محمد طالب في الصف الثامن في مدرسة “بينار شوي أو” الثانوية، وهي مدرسة خاصة داخل المخيم، بينما يرى العديد أن العلوم مجال صعب، يرى محمد فيها مفتاحاً لمستقبل مشرق، ويقول بعينين تلمعان بالأمل، لموقع “روهينجا خبر”، “في مخيمنا، لا يوجد علماء. أريد تغيير ذلك”، معبراً عن أمله أن يساعده العلم يوماً ما في ترك أثر دائم في مجتمعه.
كانت رحلته إلى بنغلادش قبل سبع سنوات مليئة بالمصاعب، ويتذكر أيامه كطالب سعيد في الصف الثالث في قريته قبل أن يضطر إلى الهرب، استغرقت الرحلة إلى بنغلادش سبعة أيام، وهي رحلة خاضتها عائلته بهدف واحد، البقاء على قيد الحياة، ويعيش محمد اليوم في مأوى مزدحم مع والديه وثمانية من إخوته، ويأتي في المرتبة السادسة بينهم، وجميع إخوته يذهبون إلى المدرسة رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسرة.
والده، محمد (عبد)الله، هو داعية مخلص، في حين تدير والدته شؤون المنزل، رغم الموارد المحدودة، بينما يقوم أخوه الأكبر بدعمه بتغطية رسوم مدرسته الشهرية التي تبلغ “700 تاكا” (عملة بنغلادش)، ويقدّر شهاب هذا الدعم، مدركاً أن تعليمه قد يتوقف دون هذه المساعدة، ويدرس أكثر من 700 طالب في مدرسة “بينار شوي أو” الثانوية، كل منهم لديه أحلامه وتحدياته، تمامًا مثل محمد، ويعمل أساتذته مع منظمات غير حكومية خلال النهار ويقدمون دروساً خاصة في المساء، مما يوفر لشهاب وزملائه نموذجاً جيداً للتعليم الرسمي.
رحلة محمد في التعليم كانت مليئة بالتقلبات، بعد وصوله إلى بنغلادش، انضم إلى فصل غير رسمي مع عمه، ما قاده إلى مدرسة “موكتي” المدعومة من اليونيسيف، قبل أن يلتحق بمدرسة “التعليم لجيل الروهنجي”، حيث درس حتى الصف السابع قبل إغلاق المدرسة، ويشعر الآن في “بينار شوي أو” بالامتنان بوصوله إلى الصف الثامن، ولكن القيود تؤثر عليه بشدة.
بالرغم من هذه القيود، اكتشف محمد شغفاً آخر، الرسم، حيث فاز بعدة جوائز على أعماله الفنية التي يستخدمها للتعبير عن أحلامه وتخيلاته العلمية، ويوضح قائلًا: “من خلال الرسم، أستطيع تجسيد أفكاري، خاصة الأفكار التي أتعلمها في حصة العلوم”، وتعكس فنه آماله، وهو وسيلة إبداعية يتخيل فيها نفسه يجري تجارب ويكتشف أموراً جديدة، لكن الواقع يعيده سريعاً إلى الحاضر، ويقول بأسى: “ليس لدينا أرض، وليس لدينا فرصة للدراسة”، ويتمنى محمد وجود مختبر علمي في المخيم، حيث يمكن له ولزملائه إجراء التجارب العلمية.
قصة محمد تحمل أيضاً حنيناً عميقاً إلى وطنه في ولاية أراكان غربي ميانمار، إذ يفتقد أصدقاءه من الصف الثالث والأماكن المألوفة في طفولته، مثل المسجد في قريته والمدرسة الحكومية القريبة، ويقول بعزم هادئ: “أريد العودة إلى ميانمار”، ولكن حتى يحين ذلك اليوم، سيواصل محمد السعي لتحقيق أحلامه في مخيم “كوتوبالونغ”، آملاً أن يجسر شغفه بالعلوم والفن الفجوة بين طموحاته وواقع الحياة في مخيم اللاجئين.
من خلال كلماته، يناشد محمد العالم، طالباً تحسين الموارد التعليمية في المخيمات، ومناشدته ليست فقط من أجله، بل من أجل آلاف الأطفال الروهنجيين الذين تعيق أحلامهم بيئتهم الحالية.