هل تغير انتخابات ميانمار المرتقبة مستقبل الروهينجا؟

نازحون داخلياً من الروهينجا في مخيم بمدينة "سيتوي" عاصمة ولاية أراكان في 5-6-2021 (صورة: AFP)
نازحون داخلياً من الروهينجا في مخيم بمدينة "سيتوي" عاصمة ولاية أراكان في 5-6-2021 (صورة: AFP)
شارك

وكالة أنباء أراكان | خاص 

بينما أعلنت سلطات ميانمار اعتزامها إجراء الانتخابات المنتظرة منذ سنوات، شكك محللون ونشطاء في جدوى الانتخابات أو قدرتها على إحداث تغيير في مسار أزمة اضطهاد الروهينجا المستمرة منذ سنوات وإيجاد حل لأزمتهم التي هُمّشت داخل ميانمار وخارجها.

أعلن قائد جيش ميانمار “مين أونغ هلاينغ” خلال مارس الجاري اعتزامه إجراء الانتخابات في ديسمبر من العام الجاري أو يناير من العام المقبل، وهي الانتخابات المنتظرة منذ انقلاب الجيش على السلطة في فبراير 2021، والتي وعدت السلطات مراراً بإجرائها قبل أن تعود دوماً لتأجيلها مرة أخرى.

ورغم الإعلان الذي ينهي الانتظار الطويل، قال محللون إن إجراء الانتخابات قد يكون مستحيلاً في ظل وجود ما يقرب من نصف مساحة البلاد خارج نطاق سيطرة جيش ميانمار ووقوعها تحت سيطرة مختلف الجماعات العرقية والثورية المسلحة ووجود أعداد كبيرة من المعارضين والسياسيين خلف القضبان.

لا أفق أمام الروهينجا

وقال المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الأحرار (RFC) “ناي سان لوين”، في تصريح خاص لوكالة أنباء أراكان، إن جيش ميانمار لن يتمكن من تنظيم الانتخابات في ولاية أراكان غربي ميانمار نظراً لوقوعها تحت سيطرة جيش أراكان (الانفصالي) بعد معارك استمرت شهوراً طويلة بين الجانبين.

وأضاف الناشط البارز أن الروهينجا يعانون منذ عام 2015 من حرمانهم من حقهم في التصويت، وأنه من غير المرجح أن يتحسن هذا الوضع في الانتخابات المقبلة التي تنتظرها ميانمار.

اجتماع تنسيقي في مكتب مفوضية الانتخابات الاتحادية في ميانمار، 8-1-2025 (صورة: RFA)
اجتماع تنسيقي في مكتب مفوضية الانتخابات الاتحادية في ميانمار، 8-1-2025 (صورة: RFA)

وحول قدرة الحكومة المنتخبة على حل أزمة الروهينجا، قال “ناي سان لوين” إن الحكومة الشرعية الجديدة قد تقرر  بالفعل العمل لحل أزمة الروهينجا لكن مشاركتها قد لا تكون فعالة لعدم سيطرتها بالأساس على ولاية أراكان، موطن الروهينجا الرئيسي.

وأكد أنه في ظل استمرار حبس المعارضين السياسيين والنشطاء المعارضين في ميانمار، قد ترفض الحركات المؤيدة للديمقراطية الانتخابات ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية مسبقاً.

كما قال الناشط الروهنجي “زارني سو” مؤسس “شبكة شباب أراكان للسلام” لوكالة أنباء أراكان إن الانتخابات لن يكون لها أي تأثير إيجابي أو سلبي على الروهينجا، مشيراً إلى أنها لن تكون انتخابات حرة أو نزيهة وربما لن يتم الاعتراف بها دولياً.

ولفت إلى أنه لن يمكن بأي شكل إجراء الانتخابات في مناطق ولاية أراكان الواقعة تحت سيطرة جيش أراكان، كما أضاف أن المناطق غير الخاضعة لسيطرته ربما تشهد انتخابات لكنها ستجرى من أجل مجتمعات عرق الراخين وليس الروهينجا.

وصرح الناشط الروهنجي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية قائلاً “مثلما حدث سابقاً، لن تكون هناك أي انتخابات من أجل الروهينجا، ولن يسمح جيش ميانمار للروهينجا بالتصويت في أي انتخابات”.

وأعرب “زارني سو” عن اعتقاده القوي بأن قائد جيش ميانمار “مين أونغ هلاينغ” سيستمر في نهجه بقمع المعارضين ووضعهم في السجون، وأن ذلك لن يتغير بسبب الانتخابات التي أعلن عنها.

سراب الانتخابات

أما عن بقية المناطق في ميانمار، صرح “ساي ليك” أمين عام “رابطة قوميات شان العرقية من أجل الديمقراطية” أنه من غير المؤكد ما إذا كانت الانتخابات ستجرى بالأساس في ميانمار، مضيفاً أنه حتى إذا أُجريت فمن المرجح أن تقتصر على مدن كبرى تقع تحت سيطرة جيش ميانمار مثل “يانغون” والعاصمة “نايبيداو” و”ماندالاي”.

قائد جيش ميانمار "مين أونغ هلاينغ"، منتصف، يتفقد نظام وآلات التصويت الإلكتروني، 9-2-2023 (صورة: RFA)
قائد جيش ميانمار “مين أونغ هلاينغ”، منتصف، يتفقد نظام وآلات التصويت الإلكتروني، 9-2-2023 (صورة: RFA)

كما أكد في تصريح لشبكة “راديو آسيا الحرة” أن إجراء انتخابات محدودة لا تعكس إرادة الشعب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الصراع وحدوث توترات كبرى بين المناطق التي تشهد انتخابات والتي لا يجرى فيها تصويت، موضحاً أن جيش ميانمار تعهد مراراً وتكراراً بإجراء انتخابات منذ أغسطس 2022 لكنه لم ينفذ تعهداته.

وفي السياق ذاته، أوضح المعلق السياسي “ثان سو ناينغ” أن شعب ميانمار لن يثق بانتخابات يجريها جيش ميانمار، مشيراً إلى أن المحاولات السابقة لإجراء الانتخابات فشلت بسبب افتقار الجيش للسيطرة على الأراضي، واستمرار الصراع في جميع أنحاء ميانمار، وانعدام الأمن، والقيود المفروضة من قبل لجنة الانتخابات المدعومة من الجيش.

ماذا ينهي معاناة الروهينجا؟

يعاني الروهينجا في أراكان من ممارسات تمييزية من قبل كل من جيش ميانمار وجيش أراكان، بدأت بقرار سلطات ميانمار حرمانهم من الجنسية واضطهادهم لعقود حتى استهدافهم بحملة إبادة جماعية عام 2017 دفعت قرابة مليون منهم للفرار نحو بنغلادش المجاورة.

والآن، لا زال من بقي من الروهينجا في أراكان يعانون من اضطهاد جيش أراكان وممارساته ضدهم والتي تشمل طردهم من المنازل ومصادرة الأراضي وحرق الممتلكات وجباية الضرائب الباهظة والإجبار على العمل القسري وتجنيد الشباب قسراً في صفوفه، إضافةً إلى النزوح القسري وسط شح الماء والغذاء والرعاية الطبية.

هل تغير انتخابات ميانمار المرتقبة مستقبل الروهينجا؟
فرار الروهينجا مع اشتداد القتال بين جيش أراكان وجيش ميانمار بحثاً عن الأمان (صورة: UNHCR)

ويرى نشطاء أن جيش أراكان يعمل بشكل حثيث على استبدال الروهينجا ومحو أثرهم التاريخي الممتد لعقود في أراكان، بعدما وطّن أفراد من عرق الراخين في قراهم التي أجبروا على النزوح منها جراء القتال، وفرض نشيداً وطنياً جديداً بلغة الراخين في المدارس، فيما يستمر في إصدار قرارات إجلاء ونزوح قسري في مناطق عدة بالولاية.

ولا يرى المراقبون والسكان المحليون حلاً في الأفق القريب يضمن للروهينجا البقاء في وطنهم والعيش فيه بشكل آمن وكريم وسط غياب الاهتمام الدولي والمحاسبة لمرتكبي الانتهاكات وغياب قضيتهم عن أجندات واهتمامات الحكومات المتعاقبة في ميانمار.

كما تضم السجون في ميانمار أعداداً كبيرة تقدر بالآلاف من الروهينجا تم احتجازهم بتهم محاولة الفرار من البلاد أو التعاون المزعوم مع جيش أراكان أو أسباب أخرى غير معلومة، ورصدت جماعات حقوقية عديدة استمرار حبس الروهينجا في السجون رغم انقضاء مدد حبسهم وتعرضهم لانتهاكات حقوقية واسعة.

وكانت شبكة السجناء السياسيين في ميانمار (PPNM) أعربت عن قلقها في فبراير الماضي من غموض مصير أكثر من 900 روهنجي أطلقت سلطات ميانمار سراحهم، فيما أفادت تقارير أنه تجنيد الشباب قسراً في صفوف جيش ميانمار فيما نقل بقية المفرج عنهم إلى مخيمات للنازحين.

ومثل شعب الروهينجا، يظل مستقبلهم أسيراً حبيس الغموض بلا أفق أو أمل إذ تتجاهلهم الخطط ويتخطاهم الواقع ولا تعبأ السلطات بحل أزمتهم أو توفير ظروف آمنة للعيش الآمن والكريم لهم على أراضيهم التاريخية في أراكان.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.