وكالة أنباء أراكان | خاص
تستمر انتهاكات جيش أراكان (الانفصالي) المسيطر على ولاية أراكان غربي ميانمار ضد الروهينجا والتي لم تعد تقتصر فقط على مصادرة ممتلكاتهم وطردهم منها، بل باتت تشمل محاولات حثيثة لتقويض هويتهم ومجتمعهم عبر استهداف معلميهم وقادتهم المجتمعيين.
مر عام كامل منذ شن جيش أراكان حملة اختطاف واسعة بحق عدد من المثقفين والمتعلمين الروهينجا الذين كان ينظر إليهم كبارقة أمل قد تقود مجتمع الروهينجا وتنشر العلم والمعرفة، ومنذ ذاك الحين انقطعت أخبار هؤلاء الشباب إذ لا تعرف أسرهم مصيرهم حتى الآن، ويقول مراقبون إن العمليات تهدف إلى إضعاف مجتمع الروهينجا.

أحد هؤلاء المختطفين هو المعلم كمال (40 عاماً) الذي كان يعيش في مدينة “مونغدو” نازحاً بعدما اضطر للفرار من قريته، عاش كمال مع أسرته في قرية “هابي” في منقطة خاضعة لسيطرة جيش أراكان، وقد اختطفته قوات جيش أراكان من معسكر النازحين الذي يعيش به في 24 أغسطس 2024، ومع مرور قرابة عام على اختطافه، لا زالت عائلته غير قادرة على الاتصال به أو معرفة مكانه.
كان كمال عالماً بارزاً من قرية “خينغ تشاونغ” وهو معلم يدرس العلوم والدراسات الإسلامية لمئات الأطفال منذ إغلاق المدارس العربية عام ٢٠١٢، وأكد عدد من السكان لوكالة أنباء أراكان إنه يحظى باحترام السكان المحليين بشكل واسع.
وأيضاً، اختطف الروهنجي “سيار هلا مينت” من “مونغدو” في أغسطس 2024 على يد جنود جيش أراكان، وهو معلم بارز آخر، وذلك دون توضيح أية أسباب وهو ما حدث مع معلم آخر يدعى “إنام”، وقد انقطع الاتصال مع أسرتيهما ولم يفرج عنهما منذ ذاك الحين.

ضحية أخرى لعمليات الاختطاف هو “ظهور الحق” الذي كان مسؤولاً سابقاً في مؤسسة إغاثية، وابنه ربيع الطالب بالصف الثاني عشر، وقد تم اختطافهما من أحد أحياء مدينة “مونغدو” دون إبداء أسباب في 24 أغسطس 2024 حيث كانوا نازحين في قرية “هابي”، كما تم في اليوم نفسه اعتقال شاب آخر يدعى مصطفى أثناء وجوده في منطقة خاضعة لسيطرة جيش أراكان.
وفي 17 سبتمبر 2024، اختطفت قوات جيش أراكان الملثمة أحد سكان الروهينجا من أثناء عيشه كنازح داخلياً في قرية “هابي” دون إعلان سبب ذلك، وتطول القائمة لتشمل أعداداً أخرى من الرموز التي يعد مصيرها مجهولاً.
بوثيدونغ
وبالمثل، اختطف جيش أراكان بعض المثقفين الروهينجا من الجناح الخامس بمدينة “بوثيدونغ” خلال عام 2024 لأسباب مجهولة، فتم اعتقال معلم روهنجي مخضرم من قبل جنود جيش أراكان في 24 أبريل، وقال السكان لوكالة أنباء أراكان إن المعلم “ماونغ هتون” كان بمثابة نبراساً ومرشداً لطلاب الروهينجا والراخين في المراحل الدراسية العليا.

عاش “ماونغ هتون” معلم اللغة البورمية وأسرته في إحدى المناطق التي لم يحرقها جيش أراكان بالمدينة بعد سيطرته عليها العام الماضي، دُعي المعلم لاجتماع عقده جيش أراكان، إلا أنه لم يسمح له بالعودة إلى منزله لاحقاً، وتم اقتياده لجهة غير معلومة دون توضيح الأسباب.
وقال أحد أقاربه لوكالة أنباء أراكان إن أسرته تعيش حياة بسيطة وتعاني بشكل كبير ولم يرتكبوا أي جريمة قط، وأكدت المصادر أنه تم اعتقال والد المعلم سابقاً والذي كان معلماً أيضاً، إلا أنه تم إطلاق سراحه لاحقاً.
وقال ناشط روهنجي إن جيش أراكان يستهدف المثقفين في محاولة لإضعاف مجتمع الروهينجا، مضيفاً أنه بمجرد اختطاف الأشخاص لا تتوفر عنهم أي معلومات لفترات طويلة جداً.
وتابع “نرى جيش أراكان يعتقل المثقفين ورجال الأعمال والطلاب الروهينجا من بوثيدونغ ومونغدو دون أي سبب، وعندما يعقدون اجتماعات يتحدثون بلباقة لكنهم في الواقع يستغلون انقطاع الاتصالات والإنترنت ليفعلوا ما يحلو لهم باستخدام السلاح، لكن لا يمكن أبداً إخفاء ما يفعلونه سراً والحقيقة سوف تظهر”.

كما أكد دبلوماسي رفيع المستوى يتابع الوضع لوكالة أنباء أراكان أن اعتقال المثقفين وقادة المجتمع المحلي انتهاك لحقوق الإنسان ويقوض السلام والاستقرار الإقليميين، موضحاً أن اعتقال أشخاص موقرين دون أي سبب يثير الخوف والقلق في المجتمع.
ولا زالت عمليات الاعتقال مستمرة بحق الروهينجا، إذ اعتقل جيش أراكان في يوليو الماضي 25 أسرة كاملة من الروهينجا في “مونغدو” وأجبرهم على العمالة القسرية في أعمال جمع القمامة وتنظيف الصرف الصحي وتقليم الأشجار في شوارع مدينة “بوثيدونغ”.