طفولة لا سند.. قصة أطفال روهينجا في الهند حرمهم الاعتقال من والديهم

طفلتان من الروهينجا تعيشان في مخيم بالهند دون سند بعد اعتقال والديهما منذ سنوات (صورة: Religion Unplugged)
شارك

وكالة أنباء أراكان

يعيش عشرات الأطفال الروهينجا دون والديهم بعد احتجاز السلطات الهندية لهم منذ سنوات، في مشهد إنساني مؤلم يعكس معاناة أعمق لهم، ففي الأزقة الضيقة لمخيم “كيراني طلاب” بمدينة جامو بكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، تستيقظ الطفلة نورا (8 أعوام) كل صباح على الحقيقة القاسية نفسها “والداها ليسا هناك لتحيتها”.

منذ نحو خمس سنوات، يقبع والداها في مركز احتجاز “هيرا ناغار”، تاركين نورا وشقيقتها حليمة (16 عاماً) يعيشان دون السند الأساسي المتمثل في وجود الأبوين.

انتظار مستمر

في يوليو 2022، وثقت منصة “Religion Unplugged” لأول مرة قصتهما، مسلطة الضوء على معاناتهما في انتظار عودة والديهما من الاعتقال، لكن وضعهما بقي على حاله، حيث تقول “حليمة”: “منذ ذلك الحين لم يتغير شيء، ما زلنا ننتظر عودة والدينا كما اعتدنا ومرت سنوات دونهم”.

أوضحت المنصة أنه في 6 مارس 2021، نُقل والدا نورا وحليمة، محمد إبراهيم (49 عاماً) وساجدة (37 عاماً)، من مخيم “كيراني طلاب” إلى سجن حُول إلى مركز احتجاز في هيراناغار بمنطقة كاثوا في جامو وكشمير.

طفولة لا سند.. قصة أطفال روهينجا في الهند حرمهم الاعتقال من والديهم
أطفال من الروهينجا يلعبون في الأزقة الضيقة بمخيم كيراني طلاب في جامو كشمير (صورة: Religion Unplugged)

أمهات تكافح

وقالت خالتهما “نور”، التي تعتني بالطفلتين إلى جانب أولادها: “كل ما أريده هو إطلاق سراح والديهما، في معظم الليالي تبكي نورا قبل النوم، وكنت أظن أن أولادي ضايقوها، لكنها اعترفت لي لاحقاً بأنها فقط تفتقد والدتها”.

وأضافت: “مهما قدمت لهما من رعاية، لا يمكن أن تضاهي عاطفة الأم”، لكنها تقر أيضاً بالتحديات الكثيرة، فهي تعاني من الفقر وتجد صعوبة في توفير حاجات كل الأطفال بالتساوي.

وتعيش السيدة “منارة” (28 عاماً) المعاناة نفسها، بعدما اعتُقل زوجها “عبد العلي” في الحملة الأمنية عام 2021، ومنذ ذلك الحين ترعى أبناءها وحدها. تقول: “هربنا من بلدنا أملاً في الأمان هنا، لكن منذ قدومنا ازدادت الأمور سوءاً”.

أما “محمد شاهيد”، فقد كان في العاشرة حين اقتحمت الشرطة مأواهم، تمسك بوالديه باكياً متوسلاً ألا يأخذوهما، لكنهما أُخذا. واليوم يبلغ الخامسة عشرة، بملامح شاب لكن بعيون ما زالت تحمل القلق ذاته، يعيش مع جدته المسنة “حسنة” (72 عاماً) التي تعتني به وبإخوته الأربعة.

تقول الجدة: “لم أظن يوماً أنني سأربي خمسة أطفال في هذا العمر”، وتخشى اليوم أن يزداد الوضع سوءاً، مضيفة: “أمرض كثيرا وما يقلقني ليس الموت نفسه بل من سيرعى هؤلاء الأطفال بعدي، ما أتمناه أن يُطلق سراح ابني وزوجته قبل أن يوافيَني الأجل”.

أوضاع مأساوية بمراكز الاحتجاز

أما عن الوضع في مراكز الاحتجاز، حتى مطلع 2025، ضم مركز “هيرا ناغار” نحو 270 محتجزاً من الروهينجا بينهم 74 امرأة و70 طفلاً، وفي يوليو 2023 توفيت رضيعة عمرها خمسة أشهر إثر استنشاق بقايا الغاز المسيل للدموع عقب احتجاجات.

وعن أطفال مخيم “كيراني طلاب” فيمضون أيامهم بين الأزقة الترابية، يلعبون ألعاباً بسيطة، ويتعلمون في مدارس مؤقتة تديرها منظمات محلية أو متطوعون، بينما ينتظرون عودة والديهم، وبسبب عدم امتلاكهم أوراق هوية هندية، لا يحصل معظمهم على التعليم الرسمي.

وفي فبراير الماضي، أكدت المحكمة العليا الهندية حق أطفال الروهينجا في الالتحاق بالمدارس الحكومية، وفي أبريل أُدرج 19 طفلاً روهينجياً في مدرسة حكومية في دلهي، في بادرة أمل صغيرة.

وتستمر السلطات الهندية في ملاحقة لاجئي الروهينجا ومن يعاونهم داخلياً على دخول البلاد والعيش فيها إذ لا تعترف بهم كلاجئين رغم حملهم بطاقات مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين UNHCR، ولا تعد الهند بين الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين.

وفر ما يزيد على مليون من الروهينجا من ولاية أراكان غربي ميانمار خلال السنوات الماضية بعدما شن جيش ميانمار حملة إبادة جماعية ضدهم في عام 2017، وأطلقت ميليشيات أراكان البوذية (جيش أراكان) حملة عسكرية للسيطرة على الولاية في نوفمبر 2023 طالتهم أيضاً بالعنف والتهجير والتجنيد القسري، ويعيش أغلبهم في مخيمات بنغلادش المكدسة فيما تسعى أعداد منهم للانتقال إلى بلدان أخرى بحثاً عن ظروف حياتية أفضل.

شارك

آخر الأخبار

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.