وكالة أنباء أراكان
تحطمت أحلام العيش الآمن لدى آلاف من مسلمي الروهينجا الفارين من العنف والاضطهاد في ميانمار بعدما وصلوا إلى ماليزيا باحثين عن استقرار لا زالت تبخل به الأوضاع، فهم بين حلم أن يتم تصنيفهم “لاجئين” ليحصلوا على الحد الأدنى من الحقوق، وبين كابوس ترحيلهم إلى أرض الاضطهاد مرة أخرى.
وشهدت ماليزيا، مثل دول آسيوية عديدة، تدفقاً كبيراً للفارين من العنف في ميانمار خاصة منذ عام 2021 بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة بميانمار، وكان السواد الأعظم من الفارين ينتمي لأقلية الروهينجا المسلمة المضهدة في ميانمار منذ عقود، بحثاً عن اللجوء في ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة.
اللجوء حلم بعيد
أحد الفارين من ولاية “أراكان” هو “ثان وين” (45 عاماً)، والذي عاش ثماني سنوات في ماليزيا قبل أن يتعرض لحادث دراجة تسبب في كسر ساقه منذ ستة أشهر، إلا أن المستشفى رفض علاجه لأنه لا يصنف لاجئاً ولا يحمل ما يكفي من الأموال.
لف موظفوا المستشفى ساق “ثان وين” بالضمادات وأرسلوه إلى المنزل دون دواء، ويقول “ثان وين” لـ “راديو آسيا الحرة”: “ما زلت أشعر بالألم ولا أستطيع المشي ولا أستطيع الوقوف أو العمل أو فعل أي شيء لأنني مصاب”.
ويضيف “ثان وين” قائلاً: “أريد أن يتم الاعتراف بي كلاجئ من قبل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإذا تم ذلك سيمكنني رعاية عائلتي”.
كان “ثان وين” بين الفارين من ولاية “أراكان” الواقعة في غربي ميانمار إلى تايلاند ثم ماليزيا مخافة تعرضه للاعتقال مثلما حدث مع أخيه عام 2016، والذي اعتقله جيش ميانمار لإجباره على المشاركة في القتال ضد جيش أراكان (الانفصالي).
ولا زال “ثان وين” وزوجته بانتظار الرد على طلب اللجوء الذي قدماه إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2019، إذ يحلم باصطحاب زوجته وطفله إلى دولة غربية لإعادة التوطين، لكنه يقول إن تحقيق ذلك سيكون مستحيلاً دون الحصول على وضع اللجوء أولاً.
مستقبلٌ غامض
ويقول “مركز لاجئي أراكان” في ماليزيا، وهو مركز رعاية اجتماعية أنشأه مهاجرون من ولاية “أراكان”، إنه وثق وصول 200 ألف شخص من ميانمار إلى ماليزيا منذ انقلاب المجلس العسكري في أوائل عام 2021.
وتابع المركز، الذي يحاول مساعدة ثان وين، أنه ساعد 30 ألف شخص ممن وصلوا إلى ماليزيا في التقدم بطلب للحصول على وضع اللجوء، ولكن حوالي 200 شخص منهم فقط حصلوا عليه بالفعل.
وقال عبد الرحمن، رئيس إحدى اللجان بالمركز لـ “راديو آسيا الحرة”، إن المركز تلقى في الشهرين الماضيين حوالي 120 طلباً من مواطنيين ميانماريين ينتظرون اللجوء للحصول على مساعدة طبية أو إدخالهم للمستشفيات، إلا أن المركز لم يوفر له الأموال لفعل ذلك.
وقال رئيس مجموعة أخرى تهتم باللاجئين، رفض ذكر اسمه، إن عدم الحصول على وضع اللاجئ يمكن أن يجعل الناس عرضة للضغوط من السلطات الماليزية التي تفرض غرامات فورية، وأضاف أن الميانماريين وخاصة مسلمي الروهينجا مستهدفون بشكل أساسي من قبل السلطات المحلية.
ويعيش أكثر من 107 آلاف من الروهينحا في ماليزيا، وفق إحصائية لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين عام 2023، في ظروف قاسية دون الحصول على وضع قانوني رسمي كلاجئين، بسبب عدم وجود نظام معالجة لطلبات اللجوء لذا يعدون مهاجرين غير شرعيين، ما يحرمهم من حقوق أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل ويعرضهم للاستغلال أو الترحيل.
كما يُحتجز الآلاف من مسلمي الروهينجا في مراكز مؤقتة تابعة لإدارة الهجرة بماليزيا في ظل ظروف معيشية سيئة وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وماليزيا ليست بين الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وهي الاتفاقية التي تحدد الحماية القانونية والحقوق والمساعدة التي يحق للاجئ الحصول عليها.