منظمة حقوقية تدعو لإنشاء ممر إنساني للمتضررين من الحرب في أراكان

لاجئون من الروهينجا يحصلون على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي (صورة: Fortify Rights)
لاجئون من الروهينجا يحصلون على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي (صورة: Fortify Rights)
شارك

وكالة أنباء أراكان

دعت منظمة “فورتيفاي رايتس”، الأربعاء، حكومة بنغلادش وجيش أراكان “الانفصالي” إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتجارة عبر الحدود لدعم المدنيين المتضررين من الحرب في ولاية أراكان غربي ميانمار.

وأوضحت المنظمة الحقوقية أن الأدلة التي جمعتها تُظهر أن المجلس العسكري في ميانمار منع بشكل ممنهج وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين بمن فيهم مجتمعات الروهينجا، مما تسبب في وفيات كان يمكن تجنبها.

وقال “إيياز مين خانت”، مسؤول حقوق الإنسان في “فورتيفاي رايتس”: “على الدول التي تحترم حقوق الإنسان استكشاف جميع السبل الممكنة لتسهيل إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى المجتمعات المحتاجة في ميانمار”، مشيراً إلى أن إنشاء ممر إنساني بين بنغلادش وميانمار سيمكن من إيصال المساعدات والتجارة الحيوية لجميع المجتمعات، وعدم اتخاذ أي إجراء سيكلف أرواحاً.

وفيات بسبب نقص المساعدات

واستشهدت المنظمة بحالات وفاة بسبب نقص المساعدات، منها ما رواه “أونغ تون”، وهو أب روهنجي يبلغ من العمر 35 عاماً، يعيش في مخيم للنازحين في بلدة “باوكتاو”، كيف توفيت ابنته البالغة من العمر عامين ونصف في يوليو 2024 بسبب إسهال حاد نتيجة نقص الإمدادات الطبية وانعدام الرعاية الصحية.

وقال: “حاولت الاتصال بمنظمة طبية، لكنهم لم يتمكنوا من إرسال الأدوية لأن المجلس العسكري منع ذلك قبل أشهر، كانت طفلتي صغيرة جداً ولم تتحمل المرض، توفيت خلال ثلاث ساعات فقط”، مضيفاً أن 12 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم خلال موجة انتشار المرض بسبب الحصار المفروض على وصول الأدوية.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، جرى تسجيل أكثر من 2,600 حالة إسهال حاد في ولاية أراكان بين 16 يونيو و26 أكتوبر 2024.

نزوح مستمر

في فبراير 2025، قال مسؤول في الأمم المتحدة في بنغلادش، يعمل مع اللاجئين القادمين من ميانمار، لمنظمة “فورتيفاي رايتس” رفض الكشف عن هويته: “في الأشهر الأخيرة، بات الوافدون الجدد يفرون من ولاية أراكان ليس فقط بسبب العنف والقتال، ولكن أيضاً بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية”.

وأضاف: “لا تسمح بنغلادش بتسجيل اللاجئين الجدد، مما يجعل الحصول على الطعام والرعاية الطبية والمأوى في كوكس بازار أمراً بالغ الصعوبة، ومع تجميد التمويل الأمريكي، نتوقع أن تزداد الأزمة سوءاً”.

وأكد مسؤول آخر في الأمم المتحدة يعمل في ولاية أراكان، أن الولاية تواجه أزمة غذاء وشيكة من المتوقع أن يغطي الإنتاج المحلي 20% فقط من الاحتياجات الغذائية عام 2025، وأدت القيود على البذور والأسمدة، والظروف الجوية القاسية، والنزوح، والصراع المستمر إلى انخفاض حاد في إنتاج الأرز، مما يعرّض أكثر من مليوني شخص لخطر المجاعة”.

عرقلة المساعدات الإنسانية

وأشارت المنظمة إلى أن السلطات العسكرية ترفض منح تصاريح السفر لعمال الإغاثة، مما يمنعهم من إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة.

وقال عامل إغاثة في مدينة “مونغدو” بولاية أراكان: “قدمنا طلبات عدة للحصول على تصاريح سفر، لكن الجيش رفضها دون أي رد رسمي، وحاولنا التواصل مع القائد العسكري المحلي، لكنه لم يستجب لنا”.

وأوضح مسؤول كبير في الأمم المتحدة، أنه خلال إبريل 2024 جرى تقديم خطاب إلى قائد العمليات العسكرية في مدينة بوثيدونغ بولاية أراكان، طالبين الإذن بتقديم مساعدات إنسانية للنازحين، لكن لم يردوا ما يعني أن الطلب رُفض، ولم يكن هناك أي اعتبار لمعاناة المدنيين الذين يفتقرون إلى أساسيات البقاء على قيد الحياة.”

وفرض المجلس العسكري في ميانمار قيوداً صارمة على وصول المساعدات، مما أدى إلى وفيات كان يمكن تجنبها، وهو ما قد يرقى إلى جرائم حرب، وذلك رغم أنه يسيطر على 3 فقط من 17 بلدية بولاية أراكان، فإن إحداها هي بلدية “سيتوي”، التي تضم العاصمة والميناء الرئيسي، مما يُمكّنه من منع وصول المساعدات القادمة من مناطق أخرى في ميانمار.

الحصار الاقتصادي وخطر المجاعة

وتفاقمت الأزمة الإنسانية داخل وخارج ولاية أراكان مع فرض المجلس العسكري في ميانمار قيوداً تجارية صارمة، وحسب سكان أراكان فإن أسعار الأرز تضاعفت منذ نوفمبر 2024 نتيجة الحصار التجاري.

وارتفعت تكلفة سلة السلع الأساسية بنسبة 185% مقارنة بالعام السابق، وقفزت أسعار الخضروات والمواد غير الغذائية الخاصة بالنظافة 300%، حسب تقرير تحليل السوق الصادر في نوفمبر 2024 عن وحدة إدارة المعلومات في ميانمار.

وكشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في نوفمبر 2024، أن ما يصل إلى مليوني شخص في ولاية أراكان معرضون لخطر المجاعة بسبب الأوضاع الحالية، وأيضاً مع تراجع الإنتاج الزراعي، ما أثّر على الأمن الغذائي.

وجاء في التقرير: “إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن 95% من السكان سينحدرون إلى وضع البقاء فقط، حيث سيتركون ليعتمدوا على أنفسهم وسط انخفاض حاد في الإنتاج المحلي، وارتفاع جنوني في الأسعار، وانتشار البطالة، وتزايد انعدام الأمن، ومع إغلاق طرق التجارة والقيود الصارمة على المساعدات، تواجه أراكان خطر أن تصبح منطقة معزولة بالكامل تعاني من معاناة إنسانية عميقة”.

جيش أراكان مدان

وأشارت منظمة “فورتيفاي رايتس” إلى أن جيش أراكان “الانفصالي” يتحمل أيضاً مسؤولية عن المعاناة الإنسانية في ولاية أراكان، حيث قدمت أدلة على هجمات الحرق العمد ضد أحياء الروهينجا، ومجزرة ضد المدنيين في أغسطس 2024.

واستندت لشهادات من الروهينجا منهم صيدلي، قال: “خسرت بالفعل منزلي وممتلكاتي وصيدلية كبيرة في بوثيدونغ عندما أحرقها جيش أراكان في مايو 2024، لقد أنفقت أكثر من 15 مليون كيات ميانماري (4,300 دولار أمريكي) لإجلاء عائلتي من هناك، لم يعد لدي القدرة على تحمل المزيد من الخسائر”.

نقص الغذاء والدواء

وأوضح عامل إغاثة روهنجي: “عندما هاجم جيش أراكان مونغدو، منع نقل السلع من منطقة الـ4 أميال، كما حظر وصول الخضروات والفواكه، كما تمنع السلطات البنغلادشية التجارة عبر الحدود، وعانى الناس بشدة من نقص الغذاء والعلاج الطبي هناك”.

وذكرت “فورتيفاي رايتس”، أنه مع تفاقم الأزمة في ميانمار، يجب على بنغلادش وجيش أراكان اتخاذ إجراءات عاجلة للتعاون وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتجارة.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.