خطط سريلانكا لترحيل الروهينجا تثير انتقادات واسعة

قارب يقل 115 من لاجئي الروهينجا وصل سواحل سريلانكا في 19-12-2024 (صورة: AP)
قارب يقل 115 من لاجئي الروهينجا وصل سواحل سريلانكا في 19-12-2024 (صورة: AP)
شارك

وكالة أنباء أراكان | خاص 

يحيط الغموض بمصير 115 لاجئاً روهنجياً وصل قاربهم إلى سريلانكا في ديسمبر الماضي بعد رحلة شاقة، فمنذ أن ألمحت الحكومة هناك إلى دراسة ترحيلهم إلى ميانمار مرة أخرى، اندلعت موجة اعتراضات واسعة بين السياسيين والحقوقيين السريلانكيين، فضلاً عن نشطاء حقوق الإنسان من الروهينجا.

ويرى النشطاء أن خطة ترحيل الروهينجا إلى ميانمار، حيث فروا من العنف والاضطهاد، هي بمثابة “سياقتهم إلى الموت”، وتعبيراً واضحاً عن التخلي عنهم، إذ فر هؤلاء اللاجئون على متن قارب متهالك في رحلة شاقة، مات خلالها خمسة من الركاب جوعاً، أملاً في الوصول إلى الأمان وتحقيق مستقبل أفضل.

ورغم مناشدة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة في سريلانكا بالاستمرار في تقديم العون والضيافة للاجئي الروهينجا الذي وصلوا سواحلها وإشادتها بالسماح لهم بالرسو، إلا أن الحكومة لم تعلن حتى الآن بشكل رسمي تراجعها عن خطط الترحيل أو وقف المحادثات مع السلطات في ميانمار بهذا الشأن.

ورغم مناشدة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة السريلانكية بالاستمرار في تقديم العون والضيافة للاجئي الروهينجا الذين وصلوا إلى سواحلها، وإشادتها بالسماح لهم بالرسو، إلا أن الحكومة لم تعلن حتى الآن بشكل رسمي عن تراجعها عن خطط الترحيل أو وقف المحادثات مع السلطات في ميانمار بهذا الشأن.

استياء روهنجي

الناشط ناي سان لوين المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الأحرار (يمين) والناشط تون خين رئيس منظمة الروهينجا البورمية في المملكة المتحدة (يسار) في مقر وكالة أنباء أراكان، 27-11-2024 (صورة: ANA)
الناشط ناي سان لوين المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الأحرار (يمين) والناشط تون خين رئيس منظمة الروهينجا البورمية في المملكة المتحدة (يسار) في مقر وكالة أنباء أراكان، 27-11-2024 (صورة: ANA)

وقال المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الأحرار (RFC) “ناي سان لوين”، في تصريح خاص لوكالة أنباء أراكان، إن “تخطيط سريلانكا لترحيل الروهينجا إلى ميانمار يعني إعادتهم مباشرة إلى ساحات القتل، بعدما نجوا من المذابح والإبادة المستمرة التي يتعرض لها الروهينجا في ميانمار”.

وناشد “سان لوين” حكومة سريلانكا أن تواصل تقديم الدعم للروهينجا، وأن تساعدهم في العثور على دولة ثالثة مستعدة لإعادة توطينهم، حتى يتسنى لهم العودة إلى وطنهم بأمان وكرامة حين تتحسن الأوضاع في ميانمار.

من جانبه، قال رئيس منظمة الروهينجا البورمية في المملكة المتحدة (BROUK) “تون خين” إن “إعادة الروهينجا إلى الجيش الذي ارتكب الإبادة الجماعية ضدهم سيكون انتهاكاً صارخاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، وخيانة لالتزامات سريلانكا الإنسانية والقانون الدولي”.

وأشاد الناشط الحقوقي الروهنجي، في تصريح لوكالة أنباء أراكان، بموقف المجتمع المدني السريلانكي وجماعات حقوق الإنسان الرافض لخطة ترحيل الروهينجا، كما دعا المجتمع الدولي إلى عدم الوقوف مكتوف الأيدي بينما تستعد سريلانكا لإعادة الناجين من الإبادة الجماعية إلى مضطهديهم.

وطالب تون خين الحكومة السريلانكية بوقف خطط الترحيل فوراً، والعمل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لضمان حمايتهم وإعادة توطينهم بشكل آمن.

احتجاز في الظلام

وصول لاجئين من الروهينجا إلى قاعدة عسكرية في سريلانكا بعد إنقاذهم قبالة سواحل البلاد في 20 -12-2024 (صورة: AP)
وصول لاجئين من الروهينجا إلى قاعدة عسكرية في سريلانكا بعد إنقاذهم قبالة سواحل البلاد في 20 -12-2024 (صورة: AP)

وأثارت ظروف احتجاز لاجئي الروهينجا في سريلانكا غضباً وشكوكاً لدى المنظمات الحقوقية هناك، إذ أعربت لجنة حقوق الإنسان السريلانكية عن استيائها بسبب منع فريقها من زيارة لاجئي الروهينجا وتفقد أوضاعهم، وبعثت اللجنة برسالة اعتراض بهذا الشأن إلى رئيس البلاد “أنورا كومارا ديساناياكي”.

فبعد أن عثر الصيادون المحليون على قارب الروهينجا قبالة سواحل بلدة “موليفيكال” في 19 ديسمبر الماضي، وقدموا لركابه الطعام والشراب، قررت السلطات السريلانكية إنقاذهم ونقلهم إلى إحدى القواعد العسكرية، ويشير مراقبون إلى أن ظروف احتجازهم هناك شديدة القسوة.

وكانت آخر الصور المتداولة للاجئي الروهينجا هي صور وصولهم على متن القارب المتهالك في حالة إعياء شديدة، وبينهم 25 طفلاً و30 امرأة، منهم سيدة حامل، كما تضمنت الصور مشاهد نقلهم إلى المنشأة العسكرية السريلانكية، حيث لا يزالون محتجزين في انتظار تحديد مصيرهم.

كابوس الترحيل

بدأ الجدل حول مصير لاجئي الروهينجا في سريلانكا بعد تصريح وزير الأمن العام والشؤون البرلمانية “أناندا ويجيبالا”، الذي أشار إلى أن حكومة البلاد تفكر بالفعل في خيار ترحيل اللاجئين إلى ميانمار، وأنها على تواصل مستمر مع حكومة ميانمار، بل وأمدتها بقائمة بأسماء اللاجئين بالفعل.

جانب من التظاهرات التي نظمتها "لجنة تنسيق الشمال الشرقي" في سريلانكا لرفض ترحيل لاجئي الروهينجا، 9-1-2025 (صورة: Tamil Guardian)
جانب من تظاهرات النشطاء في سريلانكا رفضاً لترحيل لاجئي الروهينجا، 9-1-2025 (صورة: Tamil Guardian)

وأثارت هذه التصريحات قلقاً كبيراً داخل المجتمع المدني في سريلانكا، إلا أن التصريحات التالية لم تُظهر أي تراجع من جانب الحكومة، فبعد أيام، أعلنت السلطات عزمها التحقيق في واقعة وصول القارب، بما في ذلك احتمال وقوع جرائم تهريب البشر وتورط أطراف محلية في الحادثة، كما أكدت أنها تقدم المساعدة للروهينجا، لكنها شددت على أنهم “يظلون مهاجرين غير شرعيين”.

ولم تُخفِ المنظمات الحقوقية استياءها الشديد، إذ نظم النشطاء عدداً من التظاهرات في العاصمة “كولومبو” وفي بلدة “موليفيكال”، التي شهدت وصول القارب، لمطالبة الحكومة بالتراجع عن خطط الترحيل، وأعقب ذلك قيام السلطات باستدعاء أحد النشطاء البارزين الذين نظموا تلك التظاهرات للتحقيق معه بشأن نشاطه.

من جانبه، أعلن زعيم المعارضة “ساجيث بريماداسا” أمام البرلمان رفضه القاطع لخطط الحكومة لترحيل الروهينجا، واصفاً هذه الخطوة بأنها “غير إنسانية”، في ظل ما يعلمه العالم أجمع عن تعرض الروهينجا للتمييز والعنف في ميانمار، كما دعا الحكومة إلى دراسة القضية مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لضمان اتخاذ قرارات تراعي حقوق الإنسان.

مصير مجهول

قارب يحمل 115 فرداً من الروهينجا يصل سواحل سريلانكا في 19-12-2024 (صورة: Pime)
قارب يحمل 115 فرداً من الروهينجا يصل سواحل سريلانكا في 19-12-2024 (صورة: Pime)

وفي حين لا تزال خطط ترحيل الروهينجا قيد الدراسة على طاولة الحكومة السريلانكية، وتستمر السلطات في منع المنظمات الحقوقية من زيارة اللاجئين المحتجزين، يبقى مصير الروهينجا في سريلانكا مجهولاً.

ولا يقتصر هذا المصير المجهول على الروهينجا في سريلانكا فحسب، بل يحيط بهم في كافة البلدان التي تتجه إليها قواربهم، في ظل تزايد رفض استقبالهم وإيوائهم في العديد من الدول. فخلال هذا الشهر، احتجزت السلطات الماليزية 196 لاجئاً من الروهينجا كانوا على متن قارب، قبل أن ترفض استقبال قاربين آخرين، ما اضطرهم إلى التوجه نحو إندونيسيا.

وفي تايلاند، احتجزت السلطات 42 لاجئاً روهنجياً بعد وصول قاربهم إلى جزيرة “بوكيت”، مشيرة إلى أنها لا تزال تدرس مصيرهم وتحدد الإجراءات القانونية المناسبة.

ويخوض لاجئو الروهينجا رحلات بحرية خطرة تودي بحياة العديد منهم، أملاً في الوصول إلى ماليزيا أو إندونيسيا بحثاً عن الأمان، وقد فرّوا من الاضطهاد والعنف في ميانمار، لا سيما بعد حملة “الإبادة الجماعية” عام 2017، كما يسعون للهروب من الظروف المعيشية القاسية في مخيمات اللاجئين ببنغلادش.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.