وكالة أنباء أراكان | ترجمات
في حين يدار التعليم الرسمي في مخيمات لاجئي الروهينجا بشكل أساسي من قبل المنظمات غير الحكومية، إلا أن الأطفال لا يتلقون إلا منهجاً دراسياً محدوداً لا يقدم فرصاً لمزيد من التقدم التعليمي، وبخلاف هذه المبادرات الرسمية، أنشأ مجتمع الروهينجا داخل المخيمات نظامهم التعليمي الخاص الذي يركز على الدين الإسلامي.
قام هذا النظام التعليمي بالأساس على عدد من العلماء والدارسين من مسلمي الروهينجا، والذين توسعوا في دراساتهم الإسلامية في بنغلادش قبل العودة إلى ميانمار والاضطرار في عام 2017 إلى النزوح مع مئات الآلاف من الروهينجا إلى بنغلادش هرباً من العنف والاضطهاد ضدهم.
كان “محب الله” بين من علموا مسلمي الروهينجا قبل النزوح، فقد اعتاد تعليم الحديث في ثلاث مدارس في “راثيدونغ” و”مونغدو” بولاية “أراكان”، وبعد النزوح إلى بنغلادش عام 2017 أسس أكبر مدرسة في مخيم رقم 13 في “كوكس بازار”.
وقال لموقع “روهينجا خبر”: “عندما وصلنا لأول مرة لم تكن هناك مدارس دينية أو مساجد في المخيم، وقدم لنا علماء من بنغلادش دعماً لا يقدر بثمن وبات لدينا نحو 300 طالباً”.
ويوضح محب الله أنه مع تناقص الدعم الذي حصلت عليه “جامعة دار السنة الإسلامية” في البداية لإنشائها، تعتمد المدرسة اليوم على التبرعات الفردية وتقاسم الحصص الغذائية لتوفير القوت.
ويروي قائلاً: “نحن ندرس مجاناً وإذا وصلتنا أي تبرعات، نستخدمها لشراء الكتب وغيرها من الضروريات، نحن هنا للحفاظ على إيماننا، وسيساعدنا الله”.
وتتبع المدرسة مناهج المدارس الدينية القومية في بنغلادش، ويشارك الطلاب بجانب دراستهم في فعاليات أسبوعية تشمل إلقاء الخطب وإقامة المناظرات باللغة العربية والروهنجية والأردية حول مواضيع علمية مختلفة، كما ينشر في المدرسة مجلة حائط باللغات العربية والبورمية والبنغالية.
وعندما سئل محب الله عن مستقبله، قال “إن الرغبة في العودة تدفعنا إلى الأمام، نحلم بالعودة إلى وطننا الحبيب، وهذا الأمل يدفعنا إلى الاستمرار”.
ميلاد الأمل
كان سراج الحق أيضاً بين النازحين من ميانمار نحو بنغلادش، وعمل بإمكانات بسيطة مع زملائه من الدارسين السابقين على بناء مسجد ومدرسة داخل مخيم اللاجئين الذي وصلوا إليه، ما دفع أحد العلماء في بنغلادش إلى دعمهم والعودة إليهم محملاً بالكتب بعد ثلاثة أيام من رؤيته المدرسة.
وأسمى سراج الحق المدرسة “المدرسة القاسمية الإسلامية مدينة العلوم” تيمنا باسم المدرسة التي تعلم فيها، وتلقت المدرسة لاحقاً دعماً من أفراد من “هونغ كونغ”، وتقوم بشكل أساسي على التبرعات التي تصلها خلال تجمع يقام سنوياً، كما يتبرع اللاجئون ببعض أموال الإغاثة لدعم المدرسة أو المسجد.
ومع بداية العام الدراسي في شهر شوال يحضر الطلبة لبدء العام الدراسي ويدفعوا مصاريف تصل إلى 1000 أو 1200 تاكا بنغالي (8 إلى 10 دولار) لتغطية مصاريف المدرسة، فيما يتم تدبير الإقامة والوجبات من قبل أسر المخيم.
وتضم المدرسة 150 طالباً و15معلماً كما افتتحت مؤخراً جناحاً للنساء يضم 20 طالبة، ويتجه بعض خريجوا المدرسة إلى التدريس أو إمامة المساجد.
وقال سراج الحق إنه يوجد حالياً عدد من المدارس في كل مخيم إلى جانب المدارس الإسلامية التقليدية وبرامج تحفيظ القرآن، ونظم سابقاً مجلس موحد لفترة وجيزة، لكن الخلافات الداخلية أدت إلى حله بعد عامين، والآن تعمل كل مدرسة بشكل مستقل.
وإلى جانب العلوم الدينية تقدم المدرسة لغات عديدة منها الأردو والفارسي والعربية، إلى جانب الفقه والحديث والتفسير والمنطق، إلا أن الإنجليزية والبورمية ليسا جزءاً من المنهج بسبب نقص الموارد إذ لا يتقاضى المعلمون أجراً، ويحتاج الاستعانة بمعلم لغة إنجليزية لأموال لا تملكها المدرسة.
وتابع أن الإقبال بدأ قي التناقص إذ يحضر 30% فقط من الأطفال فيما يسجل 70% آخرين في مدارس المنظمات غير الحكومية بسبب نقص ذات اليد.
ويقول سراج إن فكرة العودة إلى وطنه لا تفارقه، ويضيف “نريد العودة ونناقش الأمر في الفصل، ونعمل على إبقاء هذا الأمل حياً ونذكر أنفسنا ألا نسمح له بالتلاشي أبداً”.
وبينما يتوق الروهينجا إلى زعيم يوحدهم في هذا النضال، فإنهم ما زالوا متمسكين بأحلامهم في العودة السلمية إلى وطنهم.
ويدفع العنف والاضطهاد في ميانمار الكثير من الروهينجا للفرار من البلاد بحثاً عن ملاذ آمن في بنغلادش المجاورة، التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ روهنجي، يعيشون في مخيمات اللجوء المكدسة في منطقة “كوكس بازار” وسط ظروف معيشية صعبة، وتصنف الأمم المتحدة المخيم بأنه الأكبر في العالم.