وكالة أنباء أراكان | خاص
بينما تحيط المعاناة بلاجئي الروهينجا في مخيمات بنغلادش التي تستضيف قرابة مليون منهم بعدما فروا من العنف والإبادة في ميانمار، وجد بعض الشباب متنفساً في كرة القدم ووجد فيهم سكان المخيمات نجوماً محلية يتطلعون إليها.
ومن هؤلاء الشابين الروهنجيين، أنيس المصطفى (28 عاما) المعروف محلياً في المخيم باسم “كاكا” تيمناً بلاعب الكرة الشهير، ومحمد نور (24 عاماً) المعروف باسم “جونيور” تيمناً باللاعب “نيمار جونيور” واللذين يتشاركان شغفاً عميقاً بكرة القدم ويتم مقارنتهما باللاعبين “ميسي” و”نيمار” في المخيمات لبراعتهما الكبيرة.
ينحدر الشابان من مدينة “مونغدو” بولاية أراكان غربي ميانمار حيث كانا يتوقع لهما مستقبلاً رياضياً كبيراً في بلدهما ميانمار، إلا أن حياتهما انقلبت رأساً على عقب عام 2017 عندما تحولا إلى لاجئين في مخيمات بنغلادش..
حطمت هذه المأساة أحلامهما، لكن حبهما لكرة القدم ظل ثابتًا واستمرا في اللعب داخل مخيمات اللجوء بمهارة استثنائية حتى اكتسبا شهرة واسعة النطاق، وتحولا إلى أساطير محلية تتهافت الحشود لحضور مباريات كرة القدم التي يشاركان بها في المخيمات وبات حضورهما يجلب الإثارة والأمل إلى المجتمع.
الحلم لا زال حياً
قال الشابان لوكالة أنباء أراكان إنهما يشعران بامتنان كبير جداً للشعبية الواسعة التي يتمتعان بها داخل مخيمات لاجئي الروهينجا في بنغلادش، وإن مأساة الإبادة والنزوح لم تؤثر في حبهما الكبير لكرة القدم الذي انتقل معهما من أراكان إلى مخيمات بنغلادش.
أكمل أنيس المصطفى “كاكا” دراسته الثانوية في أراكان وعكف على تعليم الطلاب الروهينجا قبل أن يصبح لاجئاً في بنغلادش، ورغم مصاعب حياة اللاجئين لم يتلاشى حب كرة القدم من قلبه، فقد كان لاعباً مشهوراً في “مونغدو” واستمر أيضاً في اللعب في بنغلادش حيث ألهم شغفه باللعبة الكثيرين.
وتابع “عندما أخطو داخل الملعب أبذل قصارى جهدي وأتعامل مع الجميع بمنهى الود ولهذا السبب يحبني الناس”، مضيفاً أن لاعبه المفضل هو “ليونيل ميسي” الذي يحب أسلوبه في اللعب ويحاول اتباع تقنياته.
كما أعرب اللاعب الروهنجي الشاب عن أمله في أن يحصل على فرصة للعب كرة القدم خارج مخيمات اللجوء في بنغلادش وهو ما وصفه بأنه حلمه الكبير قائلاً “إذا حصلنا نحن الروهينجا على فرصة للعب دولياً فأنا مستعد بالتأكيد”.
أما رفيقه في الملاعب محمد نور الملقب باسم “نيمار جونيور الروهينجا” فقد كان موهبة كرة قدم شابة نشطة بشكل كبير في ميانمار قبل النزوح، حيث لعب في مختلف القرى قبل أن يفر إلى بنغلادش في عام 2017 بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش ميانمار بحق الروهينجا.
وقال لوكالة أنباء أراكان إن حلمه هو أن يصبح لاعب كرة قدم كبير، وأضاف “عندما كنت طفل سألني معلمي عما أريد أن أصبح قلت لاعب كرة قدم، ولكن بصفتي لاجئاً فقد تم تعليق أحلامي، لكن إذا سنحت لنا الفرصة للعب بشكل احترافي سأكون مستعداً”.
على الرغم من تحديات حياة اللاجئين، لا يزال “كاكا” و”نيمار” يأملان في أن يخطوا يوماً داخل ملعب كرة قدم دولي وأن يمثلا مجتمع الروهينجا بفخر.
الكرة متنفس للحياة
ورغم المصاعب العديدة التي تواجه مجتمع الروهينجا إلا أن الأطفال والشباب يجدون متنفسهم في لعب أو مشاهدة مباريات كرة القدم داخل المخيمات إذ لا زالت اللعبة تمثل لهم باباً مفتوحاً على العالم الخارجي.
وفي المخيم “رقم 14” وجد المتطوعون والأطفال ضالتهم حيث حولوا إحدى بقاعه إلى منطقة للعب كرة القدم التي تعد نشاطهم الترفيهي الوحيد الذي يجمعهم ويمنحهم بعض الإثارة والسعادة وسط حياة المخيمات الموحشة.
وأكد مراسل وكالة أنباء أراكان من قلب المخيم أن “كرة القدم لم تعد مجرد لعبة بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال بل أصبحت بمثابة وسيلة للهروب من صراعاتهم اليومية، وبناء الصداقات، وتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع”.
ورغم حماس الأطفال وصناعتهم القليل من اللاشيء، إلا أنهم تواجههم مصاعب منها قلة المرافق الرياضية الرسمية بسبب التضاريس الجبلية وازدحام المخيمات، كما أن سلامتهم مهددة بسبب اللعب في مناطق وعرة ما يرفع من مخاطر إصابتهم في ظل ضعف الرعاية الطبية الذي قد يفاقم من الإصابات.
وتسعى المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإنسانية لتوفير المرافق الترفيهية والمعدات الرياضية لأطفال الروهينجا، وهو ما لا يوفر لهم فرصة اللعب فحسب بل قد يساعد أيضاً في تعزيز صحتهم العقلية والجسدية.
قد يرى البعض ذلك رياضة بسيطة لكن مشهد أطفال الروهينجا وهم يلعبون كرة القدم على رقعة صغيرة من الأرض في المخيم يعد شهادة على قدرتهم على الصمود وإيجاد الفرح في مواجهة الشدائد، كما يبرز الحاجة إلى الدعم المستمر لإنشاء مساحات آمنة للترفيه، والتي يمكن أن تلعب دوراً حيوياً في تنميتهم الشاملة.