أطلق المجلس العسكري في ميانمار، الثلاثاء، عملية إحصاء سكاني، في خطوة تهدف إلى إعداد قوائم الناخبين للانتخابات “المزعومة” المقررة العام المقبل، وسط معارضة كبيرة وتخوفات من استغلال البيانات.
وقال رئيس المجلس العسكري في ميانمار “مين أونج هلاينج”، في خطاب متلفز، إن التعداد السكاني سيتم استخدامه في تجميع قوائم الناخبين الصحيحة والدقيقة” التي وصفها بأنها ضرورية لإجراء الانتخابات العامة بنجاح.
وذكرت صحيفة “جلوبال نيو لايت أوف” المحلية التي تديرها الدولة أن التعداد السكاني سيشارك به أكثر من 40 ألف موظف سيقومون بجمع البيانات من جميع أنحاء البلاد ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية بحلول نهاية العام الحالي.
وتسعى السلطة العسكرية التي استولت على الحكم في انقلاب أوائل عام 2021 إلى “إعادة الديمقراطية من خلال تنظيم انتخابات في العام القادم”، وفق زعمها، لكن منتقديها يرون أن أي انتخابات تُجرى في ظل الحكم العسكري، ووسط تواصل المعارك مع الجماعات المعارضة التي سيطرت على مساحات كبيرة من البلاد.
وتعترض العديد من الجماعات المعارضة، بما في ذلك الأقليات العرقية والمقاتلون المؤيدون للديمقراطية الذين يدعمون حكومة الظل الموالية لأونغ سان سو تشي، على خطط الحكومة العسكرية لإجراء التعداد والانتخابات.
كما أعلنت قوى المعارضة التي تتألف من حكومة الوحدة الوطنية المعارضة وجماعات مسلحة ومنظمات عرقية، الشهر الماضي، رفض الانتخابات “المزعومة”.
وتزامناً مع بدء التعداد، عززت السلطات الإجراءات الأمنية في العاصمة التجارية يانغون، وذلك بعد تفجيرين استهدفا مكاتب حكومية في مناطق مختلفة من المدينة، وأُصيب خلالهما 11 شخصًا كانوا قد جاءوا لتجديد بطاقات الهوية.
مخاوف من استغلال البيانات
من جهة ثانية، أعرب السكان عن مخاوفهم من تقديم معلومات شخصية للحكومة العسكرية، التي تستهدف المعارضين بانتظام، وقال مسؤول في “قوات الدفاع الشعبية”، وهي مجموعة معارضة للحكم العسكري في منطقة بالاوي بجنوب البلاد: “نرفض إجراء هذا التعداد الذي يقوم به النظام العسكري، وسنحاول إيقافه بكل الطرق”.
وأفاد سكان في مناطق مختلفة من يانغون وماندالاي بأن فرق التعداد تعمل تحت حماية قوات مسلحة، حيث يرافقها بين ثلاثة إلى خمسة جنود أو رجال شرطة في كل حي سكني، وذكر أحد السكان أن فريق التعداد يتألف من حوالي 15 شخصاً يقومون بجمع بيانات عن كل أسرة، بينما تنتشر قوات الأمن المسلحة أمام المباني.
وتضمنت استمارات التعداد 68 سؤالًا، وهو ما أثار قلق السكان بشأن احتمال استغلال النظام العسكري لهذه البيانات لأغراض خاصة، وقالت إحدى المقيمات في منطقة جنوب داغون: “سألونا عن الأعمال التي تقوم بها العائلة ووظائف أفرادها، لكننا لم نكن ملزمين بالإفصاح عن معلومات شخصية تتعلق بأوضاعنا الاقتصادية، لذلك اخترعنا إجابات للأسئلة التي شعرت بأنها غير ضرورية”.
وفي ماندالاي، أعرب سكان أيضاً عن خشيتهم من استغلال المعلومات، مشيرين إلى أن الفرق كانت تعمل تحت حماية رؤساء الأحياء والقوات الأمنية، ما أثار حالة من التوتر والخوف بين المواطنين.
يشار إلى أن آخر تعداد سكاني شامل في ميانمار جرى في عام 2014، حيث بلغ عدد سكان البلاد آنذاك حوالي 51 مليون نسمة، وكان هذا التعداد هو الأول من نوعه منذ ثلاثة عقود، وشهد جدلاً واسعاً بسبب استبعاد بعض الجماعات العرقية، مثل الروهينجا، من عملية التسجيل، مما أثار انتقادات منظمات حقوق الإنسان الدولية.