وكالة أنباء أراكان
يواجه لاجئو الروهينجا في إندونيسيا أوضاعاً حرجة بعدما خفضت المنظمة الدولية للهجرة المساعدات المقدمة لهم في يناير الماضي، وهو ما يقول بعض اللاجئون إنه بات يهدد حياتهم وأسرهم وربما يضعهم أمام قطار الموت البطيء.
وأكد عدد من لاجئي الروهينجا في مدينة “ميدان” الإندونيسية أنه تم حرمانهم من الإقامة في المساكن الخاصة بالمنظمة الدولية للهجرة كما أكد آخرون تخفيض المساعدات المالية الشهرية المقدمة لهم، ما أثر على حياتهم بشكل بالغ، وذلك حسبما نقلت شبكة “بي بي سي – إندونيسيا”.
وبينما يقول ممثلو المنظمة الدولية للهجرة في جاكرتا إن التخفيضات مدفوعة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق تمويل المساعدات الخارجية مؤقتاً، يحذر خبراء من مغبة ذلك على أمن وسلامة مجتمعات اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
لاجئون بلا مأوى
وذكرت شبكة “بي بي سي – إندونيسيا” أن عدداً من لاجئي الروهينجا أجبروا على مغادرة المساكن التي وفرتها لهم المنظمة الدولية للهجرة وأن ما يتلقونه من دعم مالي لا يكفي لتوفير السكن واحتياجات الحياة في آن واحد لأسرهم، وخاصة من لاجئي الروهينجا في مدينة “ميدان” الإندونيسية.

وقال اللاجئ الروهنجي حسين إنه اضطر لمغادرة الملجأ الصغير الذي منحته لهم المنظمة في فبراير الجاري مع زوجته وأطفاله الأربعة، وإن حياة أسرته تزداد صعوبة بسبب تناقص المساعدات حيث بات يتعين عليهم العثور على السكن ودفع إيجاره على نفقتهم الخاصة، مطالباً بإعادة أسرته إلى الملاجئ كما كان الوضع سابقاً.
وأضاف حسين أن نقص المساعدات المقدمة من المنظمة الدولية للهجرة مستمر منذ يناير الماضي وإنها لم تعد تمول تسكين الروهينجا في مدينة “ميدان”، وأن عشرات الأسر تواجه المصير نفسه.
وقبل تخفيض الدعم، كان يتلقى البالغون مبلغ 1.250.000 روبية إندونيسية (76 دولاراً أمريكياً) للشخص الواحد شهرياً، ويحصل الأطفال دون سن 18 عاماً على 500.000 روبية إندونيسية شهرياً (30 دولاراً)، كما كان يتم منح الآباء 200.000 روبية إندونيسية إضافية شهريًا (12 دولاراً) كأموال نقل لمدارس أطفالهم، كما كان يوجد تأمين صحي وسكن من غرفتين للأسر المؤلفة من ستة أشخاص مثل أسرة حسين.
وقال حسين “تم نقلنا من الملجأ رسمياً، لكن لماذا توقفت مساعدة الإقامة فجأة بعد أربع سنوات، كيف سنعيش؟”، موضحاً أن السياسة الجديدة التي تتبعها المنظمة الدولية للهجرة تنطوي على عدم توفير مرافق سكنية للاجئين الذين وصلوا إلى إقليم “آتشيه” و”شمال سومطرة” منذ عام 2018 فصاعداً بالإضافة غلى خفض المساعدة الشهرية.
كما أكد لاجئ روهنجي آخر أنه نتيجة لقرار المنظمة الدولية للهجرة الجديد، لا يحصل إلا على 1.050.000 روبية شهرياً (63 دولاراً)، وأضاف أن استئجار مسكن يكلفه أكثر من نصف المبلغ ما يترك له القليل للوفاء بالاحتياجات اليومية ما يدفعه لتناول وجبة واحدة فقط في اليوم.
قرار المنظمة

وأوضح ممثلون عن المنظمة الدولية للهجرة في جاكرتا لبي بي سي أن التخفيضات في أموال المساعدات المقدمة للاجئين كانت مدفوعة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق تمويل المساعدات الخارجية مؤقتاً، مشيرةً إلى أن القرار أثر أيضاً على الموظفين والأنشطة.
كما أكدت المنظمة أنها تظل ملتزمة بتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية ومواصلة الانخراط بشكل بناء مع المانحين والشركاء بما في ذلك الولايات المتحدة لدعم الخدمات الأساسية.
ومن جانبه، أعرب الأكاديمي مراقب العلاقات الدولية “دافري أغوساليم” عن أسفه العميق إزاء القرار الأمريكي لأن العديد من المؤسسات الدولية التي تهتم بالقضايا الإنسانية واللاجئين وحقوق الإنسان والديمقراطية تعتمد على هذه الأموال.
وحذر الخبير من أن القرار قد تكون له تداعيات خطيرة منها انتشار الجريمة بسبب الضغوط المالية والمعيشية على اللاجئين، مشيراً إلى القبض على عدد من اللاجئين وهم يفرون إلى ماليزيا بمساعدة شبكة من مهربي البشر.
كما اقترح الأكاديمي الخبير في إندونيسيا أن تنخرط الحكومة مع دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) للحصول على الدعم في شكل أموال مساعدات، أو تشغيل اللاجئين في القطاعات غير الرسمية كما تفعل ماليزيا، أو أن تطلب منظمة الهجرة أن تطلب أموالاً إضافية من الدول المانحة بخلاف الولايات المتحدة نظراً لأن الوضع يمثل حالة طوارئ.

ويعيش لاجئو الروهينجا في إندونيسيا في ظروف صعبة وسط ضعف المساعدات والرعاية الصحية، وكان تقرير حديث أشار إلى تدهور الأوضاع المعيشية للروهينجا في مخيمات إندونيسيا في ظل تناقص التمويل الدولي، وتنامي المشاعر السلبية الشعبية تجاههم، وتكرار حوادث منع قواربهم من الرسو بشواطئ البلاد.
وشهد العام الجاري وصول قارب لسواحل إقليم “آتشيه” الإندونيسي وعلى متنه قاربة 70 لاجئاً من الروهينجا، إضافةً إلى وصول 264 لاجئاً من الروهينجا على متن قاربين بعدما رفضت ماليزيا استقبالهما، ولا تعد إندونيسيا بين الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين وتقول إنه لا يمكن إرغامها على استقبال اللاجئين من ميانمار، وتدعو بدلاً من ذلك الدول المجاورة إلى تقاسم العبء وإعادة توطين الروهينجا الذين يصلون إلى شواطئها.
ويخوض لاجئو الروهينجا رحلات بحرية خطرة تودي بحياة عددٍ منهم، أملاً في الوصول إلى ماليزيا أو إندونيسيا باحثين عن الأمان، بعدما فروا من الاضطهاد والعنف في ميانمار، لا سيما بعد حملة “الإبادة الجماعية” عام 2017، و كذلك هرباً من الأحوال المعيشية الصعبة في مخيمات اللجوء ببنغلادش التي تستضيف قرابة مليون منهم.

