستدام، وحذروا من أن الأوضاع ستتدهور أكثر حتى بدون تخفيضات كبيرة في الحصص الغذائية.
وخلال زيارة المنظمة إلى بنغلادش، أعرب العديد ممن أجريت معهم المقابلات عن آمالهم بشأن المؤتمر الأممي بشأن الروهينجا المقرر عقده في نيويورك في 30 من سبتمبر المقبل، وأكدت المنظمة في تقريرها أهمية عمل بنغلادش مع الدول الداعمة لضمان إشراك أصوات متنوعة تمثل الروهينجا، مشيرةً إلى أن الأشهر المقبلة تمثل فرصة ضيقة للتفاعل البناء مع الحكومة المؤقتة وإشراك مجتمع الروهينجا وأن عدم اغتنام هذه الفرصة يهدد بتقويض الأوضاع الحالية في المخيمات وكذلك آفاق الحل العادل والمستدام.
سبل الحل

وأوصت المنظمة في تقريرها الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى بتجديد التمويل الإنساني للاستجابة لأزمة الروهينجا، بما في ذلك الحصص الغذائية وأدوية الطوارئ والصحة والحماية الأساسية، واستئناف إعادة توطين لاجئي الروهينجا الأكثر ضعفاً وتعرضاً للخطر في بنغلادش.
كما حثت المنظمة أيضاً الحكومة في بنغلادش على العمل مع الجهات الإنسانية الفاعلة لتحسين فرص وجودة التعليم في المخيمات واعتماده رسمياً، وفتح سبل الحصول على التعليم العالي وتوسيع فرص العمل التطوعي بأجر والتدريب على المهارات وسبل العيش للاجئي الروهينجا، بالإضافة إلى إشراك المجتمع المدني الروهنجي داخلياً وخارجياً بشكل هادف في التحضيرات للمؤتمر الأممي بشأن الروهينجا، وإجراء مشاورات معهم بشأن المناقشات مع سلطات ولاية أراكان بشأن العودة الآمنة إلى وطنهم عندما تسمح الظروف بذلك.
وطالب التقرير بنغلادش أيضاً ببدء إيصال المساعدات عبر الحدود لولاية أراكان عبر الحوار المستمر مع الجناح السياسي لجيش أراكان (الانفصالي) المسيطر على الولاية، ومناقشة تدابير المساءلة عن الفظائع التي ارتكبها، إلى جانب إشراك المجلس العسكري في ميانمار بشأن إيصال المساعدات عبر الحدود مع عدم السماح له بمنع إيصال المساعدات.

كما أكد التقرير أنه ينبغي على وكالات الأمم المتحدة تسهيل الإدماج الهادف للروهينجا في تخطيط وتنفيذ المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن الروهينجا، وإشراك الحكومة المؤقتة في بنغلادش في تحسين فرص الحصول على التعليم وجودته في مراكز التعلم في المخيمات، والعمل مع الحكومة المؤقتة ببنغلادش وسلطات أراكان لتسهيل إيصال المساعدات عبر الحدود إلى ميانمار، مع إشراك جيش ميانمار مع الحول دون عرقلته لوصول المساعدات.
وتعد أزمة خفض التمويل الدولي للروهينجا أزمة مزمنة متكررة، تفجرت مؤخراً عقب قرار الإدارة الأمريكية في يناير الماضي تعليق مساعداتها الدولية، ليكون الروهينجا بين أكثر الفئات تضرراً جراء القرار حول العالم، وكان أبرز تداعياته اضطرار منظمة الأغذية العالمية (WFP) إلى خفض مساعدات الروهينجا إلى النصف قبل العدول عن القرار بعد تلقيها دعماً دولياص طارئاً.
وتحذر المنظمات من أن خفض المساعدات من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مخاطر الحماية والأمن، وتؤكد أنه رغم أن اللاجئين هم من المجموعات الأكثر ضعفاً إلا أنهم عادةً أول من يواجه تخفيضات في المساعدات في مختلف أنحاء العالم.
