التواطؤ في إبادة الروهينجا لا يمكن مروره دون عقاب

لاجئون روهينجا يسيرون بعد عبورهم نهر ناف من ميانمار إلى بنغلادش في وايخيانغ (صورة: AFP)
شارك

الروهينجا هم أقلية عرقية في ميانمار تم حرمانهم منذ فترة طويلة من حقهم في المواطنة وحقوقهم الإنسانية الأساسية، ومنذ الانقلاب العسكري عام 1962، تعرضوا للعديد من المجازر والانتهاكات التي أجبرتهم على الفرار بشكل متكرر من وطنهم.

وفي أغسطس 2017، شن جيش ميانمار حملة عنف واسعة النطاق ضد الروهينجا، مما أدى إلى نزوح أكثر من 700,000 شخص نحو بنغلادش المجاورة، حيث وجدوا أنفسهم عالقين في مأزق سياسي في المنفى.

ويعيش أكثر من مليون لاجئ روهنجي في مخيم كوكس بازار، الذي يعد أكبر مخيم للاجئين في العالم، بعضهم هربوا خلال موجات العنف السابقة، لكن هجوم أغسطس 2017، الذي وصفته الأمم المتحدة بـ”الإبادة الجماعية” و”التطهير العرقي المنهجي”، كان الأكثر دموية.

ويسعى الروهينجا منذ عقود إلى العدالة واستعادة حقوقهم، وقد تم رفع قضيتهم في ثلاث محاكم دولية هي محكمة العدل الدولية (ICJ) التابعة للأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ومحكمة جنائية اتحادية في الأرجنتين، ورغم الصعوبات، لا يزال الروهينجا متفائلين، في انتظار أن تتحقق العدالة ويتم محاسبة المسؤولين.

وفي 13 فبراير 2025، أصدرت محكمة أرجنتينية أمر اعتقال بموجب الاختصاص القضائي العالمي بحق 25 شخصاً من بينهم الجنرال “مين أونغ هلاينغ” قائد جيش ميانمار، و”أونغ سان سو كي”، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1991 والمستشارة السابقة للدولة، و”يو تين كياو” الرئيس السابق لميانمار، ويعتبر هذا القرار خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم المرتكبة ضد الروهينجا.

وقال “تون خين”، رئيس منظمة الروهينجا البورمية في المملكة المتحدة (BROUK): “هذا القرار يمثل بصيص أمل للروهينجا الذين عانوا لعقود من الإبادة الجماعية، وشهدوا تدمير عائلاتهم وثقافتهم دون محاسبة، كما أنه انتصار للعدالة الدولية في ظل الانتهاكات المتزايدة للقوانين الدولية حول العالم”.

وبعد إصدار أوامر الاعتقال، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية (NUG) المعارضة في ميانمار، بياناً في 18 فبراير 2025، تطالب فيه المحكمة الأرجنتينية بإزالة أسماء “أونغ سان سو كي” و”يو تين كياو” من قائمة المتهمين.

وفي 19 فبراير 2025، صرح “يو ني بون لات”، المتحدث باسم مكتب رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، لوسائل الإعلام بأن الحكومة ستستخدم جميع الوسائل القانونية لإلغاء أمر الاعتقال الصادر بحق “أونغ سان سو كي”.

وتجاهلت حكومة الوحدة الوطنية، الانتهاكات المروعة التي ارتكبها جيش أراكان ضد الروهينجا، والتي تشبه الفظائع التي ارتكبها جيش ميانمار عام 2017، هذا الصمت يوضح عدم اكتراثهم بمعاناة الروهينجا.

ورغم أن “أونغ كياو مو”، وهو روهنجي، يشغل منصب نائب وزير حقوق الإنسان بحكومة الوحدة الوطنية، إلا أن ذلك لا يعني أن الحكومة تعترف بالروهينجا كعرقية أصلية في ميانمار، بل يبدو أن تعيينه كان مجرد خطوة تكتيكية لكسب الاعتراف الدولي.

وفي عام 2019، رفضت “أونغ سان سو كي” مزاعم الإبادة الجماعية ضد الروهينجا أمام محكمة العدل الدولية، مما يثبت أنها وفرت الغطاء السياسي للجرائم.

قال “ماثيو سميث”، الرئيس التنفيذي لمنظمة فورتيفاي رايتس، في مقابلة مع BBC عام 2019: “أونغ سان سو كي لا تدافع فقط عن الجيش وجرائمه ضد الأقليات العرقية، بل تدافع عن نفسها أيضاً، إنها مسؤولة جنائياً عن الجرائم الدولية ضد الروهينجا”.

ورحبت حكومة الوحدة الوطنية بجهود المحكمة الأرجنتينية لمحاسبة الجناة، لكنها وصفت الجرائم ضد الروهينجا بأنها مجرد “فظائع جماعية”، رافضة الاعتراف بها على أنها إبادة جماعية.

الآن، يرى المجتمع الدولي الوجه الحقيقي لحكومة الوحدة الوطنية المعارضة في ميانمار، و”أونغ سان سو كي” الحائزة على نوبل للسلام، والتي يُنظر إليها على أنها أيقونة الديمقراطية في ميانمار، لا تدعم حق الروهينجا في المواطنة.

يجب على كل من يدافع عن الديمقراطية الفيدرالية في ميانمار أن يتوقف عن تبرير أفعال “سو كي”، لأنها لا تستحق سوى الإدانة بسبب دورها في أزمة الروهينجا، كمتهمة بجرائم دولية، يجب عليها مواجهة العدالة.

(الكاتب سراج الإسلام هو شاعر وكاتب وناشط حقوقي من الروهينجا يعيش حالياً في مخيم اللاجئين الروهينجا في كوكس بازار ببنغلاديش، يمتلك مجموعتين شعريتين عالمياً ويعمل حالياً على إصدار كتابه الثالث، نُشر المقال في موقع “The Daily Star” وترجمته وكالة أنباء أراكان)

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.