ثقافة الروهينجا تنبض في قلب مدينة شيكاغو الأمريكية

عدد من أطفال الروهينجا داخل المركز الثقافي الروهينجي في مدينة شيكاغو الأمريكية (صورة: المركز الثقافي الروهينجي في شيكاغو)
عدد من أطفال الروهينجا داخل المركز الثقافي الروهينجي في مدينة شيكاغو الأمريكية (صورة: المركز الثقافي الروهينجي في شيكاغو)
شارك

وكالة أنباء أراكان | ترجمات 

استطاع ما يقرب من ألفي شخص من لاجئي الروهينجا في الولايات المتحدة الأمريكية أن يخلقوا عالماً مصغراً فى حي “روجرز بارك” بمدينة “شيكاغو” يروي قصة الروهينجا الذين يعدون من الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم.

ووصف موقع “جورنيه مونديال” المعني بالسفر والتنوع الثقافي رحلة الروهينجا إلى “شيكاغو” بولاية “إلينوي” الأمريكية وازدهارهم فيها بأنها تجسد النضال والأمل هرباً من الاضطهاد في ميانمار، مؤكداً أن هذا الملاذ الجديد بات بمثابة منارة للاجئي الروهينجا الذين يسعون إلى إعادة بناء حياتهم.

ولعب تأسيس مركز “روجرز” الثقافي في عام 2016 دوراً هاماً كجسر يربط أكثر من 450 عائلة من الروهينجا بماضيهم وثقافتهم، ويقدم مركز ثقافة الروهينجا مجموعة كبيرة من الخدمات منها دروس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية وذلك لتمكين اللاجئين من الاندماج في مجتمعهم الجديد، فضلاً عن توفير فرصة فريدة للزائرين والمسافرين للتواصل مع مجتمع الروهينجا والمشاركة في الأحداث الثقافية و تبادل اللغات.

اقتصاد ينبض بروح الروهينجا

ورغم عدم وجود أسواق رسمية خاصة بالروهينجا في حي “روجرز” إلا أن التأثير الذي خلقه المطبخ الروهينجي ملموس بقوة في هذا الحي متعدد الثقافات، وذلك عبر المطاعم الصغيرة التي تديرها العائلات الروهنجية لتروي قصة الشعب الروهينجي ورحلته.

وتزدهر في هذا الحي شبكة من الأعمال التجارية المملوكة للاجئي الروهينجا من متاجر التجزئة الصغيرة إلى خدمات تقديم الطعام المنزلي، لتمكن لاجئي الروهينجا من تثبيت أقدامهم في اقتصاد مدينة “شيكاغو” المتنوع، وتعتمد هذه الأعمال في دعايتها على الدعاية الشفهية ومرونة وإبداع مجتمع الروهينجا، ما يجذب المسافرين الباحثين عن الثقافات الأصلية.

ما بين الاندماج والحفاظ على الهوية

ومن أهم التحديات التي واجهها الروهنجيون هو حاجز اللغة، إذ يجد الكثير من كبار السن من لاجئي الروهينجا صعوبة بالغة في تعلم اللغة الإنجليزية ما يصعب من اندماجهم في المجتمع الأمريكي ويعرقل حصولهم على الخدمات الأساسية.

لكن هذا التحدي شجع على خلق حلول مبتكرة داخل المجتمع الروهينجي، ودفع الشباب إلى العمل كسفراء ثقافيين خاصة أن كثير منهم تمكن من إجادة اللغة الإنجليزية إلى جانب لغته الأم لسد الفجوة بين الأجيال، ليشكل هذا التعاون بين الأجيال شهادة على قدرة المجتمع على الصمود والتكيف.

ثقافة الروهينجا تنبض في قلب مدينة شيكاغو الأمريكية
سوق في حي “روجرز بارك” بمدينة “شيكاغو” الأمريكية (صورة: موقع journee-mondiale)

ويعد التعليم حجر الزاوية في اندماج مجتمع الروهينجا ونجاحه في “روجرز بارك”، فقد تكيفت المدارس المحلية لتلبية احتياجات طلاب الروهينجا، فتقدم المدارس الدعم اللغوي المتخصص والتدريب على الحساسية الثقافية للمعلمين، كما توفر برامج التدريس، التي يديرها غالباً متطوعون، دعماً إضافياً للطلاب من جميع الأعمار.

وفي مقابل محاولات التكيف في المجتمع الأمريكي، يقف الحفاظ على الهوية أيضاً تحدياً كبيراً أمام المجتمع الروهينجي في “روجرز بارك”، ويسعى الروهنجيون إلى الحفاظ على إقامة المهرجانات التقليدية والأنشطة الموسيقية والفنية.

وقالت الفنانة الروهنجية أمينة لموقع “جورنيه مونديال”: “فننا هو صوتنا، ونحافظ على تراثنا عبر الحرف والقصص التقليدية ونشاركها مع جيراننا الجدد لبناء التفاهم والتواصل”.

وبالنسبة للعديد من لاجئي الروهينجا، يلعب الإيمان دوراً كبيراً في الحفاظ على هويتهم في المجتمع الجديد، فأصبحت المساجد المحلية في “روجرز بارك” بمثابة مراكز مجتمعية مهمة لا تقدم الإرشاد الديني فحسب بل تقدم أيضاً الدعم للاجئين الجدد.

ويقول الإمام حسن، الإمام في أحد مساجد الحي: “إيماننا يمنحنا القوة والوحدة، إنه يذكرنا بهويتنا ومن أين أتينا، حتى ونحن نبني حياة جديدة هنا في شيكاغو”.

كما يوضح ناصر أحمد، أحد زعماء مجتمع الروهينجا لموقع “جورنيه مونديال”: “عندما وصلنا إلى شيكاغو وجدنا أكثر من مجرد مكان للعيش، وجدنا مجتمعاً احتضننا ما سمح لنا بالحفاظ على ثقافتنا مع التكيف مع الحياة الأمريكية”.

الرحلة المستمرة

ويؤكد موقع “جورنيه مونديال” أن قصة الروهينجا في “روجرز بارك” هي قصة مليئة بالتحديات والانتصارات، فبينما يستمر لاجئو الروهينجا في مواجهة العقبات مثل التمييز والصعوبات الاقتصادية فإن مرونتهم تتجلى في مجالات كثيرة بدءاً من الإنجازات الأكاديمية وحتى الأعمال التجارية الناجحة، ليترك الروهينجا بصماتهم ببطء وثبات على المشهد الثقافي في شيكاغو.

ونصح الموقع المسافرين بأن التواصل مع مجتمع الروهينجا في “روجرز بارك” يعد فرصة فريدة من نوعها لمشاهدة قوة المرونة البشرية وجمال التنوع الثقافي بشكل مباشر، ويضيف في تقريره أن قصة المرونة والأمل والروح الإنسانية التي لا تنكسر تظهر خلف كل واجهة متجر في منطقة الروهينجا.

ويضيف التقرير أن الروهينجا الذين بدأوا رحلتهم في “روجرز بارك” كلاجئين باتوا الآن جزءا لا يتجزأ من النسيج الثقافي في مدينة “شيكاغو”، ويثرون المدينة بتقاليدهم ومطبخهم وروحهم التي لا تقهر، كما تعد قصتهم فصلاً في تاريخ المهاجرين الغني في “شيكاغو”.

 

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.