الروهينجا يواجهون خطر فقدان وطنهم بالكامل

لاجئة من الروهينجا مع طفلها بعد حريق في مخيم أوخيا، كوكس بازار، بنغلادش 6 مارس 2023 (صورة: EPA)
شارك

وكالة أنباء أراكان | متابعات 

تشير التقارير إلى أن مئات الآلاف ممن تبقوا من الأقلية المسلمة في ميانمار “الروهينجا”، الذين تُعرفهم الأمم المتحدة بأنهم “الأقلية الأكثر تعرضاً للاضطهاد”، قد يلجأون إلى بنغلادش إذا لم يتخذ المجتمع الدولي زمام المبادرة، وبالتالي هم “مهددون بخطر فقدان وطنهم”، وفق ناشطين.

وقيّم ناي سان لوين، الناشط في مجال حقوق الروهينجا وأحد مؤسسي “تحالف الروهينجا الأحرار”، دور المنظمات الدولية في حل المشكلات التي يواجهها مجتمع الروهينجا في مقابلة مع وكالة الأناضول.

وقال لوين إنه بعد الهجرة القسرية من ولاية أراكان، بقي هناك ما يقرب من 600 ألف من الروهينجا، ووفقاً للتقديرات، اضطر ما يقرب من 10 آلاف منهم إلى الاحتماء في بنغلادش مؤخراً، وأضاف: “إذا فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل لهذه المشكلة مرة أخرى، فسوف نفقد وطننا، والشيء الأكثر أهمية هو أن “الجيش الميانماري يعمل دون عقاب منذ عام 1978”.

وأشار الناشط الروهنجي إلى أن هناك دعاوى قضائية مرفوعة في المحاكم الدولية بشأن القمع الذي يعاني منه مجتمع الروهينجا، ولكن لا يزال من غير الواضح إلى متى ستستمر هذه الدعاوى القضائية، وقال لوين: إن “الخطوة المهمة لمجتمع الروهينجا هي تدخل المنظمات الدولية، وهو القرار الذي يجب اتخاذه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو في تحالف دولي سيتم تشكيله لمساعدة مجتمع الروهينجا”.

وأردف لوين، في تصريحاته التي نشرها موقع “الخط الساخن للتمييز” التابع لوكالة الأناضول التركية، إلى أن مجتمع الروهينجا معرض لخطر القتل إذا لم يتدخل المجتمع الدولي سريعاً، معتبراً أنه “إذا لم يكن هناك تدخل، فستكون هناك حوادث عنف أكبر، مثل مقتل 2000 إلى 2500 شخص في العام الماضي”، مضيفاً: “خلال فترة من ثلاثة إلى أربعة أشهر، نصف الروهينجا المتبقين، في بوثيدونج، وحوالي 300 ألف شخص في مونغدو سيضطرون إلى الفرار إلى بنغلادش، وإذا فقدنا هاتين المدينتين، فلن يكون لدينا مكان نعود إليه، لذلك، كل هذا يتوقف على المجتمع الدولي كيف سيحمي الروهينجا ويعيدهم إلى وطنهم”.

“المعاناة لا يمكن تصورها”

وأشار لوين إلى أن جيش ميانمار (المجلس العسكري الحاكم في ميانمار) وجيش أراكان (مكون من ميليشيات بوذية انفصالية) يستخدمان المناطق التي يعيش فيها مسلمو الروهينجا كمناطق صراع منذ نوفمبر من العام الماضي 2023، وقال إن عمليات النزوح والقتل الجماعي والمجازر وانتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في ظل محاولات جيش أراكان للسيطرة على المنطقة بأكملها، مشيراً إلى عدم إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية كالمساعدات الإنسانية والخدمات الصحية.

وأشار لوين إلى أن جيش ميانمار أحرق ما يقرب من 400 قرية في عام 2017، واعتدى جنسيًا على مئات النساء، بل وأحرق أطفالًا حتى الموت، وذكر أنه لا جيش ميانمار ولا جيش أراكان كان لديهما أي نية لتحسين ظروف الناس، وبالتالي فإن وكان الأمل الوحيد هو التدخل الدولي.

وشدد لوين على أن بنغلادش، حيث لجأ الروهينجا الذين اضطروا إلى مغادرة أراضيهم بسبب هجمات جيش ميانمار، يجب أن تقنع المجتمع الدولي بقيادة عملية العودة، منوهاً “إذا لم تتمكن بنغلادش من تحقيق ذلك، فسيتعين على الروهينجا البقاء في بنغلادش حتى يتغير هذا الوضع”.

ومذكراً بأن الروهينجا، الذين نزحوا بسبب هجمات جيش ميانمار في الماضي، تمكنوا من طلب اللجوء في بنغلادش والحصول على المساعدات الإنسانية، قال لوين: “الوضع مختلف تمامًا الآن، فالناس يموتون من الجوع، ويعانون من أمراض مختلفة، وقد توفي أكثر من 50 شخصاً في الأيام القليلة الماضية بسبب أمراض مثل الإسهال”، مضيفاً: “لقد مات الناس أيضاً، ولا يوجد ما يكفي من الغذاء والدواء والمعاناة في المنطقة لا يمكن تصورها”.

“الروهينجا يعيشون تحت ظروف أسوأ من السجون”

وأوضح لوين إلى أن الإبادة الجماعية للروهينجا بدأت عام 1978 بترحيل ما يقرب من 300 ألف من مسلمي الروهينجا إلى بنغلادش من خلال “عملية الملك التنين”، وقال إن أكثر من 200 ألف من الروهينجا أجبروا على مغادرة البلاد من خلال عملية أطلق عليها اسم “الأمة النظيفة والجميلة” بين عامي 1991-1992، واليوم يتعرض الروهينجا لعنف مماثل.

وشدد لوين على أن الروهينجا اضطروا إلى اللجوء إلى بنغلادش لإنقاذ حياتهم، لكن بعض الأشخاص فقدوا حياتهم أثناء عملية النزوح، وقال:”إن هذا الوضع الذي يتعرض له الروهينجا هو فشل للمجتمع الدولي، ولو كان المجتمع الدولي يهتم حقًا بشعب الروهينجا، لكان بإمكانه إيقاف ذلك، فالمجتمع الدولي لديه القوة، لكنهم لا يستخدمون هذه القوة، و بالطبع، يظهرون التعاطف، وخاصة إرسال المساعدات الإنسانية إلى بنغلادش، لكن الناس يموتون الآن من الجوع، وليس لديهم إمكانية الوصول إلى المساعدات الطبية في ولاية أراكان، ولا أحد يحاول التدخل، لا يوجد شيء، وإذا استمر المجتمع الدولي بفعل ذلك، فهو سيفشل مرة أخرى، أنا متأكد من أن الروهينجا سيفقدون وطنهم بالكامل”.

وأوضح لوين أن 600 ألف من الروهينجا الذين ما زالوا يعيشون في ميانمار يعيشون في حالتين مختلفتين، ويحتجز حوالي 130 ألف منهم في معسكرات، وذكر أن هذه المناطق تشبه معسكرات الاعتقال المحاطة بالأسلاك الشائكة وبها أبراج مراقبة، لافتاً إلى أن أولئك الذين بقوا كانوا يكافحون من أجل البقاء في ظروف مثل السجون المفتوحة، وأن الظروف تزداد سوءًا، خاصة في المناطق التي سيطر عليها جيش أراكان.

ولخص الناشط لوين معاناة الروهينجا في أراكان، قائلاً: “لا يستطيعون استخدام هواتفهم المحمولة، ويتم استهداف الشباب، وقد تم اختطاف العديد من الشباب واختفائهم على يد جيش أراكان، ولا تستطيع عائلاتهم التواصل معهم، وليس لديهم فرص لكسب العيش، وقد أحرق جيش أراكان منازلهم، ولا توجد منظمة غير حكومية أو تقوم منظمة تابعة للأمم المتحدة بتوزيع المواد الغذائية أو غيرها من المساعدات، في ميانمار بالكامل”.

وأضاف: “هم يعتمدون على الأموال التي يرسلها أقاربهم الذين يعيشون في أجزاء أخرى من البلاد أو في الخارج، وعندما يتلقون الأموال، يتعين عليهم دفع عمولة تتراوح بين 30 إلى 35 بالمائة إلى وكيل النقل، وعندما يريدون شراء أي طعام أو طعام أو إمدادات أخرى عليهم دفع عمولة بنسبة 50 بالمائة لجيش أراكان، وهي نسبة أعلى بكثير من السوق العادية، وفي السجن العادي على الأقل يوجد طعام مجاني و أشياء أخرى، ولكن الناس هنا يكافحون من أجل العثور على الغذاء، ويكافحون من أجل البقاء.

واختتم لوين حديثه لوكالة الأناضول بالإشارة إلى أن “أوضاع مجتمع الروهينجا أسوأ من السجون”، وأن الحكومة الجديدة في بنغلادش تعد بحل هذه القضية، وقال: “كما تعلمون، فقد تم إنشاء الحكومة المؤقتة مؤخراً في بنغلادش، ونحن نشهد الكثير من التغييرات هناك أيضاً، وأكد رئيس الحكومة محمد يونس، في أول تصريح له، أنه من الضروري إعادة الروهينجا إلى وطنهم و استعادة حقوقهم، وأعتقد أنه ستكون هناك سياسة جديدة تجاه الروهينجا، لكن علينا أن ننتظر ونرى، فالوقت مبكر جداً”.

 

شارك

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.