اللاجئون الروهينجا في بنغلادش يواجهون مخاطر متزايدة مع قرب انهيار المساعدات

الآلاف من اللاجئين الروهينجا يتناولون وجبة الإفطار رفقة غوتيريش أثناء زيارته إلى مخيمات الروهينجا في كوكس بازار (صورة: مواقع التواصل)
شارك

في أغسطس 2017، أدت حملة قمع دموية شنها جيش ميانمار ضد الروهينجا في ولاية أراكان إلى فرار مئات الآلاف عبر الحدود إلى بنغلادش، لينضموا إلى نحو 300 ألف لاجئ سبق أن وصلوا في موجات نزوح سابقة، مما شكل أكبر مخيم للاجئين في العالم، واليوم، تستضيف بنغلادش أكثر من 1.2 مليون من الروهينجا في كوكس بازار وجزيرة بهاسان تشار، حيث يعيش اللاجئون في 33 مخيماً مكتظاً بشكل شديد، ولم تتم إعادة لاجئ واحد إلى ميانمار حتى الآن، رغم محاولات سابقة للبدء بعملية الإعادة.

وبينما تضغط دكا من أجل إعادتهم، فإن نايبيداو التي لا تعترف بالروهينجا كمواطنين لم تُبدِ أي تعاون يُذكر، وزادت الاضطرابات الأخيرة في ميانمار من تعقيد الوضع، فقد أسفر الصراع مجدداً عن مقتل رجال ونساء وأطفال من الروهينجا، وتسبب في خلو مدنهم، وطمس ما تبقى من تاريخهم وهويتهم، وقد استقبلت بنغلادش ما يقرب من 150 ألف روهنجي خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، في أكبر موجة لجوء منذ عام 2017، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ومع ذلك، فإن المساعدات الدولية للاجئين الروهينجا في بنغلادش تتراجع بسرعة، مما يؤدي إلى أزمات خطيرة في الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والمأوى، وإذا لم يتم تأمين تمويل عاجل لخدمات المساعدة الحيوية، فإن معاناة اللاجئين قد تتفاقم بشكل كبير.

يعتمد اللاجئون الروهينجا بالكامل على المساعدات الإنسانية لتوفير الحماية والغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية، وبعد نحو ثماني سنوات من الأزمة، بدأت الالتزامات المالية الدولية بالتراجع، ما أثر على عمل المنظمات الإنسانية على الأرض، وتعاني المخيمات في كوكس بازار من نقص في المواد الغذائية، ومشاكل صحية وبيئية، ونقص في التعليم للأطفال الروهينجا.

وفي ظل أزمة التمويل العالمية الحادة، لن يتم تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين الجدد أو الموجودين منذ سنوات، ما يهدد بانهيار كامل للخدمات الأساسية.

في عام 2024، تم تحديد حاجة تمويلية بقيمة 934 مليون دولار لتلبية احتياجات 1.5 مليون شخص (1.2 مليون من الروهينجا و300 ألف من المجتمع المضيف)، إلا أنه حتى مايو لم يتم تأمين سوى 19% فقط من هذا التمويل، ويُعزى هذا العجز بشكل كبير إلى قرار إدارة ترامب في فبراير بتقليص أكثر من 90% من عقود المساعدات الخارجية الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، إلى جانب خفض 60 مليار دولار من المساعدات الأمريكية حول العالم.

وقد كان تعليق التمويل الأمريكي بمثابة صدمة كبيرة للمجتمع الإنساني، أما باقي الجهات المانحة، التي التزمت بتقديم التمويل، فمن المتوقع أن تُفرج عنه في أغسطس أو نوفمبر، ولكن مبالغها أيضاً انخفضت.

في العام الماضي، بلغ إجمالي التمويل الذي تم استلامه 68% من المبلغ المطلوب، أما هذا العام فقد لا يتجاوز 50%، هذا النقص، وبشكل خاص نتيجة تعليق الدعم الأمريكي، سيزيد من تفاقم الأوضاع في المخيمات، ما يصعّب على اللاجئين الحصول على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى.

وقد تأثرت عشرات المشاريع بالفعل، بما في ذلك مشاريع الصحة وتنظيم الأسرة والتغذية والتعليم، وتحذر المنظمات الإنسانية من أن الوضع سيتدهور أكثر ما لم يتم توفير الأموال بشكل عاجل، ولا يجب أن يتجاهل العالم معاناة الروهينجا.

المخاطر المرتبطة بتناقص التمويل
لقد تراجعت المساعدات الخارجية للروهينجا منذ عدة سنوات بسبب الصراعات في مناطق أخرى من العالم، مما وضع بنغلادش في موقف صعب بصفتها الدولة المضيفة، تأثرت عشرات المشاريع، بما فيها الصحية والتعليمية، نتيجة خفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مما أدى إلى إغلاق العديد من المراكز الصحية التي كانت تخدم آلاف النساء الحوامل والأمهات والرضع والأطفال.

وفي حالات الأمراض الخطيرة، يُضطر الروهينجا لدفع تكاليف العلاج بأنفسهم، وهو أمر يفوق قدرة الغالبية منهم، كما تأثرت عملية تعليم الأطفال الروهينجا بشكل كبير، إذ اضطرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى إغلاق آلاف مراكز التعلم في كوكس بازار، مما فاقم من أزمة التعليم التي تؤثر على نحو 437 ألف طفل في سن الدراسة داخل المخيمات.

إضافة إلى ذلك، أدت الأمطار الموسمية إلى تفاقم أزمة المأوى، حيث تضررت العديد من المساكن، ويصعب الآن توفير أماكن آمنة لـ150 ألف لاجئ جديد، ويعيش معظم هؤلاء الآن مع أقارب سبق أن لجؤوا، ولكن حتى قبل موسم الأمطار، لم تكن هناك مساحة كافية لإيواء الجميع، ويتم استخدام المساحات العامة مؤقتاً لاستضافة العائلات المتضررة.

ووفقاً لمسؤول في الأمم المتحدة، فإن المواد الغذائية المتوفرة لن تكفي اللاجئين سوى حتى أكتوبر، وهو أمر مقلق للغاية، وفي مارس، أعلن برنامج الأغذية العالمي أن نقص التمويل الحاد اضطرهم إلى تقليص قسائم الطعام الشهرية من 12.50 دولاراً إلى 6 دولارات فقط للفرد، وقد شعر اللاجئون في المخيمات بأثر هذه التخفيضات، ويخشون من تقليصات إضافية، ما يفاقم مشاعر القلق واليأس، ويدفع البعض إلى المخاطرة بركوب البحر بحثاً عن الأمان وحياة أكثر كرامة.

مستقبل غير مؤكد
في ظل هذه الظروف، فإن استقبال المزيد من الروهينجا من ميانمار سيزيد من العبء الثقيل الذي تتحمله بنغلادش، هذه الدولة الصغيرة تواجه صعوبة في توفير الدعم الإنساني في ظل تناقص التمويل، بينما فشلت محاولاتها المتكررة لإعادة اللاجئين، ومن ثم، أكدت بنغلادش مؤخراً أنه من غير الممكن استقبال المزيد منهم.

ومع ذلك، فإن تدفق اللاجئين استمر مؤخراً على شكل مجموعات صغيرة، وإذا استمر ذلك، فلن تكون هناك حاجة إلى موجة نزوح جماعي، بل سيعبر المزيد من الروهينجا تدريجياً إلى بنغلادش.

على مدار السنوات الماضية، كانت المساعدات السخية من بنغلادش والمجتمع الدولي حاسمة في تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين الروهينجا، إلا أن كل جوانب الاستجابة الإنسانية أصبحت مهددة بسبب نقص التمويل.

وإلى أن يعم السلام والاستقرار ولاية أراكان في ميانمار، وتصبح الظروف مواتية للعودة الآمنة والطوعية، يجب على المجتمع الدولي مواصلة دعم الجهود لتقديم المساعدات المنقذة للحياة للروهينجا الفارين من الاضطهاد.

ومع تنامي ظاهرة “إرهاق المانحين” وتعدد الأزمات العالمية، يبقى مستقبل الروهينجا غامضاً، وهناك حاجة ملحّة لتحرك دولي عاجل للحيلولة دون انهيار المساعدات، والعمل من أجل حل دائم لإحدى أطول أزمات اللجوء في العالم.

(الكاتب: عقيب رحمن شانتو باحث في قسم العلاقات الدولية بجامعة دكا، نُشر المقال بموقع “Eurasia Review” وترجمته وكالة أنباء أراكان).

شارك
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لوكالة أنباء أراكان

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.