وكالة أنباء أراكان | خاص
يمثل الوضع الإنساني للاجئين الروهينجا في بنغلادش وأراكان خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2025 تحدياً بالغ التعقيد، يجمع بين نقص التمويل الحاد، وتدهور الخدمات الأساسية، وتصاعد المخاطر الموسمية، بالإضافة إلى استمرار الانتهاكات الجسيمة في ميانمار.
ويعيش ملايين الروهينجا في مخيمات مكتظة في كوكس بازار، معرضين لمخاطر سوء التغذية، ونقص الرعاية الصحية، والحرمان من التعليم، مع هشاشة متزايدة في البنية التحتية والمرافق الأساسية، وفي الوقت نفسه، تتعرض المجتمعات الروهنجية في أراكان للعنف بما في ذلك انفجارات الألغام، والعمل القسري، والتجنيد الإجباري، ومحاولات طمس الهوية الثقافية والدينية، ما يدفع الكثيرين إلى الهجرة البحرية الخطرة بحثاً عن حياة آمنة.
أولاً: أوضاع اللاجئين الروهينجا في بنغلادش
التمويل وإمدادات الغذاء
خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2025، ظل التحدي الأكبر الذي يواجه اللاجئين الروهينجا في بنغلادش مرتبطاً بفجوة التمويل التي تهدد استمرار المساعدات الأساسية.
وأكد برنامج الأغذية العالمي (WFP)، أن نقص التمويل قد يجبره على خفض الحصص الشهرية للطعام من 12.50 دولار إلى 6 دولارات للشخص، وهو ما يقلل قدرة الأسر على تأمين وجبات كافية ومتنوعة، ويزيد اعتمادها على الأغذية منخفضة القيمة الغذائية.
وعلى الرغم من بعض المساهمات الطارئة من مانحين، بما في ذلك التزامات أمريكية سابقة، لكن احتياجات برنامج الأغذية العالمي تقدر بـ60 مليون دولار خلال 6 أشهر وتصل إلى 167 مليون دولار خلال عام، فما زالت الفجوة التمويلية كبيرة، ما يضع استمرارية الحصص الغذائية على المدى المتوسط في خطر.
التغذية والخدمات الصحية
أصبح الوضع الغذائي للأطفال الروهينجا مقلقاً بشكل خاص، إذ وثقت (يونيسف) ارتفاعاً بنسبة 27% في حالات الأطفال الذين أُدخلوا لتلقي علاج سوء التغذية الحاد.
ويرتبط هذا التدهور بشكل مباشر بخفض حصص الغذاء، وهو ما يزيد من الضغط على مرافق التغذية العلاجية، فأي خفض إضافي أو توقف دعم غذائي سيكون له أثر مباشر في تزايد حالات سوء التغذية بين الأطفال، ويؤثر سلباً على صحتهم ونموهم.
كما أثر نقص التمويل على الخدمات الصحية في المخيمات، حيث تم تقليص بعض برامج الرعاية الأولية والتلقيح ودعم علاج الأمراض المزمنة، وقد يتعرض عشرات الآلاف من اللاجئين لانقطاع هذه الخدمات الأساسية إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مع آثار سلبية مباشرة على الأطفال والحوامل وكبار السن، الذين يُعدون الفئات الأكثر هشاشة.
التعليم والبنية التحتية
حذرت (يونيسف) من أن أزمة التمويل الحادة قد تؤدي إلى انهيار برامج التعليم بحلول عام 2026، وهو ما قد يحرم نحو 350 ألف طفل من التعليم.
وتشير استطلاعات ميدانية إلى أن 3% فقط من الفتيات الروهينجا في سن الدراسة يحصلن على التعليم داخل المخيمات، رغم أن الإناث يشكلن أكثر من نصف الأطفال في سن التعليم، ما يعكس فجوة كبيرة في فرص الوصول إلى التعليم.
وبشأن البنية التحتية، فإن خفض الدعم لمشاريع صيانة الممرات وتثبيت المنحدرات وصيانة مرافق المياه والصرف الصحي جعل المخيمات أكثر عرضة لمخاطر الفيضانات والانهيارات الطينية، خاصة خلال موسم الأمطار.
وأدى زيادة عدد الأشخاص لكل منشأة إلى تراجع مستوى النظافة وارتفاع خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، ما يفاقم هشاشة الوضع الإنساني.
المناشدات والاحتياجات المالية
أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها، نداءً بقيمة 934.5 مليون دولار لتأمين المساعدات الأساسية لنحو 1.48–1.5 مليون شخص خلال 2025–2026.
ويُحذر المجتمع الدولي من أن فشل تعبئة التمويل سيؤدي إلى تقليص واسع النطاق في الغذاء والصحة والتعليم والحماية والمياه، مع آثار إنسانية واجتماعية بالغة، بما في ذلك الجوع المتزايد وتدهور صحة الأطفال وزيادة الخروج البحثي عن سبل معيشية يائسة.
الملاحظات الحقوقية والاجتماعية
حذرت منظمات حقوق الإنسان، مثل “أمنييستي”، من أن خفض المساعدات يزيد معاناة اللاجئين الذين ليس لديهم بدائل، ودعت المجتمع الدولي إلى زيادة التمويل وتطوير سياسات تمكّن اللاجئين اقتصادياً بدلاً من إبقائهم رهن المساعدات فقط.
ثانياً: أوضاع الروهينجا في ولاية أراكان
حوادث الألغام
استمرت انفجارات الألغام شبه اليومية في مختلف مدن ولاية أراكان نتيجة الصراع بين جيش ميانمار وميليشيات أراكان البوذية (جيش أراكان)، ما أسفر عن وفاة العشرات من المدنيين الروهينجا، وباتت هذه الحوادث تشكل تهديداً مستمراً على حياة السكان وتزيد من النزوح الداخلي.
التجنيد والعمل القسري
استمرت ميليشيات أراكان في إجبار الروهينجا على العمل القسري في بناء التحصينات العسكرية وحفر الخناق دون أجر تحت التهديد بالعنف والاعتقال، وهو ما وثقته منظمة “فورتيفاي رايتس” في تقرير لها خلال أكتوبر الماضي.
كما أجبرت الميليشيات، مئات الشباب والفتيات من الروهينجا على أداء الخدمة العسكرية القسرية في صفوفها، وتهديد الرافضين بالاعتقال والتعذيب، وفرضت على كل قرية روهنجية إرسال 150-200 من الرجال والنساء لتجنيدهم.
طمس الهوية الثقافية والدينية
دمرت ميليشيات أراكان مسجدين تاريخيين في مدينة بوثيدونغ، في خطوة اعتبرت محاولة لمحو الهوية الثقافية والدينية للروهينجا، ما يعكس تصاعد محاولات الإقصاء والتطهير الثقافي.
الهجرة والمخاطر البحرية
مع تدهور الأوضاع، استمرت الرحلات البحرية الخطرة التي يقوم بها الروهينجا بحثاً عن حياة أفضل، وكانت آخر المآسي غرق قارب يقل 70 شخصاً قبالة سواحل ماليزيا وتايلاند، حيث لقي 27 شخصاً على الأقل حتفهم وفُقد العشرات، إلى جانب قاربين آخرين يحملان 230 روهنجياً لم يُعرف مصيرهم بعد.