مؤتمر الروهينجا الأممي: مطالبات بالحماية والعدالة والحلول المستدامة للأزمة

اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)
اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)
شارك

وكالة أنباء أراكان

في مؤتمر أممي رفيع المستوى هو الأول من نوعه تناول أزمة الروهينجا، الثلاثاء، تعالت الأصوات الدولية المطالبة بتوفير الحماية وتحقيق العدالة من أجل الروهينجا، إضافة إلى محاسبة مرتكبي الجرائم بحقهم أمام المحكمة الجنائية الدولية.

عقد المؤتمر بهدف رئيسي هو إعادة قضية الروهينجا إلى دائرة الضوء وجذب الاهتمام الدولي لها مرة أخرى وتقييم الأوضاع على الأرض ومناقشة خطط زمنية دقيقة لتطبيق حلول مستدامة للأزمة تشمل العودة الطوعية والآمنة للاجئي الروهينجا إلى وطنهم في ولاية أراكان غربي ميانمار الذي تعرضوا فيه للإبادة على يد جيش ميانمار في 2017، ويتعرضون فيه للانتهاكات المستمرة على يد ميليشيات أراكان البوذية (جيش أراكان) المسيطرة حالياً على الولاية.

ولفتت رئيسة الجمعية العامة “أنالينا بيربوك” إلى المصاعب الجمّة التي يعانيها لاجئو الروهينجا في مخيمات بنغلادش التي أجبروا على العيش فيها بعدما فروا من ميانمار حاملين أطفالهم على ظهورهم، مؤكدةً أن بنغلادش لن تستطيع تحمل هذا العبء بمفردها.

وتابعت أنه يوجد أكثر من 3.5 مليون شخص من الروهينجا داخل ميانمار يحتاجون بشدة إلى مساعدات إنسانية، وأن خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية لعام 2025 لميانمار لم تمول إلا بنسبة 12%، لافتة إلى أن الاستجابة الدولية الإنسانية يجب أن تتوافق مع الصمود الكبير للروهينجا.

حديث "فيليبو غراندي" خلال اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)
حديث “فيليبو غراندي” خلال اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)

كما وصف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “فيليبو غراندي” محنة الروهينجا بأنها “فريدة من نوعها” إذ لا زالوا يتعرضون للتمييز والحرمان من الحقوق والإساءة فيما يقعون في خضم صراعات عرقية متعددة ويواجهون حرق قراهم والاستبعاد من العمل والخدمات والحرمان المستمر من هويتهم.

وشدد “غراندي” على أن الاستجابة الإنسانية لا تزال تعاني من نقص مزمن في التمويل وأن مخاطر عديدة لا تزال تحدق باللاجئين تشمل موت الأطفال بسبب سوء التغذية أو موت الناس في البحر مع تزايد أعداد اللاجئين الذين يخوضون رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر.

أما المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ” فولكر تورك” فقد وصف الحياة في ميانمار بأنها ربما “الأسوأ على الإطلاق” بالنسبة للروهينجا والأقليات الأخرى قائلاً إن ذلك يمثل فصلاً قاتماً آخر في تاريخ الاضطهاد الطويل، وإنه لا يمكن للانتخابات التي يخطط لها الجيش في ميانمار أن تكون حرة أو نزيهة إذ لن يُسمح للروهينجا المجردين من جنسيتهم بالتصويت.

حديث "فولكر تورك" خلال اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)
حديث “فولكر تورك” خلال اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك بشأن الروهينجا، 30-9-2025 (صورة: UN)

وتابع أنه رأى “يأس عميق” في عيون النساء والفتيات اللواتي التقى بهن في ولاية أراكان، مؤكداً أن مخرج هذه الأزمة يكمن في خفض التصعيد وحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية وليس الانتخابات، وأنه يجب أن يستمر دعم اللاجئين في بنغلادش وإحالة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية.

الحل يبدأ من ميانمار

ومن جانبه، صرح المبعوث الخاص لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى ميانمار ” تان سري عثمان هاشم” أن ولاية أراكان لا تزال تتحمل وطأة الصراع، وهو ما قال إنه يفاقم محنة تعود إلى ما قبل انقلاب عام 2021، مؤكداً ضرورة الحوار الشامل لإيجاد حل سلمي للأزمة في ميانمار، داعياً إلى تغيير الأوضاع ووقف فوري للعنف وزيادة التمويل الإنساني وضمان عودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين.

وقد جددت عدة دول دعواتها لاتخاذ إجراءات عاجلة لحل أزمة الروهينجا المطولة، محذرةً من أنه لا يمكن السماح باستمرار الوضع لعقود مقبلة، فقال رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلادش، محمد يونس، أن محنة الروهينجا مستمرة منذ بدء الإبادة الجماعية وأن الأزمة “بدأت في ميانمار ويكمن حلها في ميانمار”، محذراً من أنه مع تراجع المساعدات يظل الخيار السلمي الوحيد هو البدء في إعادتهم إلى وطنهم”.

كما حث يونس المجتمع الدولي على وضع خارطة طريق عملية لإعادة آمنة وكريمة للاجئين وممارسة ضغط فعال على ميانمار لوقف الاضطهاد وتحقيق الاستقرار في ولاية أراكان، مشيراً إلى أن بلاده تعد “ضحية للأزمة” ومجبرة على تحمل “تكاليف مالية واجتماعية وبيئية باهظة”.

وفي السياق ذاته، أكد وزير خارجية إندونيسيا “سوجيونو” أن مأساة الروهينجا لا تنفصل عن أزمة ميانمار، وأن السلام يتطلب حواراً شاملاً يتماشى مع خطة “آسيان” ذات النقاط الخمس، مضيفاً أن “ثماني سنوات من النزوح هي بالفعل فترة طويلة جداً لا يجب أن تتحول إلى عقود من اليأس”.

مشاركة أحد نشطاء الروهينجا في اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك، 30-9-2025 (صورة: UN)
مشاركة أحد نشطاء الروهينجا في اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك، 30-9-2025 (صورة: UN)

ووصف مندوب ماليزيا الاجتماع بأنه “كان ينبغي عقده منذ فترة طويلة”، وأضاف أن محاولات طمس هوية الروهينجا وتراثهم تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان ويجب رفضها، داعياً إلى إيجاد حل مستدام يضمن عودة آمنة وكريمة، فيما أكد ممثل تايلاند أن تقديم المساعدات الإنسانية بالغ الأهمية، لكنه ليس حلاً دائماً وأن الهدف الجماعي يجب أن يكون العودة الطوعية والآمنة والكريمة والمستدامة للروهينجا.

كما أعرب ممثل بولندا عن قلقه إزاء استخدام التقنيات المتقدمة ضد المدنيين في ميانمار، وحث الدول الأعضاء على الامتناع عن تمكين جيش ميانمار من شن هجمات على المدنيين، ورحب بدعوات فرض حظر عالمي، وقد دعا ممثل الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق العدالة من أجل الروهينجا الذين يستحقون الكرامة والعودة الآمنة والمواطنة الكاملة والمساواة في الحقوق.

وباسم منظمة التعاون الإسلامي، أدان مندوب تركيا ما وصفه بأنه استراتيجية التطهير العرقي المتعمدة والممنهجة ضد مسلمي الروهينجا، وأكد أن ميانمار يجب أن تمتثل امتثالاً كاملاً لقرارات محكمة العدل الدولية التي تلزمها بمنع الإبادة الجماعية وحماية الأدلة، وأن يكثف المجتمع الدولي من الضغط الدبلوماسي وفرض العقوبات ودعم الدول المضيفة للروهينجا.

وشهدت الجلسة الأولى من المؤتمر رفيع المستوى للأمم المتحدة حول أزمة الروهينجا، مداخلات مؤثرة لنشطاء من الروهينجا الذين قدّموا شهادات عن الانتهاكات الممنهجة والمعاناة المستمرة في ولاية أراكان غربي ميانمار، مؤكدين أنّ الإبادة الجماعية ضد الروهينجا لم تنتهِ عام 2017، وأنّهم ما زالوا يُستخدمون كدروع بشرية مع تصاعد العنف، وقد دعا مسؤولو الأمم المتحدة وناشطون حقوقيون، إلى تعزيز التضامن الدولي وصياغة حلول سياسية مستدامة لإنهاء عقود من القمع والنزوح والمعاناة الإنسانية التي يعيشها الروهينجا.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.