وكالة أنباء أراكان | خاص
وسط تصاعد أعمال العنف داخل مخيمات لاجئي الروهينجا في بنغلادش وخاصة ضد النساء، لجأت العديد من فتيات الروهينجا، بتشجيع من أسرهن، إلى تعلم رياضة “التايكواندو” بهدف الدفاع عن أنفسهن ضد أعمال العنف والجريمة التي قد يتعرضن لها.
وقال عدد من الفتيات المتدربات، لوكالة أنباء أراكان، إن تعلم رياضة مماثلة سابقاً كان من الممكن أن يحمي الكثير من نساء الروهينجا ضد الانتهاكات والاعتداءات الجسدية والجنسية التي تعرضن لها قبل النزوح من ولاية أراكان غربي ميانمار خلال السنوات الماضية، من قبل كل من جيش ميانمار وجيش أراكان (الانفصالي)، المسيطر على الولاية حالياً.

ويتبنى اللاجئ الروهنجي مدرب التايكواندو، محمد سليم (45 عاماً)، تدريب وتعليم العشرات من شباب وفتيات الروهينجا في ناديه التدريبي في مخيمات “كوكس بازار”، حيث يؤكد أن الرياضة توفر الحماية للفتيات، كما تعد نشاطاً جيداً للشباب يمنعهم من الانخراط في الجريمة أو أي أنشطة غير قانونية.
وقال المدرب، لوكالة أنباء أراكان، إن مدرسته التدريبية “نادي روهينجا أراكان للتايكواندو”، تضم حالياً 38 طالباً، 17 منهم من الفتيات، منهن ابنته “نسيمة” البالغة من العمر 16 عاماً تقريباً، والتي حرص على ضمها للنادي عندما كانت في الرابعة من العمر فقط، لكي تتعلم رياضة نافعة تمكنها من الدفاع عن نفسها.
وتابع المدرب الذي يمارس الرياضة منذ 21 عاماً قائلاً “لنادينا قواعد صارمة وجدول زمني منظم، من ينضم إلينا لا يتورط في أنشطة إجرامية، وأشجع جميع الروهينجا على فتح أندية تايكواندو فسيعود هذا بالنفع الكبير على شعبنا”، وأضاف قائلاً “دائماً ما أقول إنه إذا كنت تريد أن تعيش في هذا العالم كإنسان صالح فإن التايكواندو ضروري لكل من الذكور والإناث”.
وأضاف المدرب أن ابنته “نسيمة” التي أحرزت تقدماً كبيراً في الرياضة وتستعد للاختبار للحصول على الحزام الأحمر، تقوم على تدريب الفتيات وتقدم لهن الدعم اللازم، وأنه يشارك في تدريبهن إذا احتجن إلى المساعدة.
التايكواندو درع حماية الروهنجيات

أكدت عدد من المتدربات أن تعلم رياضة قوية للدفاع عن النفس مثل التايكواندو كان بإمكانه حماية أمهات وفتيات الروهينجا في ولاية أراكان من العنف والانتهاكات، موضحات أن التايكواندو بالنسبة إليهن ليس مجرد لعبة بل رياضة قانونية معترف بها دولياً وشكل من أشكال الدفاع عن النفس واحترام الذات والتمكين، وإنه إذا تمكنّ من الفوز بميداليات، فستكون تلك فرصة عظيمة لمجتمع الروهينجا.
وقالت الفتاة الروهنجية “روجينا أكتر”، لوكالة أنباء أراكان، “عمري ١٤ عاماً، أعيش في المخيمات وأتعلم التايكواندو لأنني أريد حماية نفسي، ولهذا أحب هذه اللعبة، التايكواندو يجعلني أشعر بالأمان كأنثى، أحياناً أواجه صعوبات أثناء التدريب، لكن مدربتي نسيمة تدعمني كثيراً”.
أما الفتاة “شومشيدا بيبي” (9 سنوات) فأوضحت “أتعلم التايكواندو منذ أربعة أشهر، وآمل أن أصبح مدربة جيدة وأعلم التايكواندو لجميع أفراد مجتمع الروهينجا، الرياضة قد تكون صعبة لكنني مصرة على الاستمرار، وأحصل على المساعدة من والدي محمد سليم وأختي ومدربتي نسيمة”.

وعن الفتاة نسيمة التي تعلمت الرياضة منذ الصغر وتعمل حالياً على تدريب الفتيات، فقد قالت “أعتقد أن تعلم جميع الفتيات لرياضة التايكواندو سيكون أفضل بكثير لمجتمعنا، إنها هامة جداً لحياة الإناث خاصةً بسبب العنف الذي تواجهه العديد من الفتيات والنساء هنا، لو اكتسبنا هذه المهارات في وقت مبكر لكنا استطعنا حماية أنفسنا والهروب بأمان أكبر أثناء أعمال العنف التي شنها جيش ميانمار وجيش أراكان في ميانمار”.
وأعربت نسيمة عن امتنانها الكبير لوالدها وعائلتها ومجتمعها على الدعم المقدم لها، وتضيف “يقولون عني إنه إذا استطاعت نسيمة أن تصبح مدربة تايكواندو، فلماذا لا تتعلم فتياتنا أيضاً؟ إنهم يؤمنون بأن التايكواندو ضروري لفتياتنا ويحترمون ما أفعله”.
وأكدت رغبتها في الاستمرار في الرياضة التي قالت إنها خاضت فيها اختباراً للمنافسة على المستوى الدولي، كما فازت بميدالية ذهبية وكأس عرضتهما بفخر لعائلتها ومجتمعها.
تحديات كبرى
وقال المدرب محمد سليم، لوكالة أنباء أراكان، إن تحديات ومصاعب كبيرة تحيط بتعليم رياضة التايكواندو لشباب وفتيات الروهينجا، منها ضعف الدعم وصغر مساحة التدريب، ما يمنع المدرسة من قبول المزيد من الطلاب، ويضطرها في بعض الأحيان لرفض الطالبات.

وتابع “نناشد حكومة بنغلادش، ولجنة إعادة تأهيل الروهينجا، ولجنة الهجرة واللاجئين، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمجتمع الدولي دعمنا في إنشاء مركز تدريب أكبر”.
وأوضح المدرب الروهنجي أنه يطمح إلى الاستعانة بمدربين دوليين للتايكواندو للاستفادة من خبراتهم، ولإصدار شهادات للطلاب واعتماد مهاراتهم، مطالباً المنظمات غير الحكومية أو الدولية بدعم الروهينجا في هذا الشأن.
وأضاف “للأسف لأننا لاجئون من الروهينجا لا يمكننا إصدار شهادات رغم حصولنا على التدريب، ويمكن فقط للمدربين الدوليين اعتماد مهاراتنا، ومنذ عام ٢٠١٩ دربت ما بين ٢٦٠٠ إلى ٢٧٠٠ طالب في جميع أنحاء مخيمات اللاجئين، ونحتاج لدعم جهودنا ومهاراتنا”.

وتحيط مخاطر متعددة بلاجئي الروهينجا في بنغلادش أبرزها شيوع حوادث الخطف من أجل الحصول على فديات مالية، وتعرضت نساء الروهينجا لحالات اعتداء جنسي على نطاق واسع في إطار حملة “الإبادة الجماعية” التي شنها جيش ميانمار ضد الروهينجا في عام 2017 ودفعت مئات الآلاف منهم للفرار نحو بنغلادش المجاورة.