وكالة أنباء أراكان | خاص
في وقت قد لا تترك فيه المصاعب والمآسي التي عاشها الروهينجا لسنوات مساحة لهم للتمتع بحاضر يعيشونه أو امتلاك أمل في مستقبل أفضل، تمسك لاجئون في بنغلادش بخيط رفيع رأوا فيه نجاة لهم ولأقرانهم من أهوال الإبادة ومصاعب العيش في مخيمات اللجوء بعيداً عن الوطن وأسموه “نادي الروهينجا الفني”.
وإضافة إلى تأسيسه كمركز فني، إلا أن الهدف من إنشائه كان أبعد من ذلك، إذ يسعى النادي للحفاظ على ثقافة وهوية الروهينجا، ودعم تعافي الروهنجيين من الصدمات النفسية ونشر الوعي العالمي بمعاناتهم، إضافةً إلى مساعدة الشباب على التعبير عن أنفسهم ومجتمعهم لينشروا الأمل في تحقيق العدالة وتحقيق مستقبل أفضل.
الجذور

أنشئ نادي الروهينجا للفنون في 2022 على يد الفنان الروهنجي عنايت خان الحائز على العديد من الجوائز، وذلك بهدف دعم فناني الروهينجا الشباب المقيمين في مخيمات اللاجئين في كوكس بازار، ويضم النادي 36 فناناً موهوباً بينهم 6 نساء، ولكل منهم دور خاص في دعم العمل الإبداعي للنادي وإنجاحه.
ومع السعي إلى المستقبل، تحافظ البرامج الثقافية لنادي الروهينجا الفني على الماضي والتقاليد عبر تنظيم عروض فنية في الشوارع تشمل مسرحيات تتناول حياة الروهينجا وقيمهم ومعاناتهم لنشر الوعي بثقافة الروهينجا التاريخية، إضافة إلى صناعة نماذج مصغرة لمنازل وأدوات الروهينجا التقليدية لتعريف الأطفال بها بهدف تعريفهم بجذورهم وزراعة الفخر بهويتهم داخل أنفسهم.
توثيق الإبادة
أحد المشاركين في النادي منذ بداياته ويعد أحد أبرز رموزه هو الشاب محمد ريحان (21 عاماً)، الناجي من الإبادة ضد الروهينجا بولاية أراكان غربي ميانمار، والذي أكد لوكالة أنباء أراكان أن سلاح الفن كان بإمكانه توثيق الكثير مما تعرض له الروهينجا على يد جيش ميانمار عام 2017، وزرع الأمل في نفس الناجين بوجود حياة أفضل.

وقال ريحان “عندما ارتكب جيش ميانمار إبادة جماعية ممنهجة ضدنا، لم نتمكن من تسجيل أو توثيق كل شيء، أما الآن فمن خلال فني أحاول أن أُظهر للمجتمع الدولي ولشعبنا ما حدث من حرق القرى وقتل أطفالنا، وأيضاً نمط حياتنا الحالي في مخيمات اللاجئين”.
أكد الفنان الروهنجي الشاب أن الفن كان ليوثق الكثير من الفظائع التي تعرض لها الروهينجا، وأوضح “عندما لا نستطيع التعبير عن أنفسنا بشكل مباشر يمكننا التعبير عن آلامنا وقصصنا من خلال الفن، في قريتي أعرف تماماً ما حدث في عام 2017، لكنني لا أعرف ما حدث في القرى الأخرى، لو كان هناك فنان واحد على الأقل في كل قرية، لتمكنوا من تسليط الضوء على كل ما حدث لشعبهم وتوثيقه ومشاركته مع العالم”.
وأضاف “أعلم أن العديد من شباب الروهينجا مثلي موهوبون جداً وأريد أن أشجعهم على مواصلة البذل والعطاء، أقول لجميع الشباب لا تتوقفوا عن استخدام مواهبكم وابذلوا قصارى جهدكم لخدمة مجتمعنا”.
بارقة الأمل
كان الفن هو ما أنقذ الشاب محمد ريحان الذي فر إلى مخيمات بنغلادش بعدما تعرضت له أسرته بمدينة “راثيدونغ” في أراكان خلال حملة الإبادة الممنهجة ضد الروهينجا عام 2017، كان ريحان مهتماً بالفن منذ الصغر لكنه لم يدرك قيمته إلا بعد اللجوء.

ومنذ وصوله المخيمات بدأ ريحان في العمل لصقل موهبته بشكل فردي قبل الحصول على المساعدة والتدريب، ويطمح عبر الفن لعرض التراث الثقافي المفقود للروهينجا أمام أعين الشباب والأطفال وأمام أعين المجتمع الدولي، وهو ما يعطيه الدافع للاستمرار.
حصل ريحان على خمس جوائز فنية مختلفة في مسابقات نظمتها منظمات متمع مدني روهنجية، إلا أنه لا زال يواجه الكثير من التحديات أبرزها كونه لاجئ وليس مواطن بنغلادشي، ما يصعب عليه الحصول على ما يحتاج من أجل مواصلة طريقه.
وقال لوكالة أنباء أراكان “نحن لاجئون ولسنا مواطنين بنغلادشيين، لذا يصعب علينا الحصول على المواد اللازمة لأعمالنا الفنية، حتى عندما نملك المال فلا نستطيع أحياناً الخروج من المخيم بسبب القيود الحكومية”.
وتابع قائلاً “بعض المنظمات غير الحكومية تعرفني كفنان وقد ساعدتني أيضاً بتوفير المواد الفنية التي أحتاجها”.

أكد ريحان أن أكبر داعميه هم والداه وعائلته، وأنه يطمح أن يكون فناناً محترفاً يمثل مجتمع الروهينجا، يفتخر بهويته ويشارك أعماله مع المجتمع الدولي، وقال “أريد أن أظهر من خلال فني ما فقدناه في أراكان وأن أساعد أطفال الروهينجا المولودين في مخيمات اللاجئين على فهم تاريخنا وهويتنا”.
ويقف نادي الروهينجا الفني نقطة ينمي فيها الروهينجا مواهبهم ويشاركون قصصهم داخل المخيمات وخارجها، آملين أن يساعد فنهم الآخرين على فهم آلام وقوة الروهينجا على حد سواء، وأن يغرس الأمل والفخر في مجتمع الروهينجا.

