لماذا يُقتل المسلمون في ميانمار؟

شارك

وكالة أنباء أراكان ANA | الأهرام

الصدمة . الهول. الفزع. هي كلمات قليلة على وصف المشاعر التي انتابت جزءا كبيرا من مشاهدي الفيلم التسجيلي «دبليو المبجل» للمخرج السويسري الكبير باربت شرودر. والفيلم وثيقة مدهشة ومفزعة في آن واحد تجسد المذابح التي يتعرض لها مسلمو الروهنغيا في ميانمار منذ عام 2013 وحتى الآن.
وكالكثير من الأفلام التسجيلية يبدأ شرودر حكايته بسرد بسيط ولطيف عن ذلك البلد الآسيوي المسمى ميانمار أو ميانمار وهو أحد دول شرق آسيا تحدها الصين والهند وبنغلاديش.
ويمضي الفيلم من خلال لقاء طويل مع «ويراثو» أشهر راهب بوذي دموي هناك والذي يقف على رأس أكثر من حركة اجتماعية عنصرية أدت لتلك المذابح.
أجمل ما في الفيلم أن المخرج ذاته بوذي وهو أحد أقطاب السينما التسجيلية في العالم، لذا يحكي كثيرا في الفيلم عن البوذية ومبادئها السمحة المسالمة، وأن الراهب البوذي لا يهتم إلا بأربعة منها رداؤه الأحمر الشهير وصحنه الذى يملؤه له بالطعام أي شخص بوذي لينشغل هو بالعبادة، و بالكارما وهي الأرواح المختلفة التي تتحد بداخله عبر الأزمنة ليكتمل سلامه النفسي، ثم يبدأ الحديث ويراثو أو “دبليو المبجل”
الذي يحمل الفيلم اسمه، وتراه راهبا عاديا مدافعا عن عقيدته حتى تبدأ أفكاره المتطرفة لتطل من وراء وجهه الطفولي.
إن تأمل ويراثو يؤكد كل يوم أن الشخص الذي تتملكه الأفكار الشيطانية لا يشترط أن تكون ملامحه قاسية أو غليظة، وكما كتبت مجلة تايم على غلافها من قبل عن هذا الشخص أنه الوجه الإرهابي للبوذية.؛ فالبوذية كأي مذهب أو اعتناق به متطرفون وإرهابيون.
كلهم يقدمون تبريرات لقتل المسالمين الأبرياء العزل، وإن تفوق عليهم ويراثو بعقلية شيطانية مستغلة رداء العقيدة البوذية لإحداث تأثير فورى ومغناطيسي إلى حد كبير على عقول ملايين من البسطاء هناك، بل وامتلك تكتيكات يعترف بها بالفيلم وتظهر أمامنا مثل قدرة على التخطيط والإقناع وملء العقول بالأفكار المسمومة تجاه المسلمين هناك.
يقول ويراثو إن المسلمين ليسوا أصلا من ميانمار ولا يحق لهم البقاء فيها وإن أغلبهم إرهابيون وإنهم يرفضون الأديان الأخرى لإيمانهم بإله واحد وإنهم يخططون للشر دائما وينتشرون كالطاعون في كل بلاد العالم لذا يجب قتلهم أو على الأقل طردهم في رأيه.
ونرى بأعيننا من خلال لقطات فيديو نادرة مشاهد لحرق مسلمين وهم أحياء وتكسير عظامهم حتى الموت وحرق ممتلكاتهم ومنازلهم عيانا بيانا أمام السلطات المتفرجة وهي أمور شديدة القسوة التي يعرضها الفيلم ولا يقدر الإنسان العادي على احتمالها.
حكومة ميانمار العسكرية التي تحكم البلاد هناك منذ عام 1962 وبعد التخلص من الاحتلال البريطاني متواطئة مع جيوش الرهبان البوذية الذين يبدو وكأنهم أصيبوا بفيروس كراهية المسلمين ويقنعون به العامة من السكان.
شيء مخيف أن ترى رهبانا في أزياء دينية يؤمنون بأي عقيدة ما يقودون الجموع إلى العنف والقتل. عار لأي عقيدة أن يكون بها رهبان كهؤلاء.
يقدمهم المخرج في الفيلم وهم يرددون تعاليمهم وينكبون عليها. ألا يوجد بالبوذية ما يردعهم عن قتل الأبرياء؟ كيف تحيى البوذية في العالم بعد هذا الهوان؟ وقد أدان الأحرار بالعالم وكذلك العلمانيون واللادينيون بالإضافة إلى الأمم المتحدة ومئات الدول هذا السلوك الهمجي من رهبان ميانمار البوذيين وأغلبية السكان الذين يتبعوهم والذين حرقوا البشر ودمروا حياتهم في 20 مدينة على الأقل بميانمار. ورغم أن حكومة ميانمار العسكرية قد عانت من هؤلاء الرهبان الذين قاموا بثورة ضدها اسمها “ثورة الزعفران” وعذبت بعضهم وسجنت الكثيرين إلا أن مصلحتها في أن يتبع الرهبان هناك هذا النهج الدموي، فهم بذلك يشغلون السكان عن فساد تلك الحكومة كما يؤكد الفيلم، وأفضل ما بالفيلم هو شهادات ناشطي حقوق الإنسان الغربيين أو من أهل ميانمار نفسهم الذين يدينون الراهب الدموي ويراثو وأهل بلده أنفسهم الذين اندفعوا في حمى كراهية ستصبح وصمة عار في جبينهم طوال التاريخ.
إن صور الكراهية لجماعة أو أتباع فكر أو دين معين منتشرة طوال التاريخ، وتكون الرغبة في قتلهم الجماعي أول صورة لتلك الكراهية، وقد ذكر أحد ضحايا الفيلم من المسلمين أن ما يحدث هو ما حدث وقت النازية بالتحديد عندما اضطهد هتلر اليهود وأبادهم.
يقول المخرج إن هذا هو الجزء الثالث في ثلاثيته عن الشر التي بدأها بفيلم تسجيلي عن دكتاتور افريقيا عيدي أمين دادا وتلاها بفيلم محامي الشيطان عن المحامي الفرنسي جاك فيرجاس محامي القتلة والإرهابيين.
يقول ويراثو إنهم لا يريدون لبلادهم أن تصبح مثل اندونيسيا وماليزيا فتكون الغالبية العظمى من سكانها مسلمين، ناسين أن أي عقيدة حرية شخصية لأي إنسان.
الغريب أن البوذية تقول بضرورة زراعة الحب في كل الكون، ويثبت الفيلم أن الإسلاموفوبيا ليست منحصرة على الغرب وأوروبا. فهي في أوج حالاتها هنا في آسيا، فقد قدم شردودر أكثر الجوانب إظلاما في النفس البشرية، وأكثر الأجزاء إثارة للغثيان في الفيلم إنتاج أغان من ويراثو وأتباعه ضد المسلمين تقول كلماتها إنهم ليسوا كائنات أصلا.

ويراثو هذا منطقه زائف فقد اعتمد على عدد صغير من الحوادث الفردية صنعها مسلمون ليثبت أنهم دمويون ومتوحشون و ليصنع بروباغندا ضد المسلمين هناك.

يسب ويراثو في إحدى خطبه بالفيلم أي شخص ضده ويقول إن المسلمين لا يحق لهم التمتع بحقوق الإنسان.

المأساة ستستمر حتما طالما لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل كافٍ ومادام أفكار ويراثو تعيش في أذهان شعب أصيب أغلبيته بفيروس التطرف.

شارك

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.