10 أعوام على أزمة قوارب الروهينجا.. “رحلات الموت” مستمرة وسط غياب الحلول

قارب يحمل 214 من الروهينجا في خليج البنغال أثناء محاولة العبور إلى ماليزيا قبل اعتراضه من البحرية البنغلادشية (صورة: مواقع التواصل)
شارك

وكالة أنباء أراكان

قبل عشر سنوات، تخلّى مهرّبو البشر عن أكثر من 8 آلاف لاجئ من الروهينجا في عرض بحر أندامان على متن قوارب متهالكة وغير آمنة، وتُركوا يواجهون الموت عطشاً وجوعاً وغرقاً، فيما قُدّر عدد الضحايا وقتها بالمئات.

وحدثت ما أطلق عليها لاحقاً “أزمة قوارب الروهينجا” في الربع الثاني من العام، وبلغت ذروتها بين شهري مايو ويونيو 2015، عندما رفضت دول ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا استقبالهم، وشددت الإجراءات الأمنية ضد التهريب.

وحسب صحيفة ” The Diplomat”، فر حوالي 170 ألف روهنجياً من الاضطهاد في ميانمار، ومن مخيمات اللاجئين في بنغلادش، بين عامي 2012 و2015، عبر قوارب مكتظة يديرها مهرّبون، وفي مايو 2015 تُرك حوالي 8 آلاف روهنجي في عرض البحر.

غضب دولي واستضافة مؤقتة

وأثارت تلك المأساة غضباً دولياً، لعدم السماح لآلاف الروهينجا العالقين على قواربهم المهترئة بالرسو، وانتهى ذلك بموافقة إندونيسيا وماليزيا وتايلاند على استضافة الناجين مؤقتاً، بعدما توفي المئات وسط تقديرات بوصولهم عدد الوفيات إلى 370 شخصاً، بعدما ظلوا لأسابيع في عرض البحر بلا طعام أو مياه.

فيما كشفت التحقيقات التي أجرتها سُلطات تلك الدول عن اكتشاف مقابر جماعية داخل معسكرات أعدها المهربون في الغابات الحدودية.

رحلات الموت مستمرة!

وبعد مرور عقد من الزمان على تلك المأساة، استمرت رحلات الموت فيما لا يزال الروهينجا الذين يسعون إلى اللجوء يُضربون ويُبتزون ويُتركون ليموتوا، تزامناً مع تصاعد العنف والاضطهاد الذي يدفعهم للفرار من منازلهم، كما أصبحت طرق التهريب أكثر تعقيداً وخطورة.

وقبل أيام، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفاة 427 من الروهينجا جراء غرق مركبين في بحر أندامان قبالة سواحل ميانمار، مشيرة إلى أنه جرى الإبلاغ عن وفاة أو فقدان واحد من كل خمسة أشخاص يحاولون عبور البحر في هذه المنطقة، ما يجعل مياه بحر أندامان وخليج البنغال من بين الأخطر في العالم.

ورغم الإبلاغ عن وفاة وفقدان أكثر من ألف روهنجي في البحر خلال العام الماضي، إلا أن الآلاف من الروهينجا يواصلون هذه الرحلات عالية المخاطر كل عام هرباً من الاضطهاد المستمر في ولاية أراكان، وكذلك من اليأس المتزايد بمخيمات اللاجئين في بنغلادش، متجهين نحو ماليزيا أو إندونيسيا بحثاً عن فرصة عمل، رغم ما قد يواجههم من عمليات طرد واعتقال عند الوصول.

شهادات الناجين

وقال شاب من الروهينجا يبلغ من العمر 24 عاماً، فرّ وزوجته من ولاية أراكان في يونيو 2024: “كان المهرّبون يضربوننا بأي شيء يجدونه بعصي خشبية أو بلاستيكية، ولم يسمحوا لنا بمغادرة المخزن”، لافتاً إلى أنه قضى وزوجته أسبوعاً على متن قارب مكتظ بـ160 شخصاً قبل السفر براً نحو الحدود التايلاندية.

وأضاف: “تعرض ثلثا الموجودين في المخزن لسوء المعاملة لعدم قدرتهم على دفع الرسوم، واستخدم المهربون أجهزة خشبية لتقييد الأرجل”، موضحاً أنه لم يتمكن من عبور الحدود إلى تايلاند إلا بعد دفع قرابة 5 آلاف دولار.

كما هرب فتى روهنجي يبلغ من العمر 13 عاماً من قريته في أواخر 2024 خوفاً من التجنيد القسري في جيش ميانمار، وبدأ رحلته عبر البحر مع نحو 200 آخرين، ثم واصل براً إلى ميواوادي قرب الحدود التايلاندية، واحتُجز أيضاً في مستودع لعدم تمكنه من دفع المال للمهرّبين أو التواصل مع عائلته.

وقال: “بعد شهرين بعدما اتضح أنني لن أستطيع الدفع تعرضت للضرب، وضعوني في قيد خشبي وربطوا يدي وضربوني يومياً تقريباً لمدة شهر، وأخبروني أنه إذا لم أتمكن من الدفع سيبيعوني”، مضيفاً: “تم بيعي وثمانية آخرين إلى مهرّب جديد ونقلنا إلى زنزانة وضربنا أيضاً، لكن بعد 10 أيام تمكننا من الهرب إلى تايلاند”.

ترحيل قسري

وفي أوائل مايو، قامت السلطات الهندية بجمع العشرات من لاجئي الروهينجا في دلهي، وأرسلت حوالي 40 منهم على متن سفينة بحرية إلى بحر أندامان، ووفقاً للأمم المتحدة، تم إجبارهم على النزول في المياه، وتركوا يسبحون إلى جزيرة تابعة لميانمار.

وتُقدّر مفوضية اللاجئين، أن حوالي 33 ألفاً من الروهينجا فرّوا من ميانمار وبنغلادش بين عامي 2022 و2024، وتزايد عدد النساء والأطفال بين الفارين بحراً حتى أصبحوا يشكلون حوالي 70% من مجمل الهاربين.

وفر ما يزيد على مليون من الروهينجا من ولاية أراكان غربي ميانمار خلال السنوات الماضية بعدما شن جيش ميانمار حملة إبادة جماعية ضدهم في عام 2017، وأطلق جيش أراكان (الانفصالي) حملة عسكرية للسيطرة على الولاية في نوفمبر 2023 طالتهم أيضاً بالعنف والتهجير والتجنيد القسري، ويعيش أغلبهم في مخيمات بنغلادش المكدسة فيما تسعى أعداد منهم للانتقال إلى بلدان أخرى بحثاً عن ظروف حياتية أفضل.

ورغم مرور عقد من الزمان على أزمة قوارب الروهينجا، إلا أن الرحلات البحرية الخطرة للروهينجا ما زالت مستمرة حتى اليوم، وحصدت خلال هذه الفترة أرواح الآلاف من الروهينجا، مع غياب أي تدخل دولي جاد لحل أزمة الروهينجا وإعادتهم إلى وطنهم.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.