ما بعد السياسة: دور أستراليا في حل أزمة الروهينجا

لاجئون من الروهينجا في أحد أسواق مخيمات منطقة "كوكس بازار" في بنغلادش (صورة: ABC)
لاجئون من الروهينجا في أحد أسواق مخيمات منطقة "كوكس بازار" في بنغلادش (صورة: ABC)
شارك

على مدى السنوات الأخيرة، اتخذت الحكومة الأسترالية خطوات ملموسة لدعم شعب الروهينجا، سواء في موطنهم بميانمار، أو في مخيمات اللاجئين في بنغلادش، أو في أماكن أخرى بالمنطقة، وهذا أمر في غاية الأهمية، إذ تعد أزمة الروهينجا أكبر أزمة إنسانية في منطقتنا.

يجب الآن تحويل الجهود نحو سياسة غير حزبية تضمن التزام الحكومة الأسترالية – بغض النظر عن نتائج الانتخابات المقبلة- بمعالجة قضية انعدام الجنسية للروهينجا، فبدون ذلك سيكون التقدم المحرز حتى الآن في خطر.

ومنذ عام 2022، اتخذت أستراليا خطوات مهمة حيث تعهدت بتقديم 235 مليون دولار، وأدرجت الأزمة ضمن أولويات سياستها الإنسانية، ووسعت مسارات إعادة التوطين الدبلوماسي، وتعكس هذه الإجراءات سياسة خارجية تتعامل مع الواقع.

لا يزال أكثر من مليون لاجئ روهنجي يعتمدون على المساعدات، وهم بحاجة ليس فقط إلى دعم فوري لإنقاذ حياتهم، بل إن وجودهم يشكل تحديات طويلة الأمد تتعلق بالأمن والهجرة والأزمة الصحية الإقليمية.

وفي مخيمات اللاجئين في كوكس بازار، سجلت أكبر موجة تفشي للجرب في التاريخ إلى جانب نقص حاد في المياه، مما يجعل الحفاظ على النظافة شبه مستحيل، فضلًا عن ارتفاع معدلات سوء التغذية لا سيما بين الأطفال.

وفي العام الماضي، أبلغت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) عن تفشي التهاب الكبد الوبائي C في المخيمات، وكشفت دراسات أن ما يقرب من 20٪ من اللاجئين الروهينجا الذين تم فحصهم في كوكس بازار مصابون بالفيروس، ما يعني أن عشرات الآلاف منهم قد يتأثرون بذلك على مدى أجيال.

وتواجه أستراليا تحديات معقدة في دعم الروهينجا، ليس فقط بسبب الصراع المستمر في ميانمار، ولكن أيضاً بسبب السياسات الحزبية الأسترالية، والمواقف العامة المتشككة في زيادة المساعدات أو قبول أعداد أكبر من اللاجئين الإنسانيين.

يجب على الحكومة المقبلة تغيير نظرة المجتمع تجاه اللاجئين والمساعدات الإنسانية، ومن الخطوات الأساسية لإظهار القيادة الحقيقية إعادة الالتزام بتخصيص 1٪ على الأقل من الميزانية الفيدرالية للمساعدات الخارجية.

كان هذا النهج واضحاً في السبعينيات عندما دعمت كلا من حكومتي حزب العمال والائتلاف الأسترالي أهدافاً مماثلة للمساعدات، وكذلك في التسعينيات عندما اتفقت الأحزاب الكبرى على زيادة الالتزامات الإنسانية، إن وجود توافق سياسي مشترك سيضمن إبعاد المساعدات الإنسانية عن المساومات السياسية، ويؤكد أن أستراليا تتحمل مسؤولياتها الإقليمية.

يجب على أستراليا استغلال نفوذها الإقليمي لدفع الحلول الدائمة لأزمة الروهينجا، من خلال استضافة حوارات رفيعة المستوى مع القوى الإقليمية مثل الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وبنغلادش وجيران ميانمار لدفع حلول سياسية فعالة، المطالبة بتوسيع مسارات إعادة التوطين الإنسانية للاجئين الروهينجا، وتكليف لجان بحثية بإعداد أوراق بيضاء حول الدبلوماسية واستراتيجيات الهجرة القائمة على حقوق الإنسان.

قد يُنظر إلى هذا النهج على أنه طموح أو غير واقعي على المدى القصير وربما يكون هذا صحيحاً لا سيما مع هيمنة خطاب التخويف والانقسام السياسي على البرلمان الأسترالي، حيث يتم تصوير الهجرة واللاجئين على أنهم تهديدات أمنية بدلاً من أولويات إنسانية.

تعهد حزب الائتلاف بالفعل بخفض عدد اللاجئين الذين يتم استقبالهم سنوياً من 20000 إلى 13750، ولم يفِ حزب العمال حتى الآن بوعده بزيادة العدد إلى 27000، خوفاً من ردود الفعل السياسية، ولا تزال الأحزاب الكبرى تحتجز اللاجئين القادمين بالقوارب في مراكز احتجاز خارجية في ناورو وجزيرة كريسماس.

وقد لا تكون أستراليا قادرة على حل أزمة الروهينجا بمفردها ولكن يمكنها أن تقود جهود الحلول، ومن خلال المساعدات والهجرة والدبلوماسية يمكن للحكومة الأسترالية الضغط من أجل حلول مستدامة لهذه الأزمة.

ولا يمكننا أن نتوقع من قادتنا السياسيين أن يحلوا كل شيء، ولكن يمكننا أن نتوقع منهم وضع الرؤية الصحيحة، رؤية تقوم على الإنسانية المشتركة، حيث يعيش مليون لاجئ روهنجي في خيام مؤقتة في منطقتنا، وهذا يجب أن يهمنا حتى وإن لم يكونوا مواطنين أستراليين.

ومع اقتراب الانتخابات الأسترالية، نأمل أن تعترف الأحزاب السياسية والمرشحون بهذه الحقيقة، ويتجاوزوا السياسات القائمة على التخويف، فدعم الفئات الأكثر ضعفاً يجب أن يتجاوز الحسابات الحزبية فهو جزء من هويتنا كأستراليين.

*(الكاتب: “أرون جيغان” شغل منصب رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في بنغلادش، وعمل منسقا للطوارئ باليمن وسوريا وفنزويلا وأفغانستان والعراق وفلسطين، نُشر المقال في موقع “Lowy Institute”، وترجمته وكالة أنباء أراكان).*

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.