عيد الفطر بمجتمعات الروهينجا.. احتفالات بسيطة تصنع الفرحة وسط اللجوء

استعدادات الروهينجا لاستقبال عيد الفطر بمخيمات كوكس بازار في بتغلادش (صورة: ANA)
شارك

وكالة أنباء أراكان | سمية صديق أحمد

استعدت عائلات الروهينجا بمخيمات اللاجئين في كوكس بازار ببنغلادش للاحتفال بعيد الفطر، تلك المناسبة التي لا تعتبر مجرد مناسبة دينية بل لحظة للتعبير الثقافي وتعزيز الروابط الاجتماعية التي تتشكل من ذكريات أراكان وواقع المنفى القاسي.

ويعد عيد الفطر بالنسبة لمجتمع الروهينجا بمناسبة احتفال، وفي نفس الوقت تذكير بمعاناتهم، فرغم تحديات النزوح والفقر وغياب الجنسية، يواصل مسلمو الروهينجا الاحتفال بعيد الفطر بإيمان عميق وصمود وأمل.

عيد الفطر بمجتمعات الروهينجا.. احتفالات بسيطة تصنع الفرحة وسط اللجوء

التحضير للعيد في المخيمات

تبدأ عائلات الروهينجا في التحضير للعيد، حيث يوفر الآباء المال طوال الشهر لشراء ملابس جديدة لأطفالهم، ويعتز الأطفال بدورهم بالهدايا التي يتلقونها، ويحاولون ادخار كل مبلغ صغير للقيام بمشترياتهم الخاصة.

وفي الأيام التي تسبق العيد، تصبح الأسواق المؤقتة في المخيمات نابضة بالحياة، بعضهم يبيعون سلعاً لكسب المال الإضافي، بينما يشتري آخرون أساسيات مثل السكر والحليب والشعيرية والفول السوداني وجوز الهند لتحضير الأطباق التقليدية.

رؤية الهلال

يبدأ عيد الفطر تقليدياً برؤية الهلال، معلناً نهاية رمضان، وفي مجتمعات الروهينجا، يُستقبل هذا الحدث بفرح وترقب، فهو يمثل تتويجاً لشهر من الصيام والصلاة والتأمل، حيث تتجمع العائلات لأداء صلاة العيد، معبرين عن امتنانهم للقوة التي مكنتهم من إتمام رمضان، وغالباً ما يُقابل ظهور الهلال بهتافات وفرحة، مما يمثل الأمل والتجدد للمجتمع.

صلاة العيد والتجمعات المجتمعية

تُعد صلاة العيد من أهم الشعائر وأكثرها قيمة خلال عيد الفطر لدى مجتمع الروهينجا، ورغم وجودهم في مخيمات اللاجئين أو ظروف صعبة أخرى، يبذلون جهداً خاصاً لإقامة هذه الشعيرة المهمة.

عيد الفطر بمجتمعات الروهينجا.. احتفالات بسيطة تصنع الفرحة وسط اللجوء

في صباح العيد، تقوم الأمهات والأخوات بتحضير الأطعمة الحلوة مثل الشعيرية وغيرها من الأطباق التقليدية، ويرتدي الجميع ملابس جديدة “أحياناً يتم التبرع بها وأحياناً يتم ادخارها خصيصاً لهذا اليوم”، ويتوجهون إلى المسجد أو المصلى المفتوح لأداء صلاة العيد.

ويجتمع الروهينجا لأداء الصلاة، وغالباً ما تُقام في أماكن مفتوحة أو في مناطق تجمع كبيرة داخل المخيم، ويقوم القادة المجتمعيون أو المنظمات الإغاثية المحلية بتنسيق هذه الصلوات، حيث يُفترش الأرض بالسجاد أو القماش.

وبعد الصلاة، تتبادل العائلات والأصدقاء العناق الحار، متمنين لبعضهم البعض عيداً مباركاً ومشاركين في فرحة المناسبة، تلك اللحظات من الوحدة والتضامن تُعد تذكيراً بالروابط التي تربط المجتمع معاً حتى في وجه الصعوبات.

جمع الأطفال للعيدية والحلويات

من أكثر العادات المحببة لدى الأطفال بعد الصلاة هي توزيع العيدية والهدايا التي يقدمها الكبار لهم، وتُعد هذه اللحظات مصدراً كبيراً للفرح للأطفال الذين ينتظرون بفارغ الصبر تلك الرموز الصغيرة من الحب التي تكون غالباً على شكل نقود أو حلويات.

عيد الفطر بمجتمعات الروهينجا.. احتفالات بسيطة تصنع الفرحة وسط اللجوء

بالرغم من الموارد المحدودة في مخيمات اللاجئين، فإن فعل إعطاء العيدية يمثل بادرة من الرعاية والمودة والتضامن داخل المجتمع، حتى في الظروف الصعبة تساهم هذه العادات البسيطة في إسعاد أطفال الروهينجا والحفاظ على روح العيد.

لكن قد يمثل العيد لكثير من أطفال الروهينجا تذكيراً مؤلماً بالأحباء الذين فقدوهم والديار التي أُجبروا على تركها، وبالرغم من هذه التحديات، يجد أطفال الروهينجا طرقاً للاحتفال، حيث يلعبون في المخيمات ويتقاسمون الوجبات مع أصدقائهم ويشاركون في احتفالات صغيرة تنظمها المجموعات الإغاثية المحلية.

لقاءات وزيارات

بعد الصلاة، تبدأ العائلات في زيارة الأقارب والجيران والأصدقاء، وينتقل الأطفال من منزل إلى آخر لجمع الهدايا والحلويات، ويزور البالغون آباءهم وأجدادهم وأصهارهم، ويتبادلون التهاني ويتناولون وجبات بسيطة معاً، وبالنسبة للكثيرين هذه فرصة نادرة للتجمع كمجتمع.

وينظم الشباب مباريات كرة قدم ودية، بينما تقوم الفتيات بزيارة منازل بعضهن البعض ويرتدين أفضل الملابس، ويشاركن في أنشطة جماعية بسيطة، وعلى الرغم من قلة الخيارات الترفيهية، يجدون طرقاً لخلق لحظات احتفالية داخل حدود المخيم.

اليوم الثاني والثالث

في اليوم الثاني قد يزور الرجال أصهارهم، حيث يُعد المضيفون وجبات بما يتوفر لديهم وأحيانا تشمل كاري اللحم أو البيض المقلي.

عيد الفطر بمجتمعات الروهينجا.. احتفالات بسيطة تصنع الفرحة وسط اللجوء

وتعود النساء إلى منازل والديهن محملات بهدايا صغيرة من الطعام، ويواصل الأطفال اللعب بألعاب بسيطة مثل الكرات الزجاجية أو البنادق البلاستيكية أو البالونات مع التمسك بالعادات التقليدية للروهينجا.

وبعد اليوم الثالث، يعود البالغون إلى العمل مهما كان نوعه داخل المخيمات، ويعود الأطفال إلى تعليمهم غير الرسمي، وغالباً بعد استراحة لا تقل عن عشرة أيام.

العيد في أراكان مقابل العيد في المنفى

بالنسبة للاجئين الروهينجا، يُعد العيد وقتاً للذكرى والصمود، في أراكان كانوا يحتفلون بعزة ثقافية وحرية عائلية وفرح يمتد خارج منازلهم، أما في مخيمات كوكس بازار فهم يحاولون الحفاظ على تلك الروح رغم القيود والفقدان وعدم اليقين.

ولكن من خلال الزينة اليدوية وأفعال العطاء البسيطة والتجمعات المجتمعية، يواصل الروهينجا الاحتفال ليس فقط بالعيد، بل بقدرة هويتهم على البقاء.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.