وكالة أنباء أراكان
تواجه مخيمات لاجئي الروهينجا في منطقة كوكس بازار ببنغلادش خطراً متزايداً مع موسم الأمطار، في ظل تخفيضات حادة في تمويل المساعدات الإنسانية، ما ينذر بتفاقم معاناة أكثر من مليون لاجئ يعيشون في أكبر مخيم للاجئين في العالم وأكثره اكتظاظاً.
تشير تقارير صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إلى أن أزمة التمويل العالمية دفعت إلى تقليص البرامج الأساسية داخل المخيمات، أبرزها مشروع صيانة البنية التحتية المجتمعي الذي كان يوفر فرص عمل صغيرة للاجئين مقابل إصلاح الممرات وتثبيت المنحدرات وصيانة المرافق العامة، وكان هذا المشروع يمثل مصدر دخل حيوياً للعديد من الأسر، إضافة إلى دوره في تعزيز سلامة المخيمات خلال موسم الأمطار.
توقف المشاريع يهدد اللاجئين
وبسبب نقص التمويل، تقلص عدد المشاركين في هذه المشاريع من نحو 30 إلى 40 لاجئاً في المشروع الواحد إلى 7 أو 8 فقط، مما أدى إلى شلل شبه كامل في جهود الصيانة، هذا التراجع لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليهدد سلامة اللاجئين اليومية، إذ أصبحت الممرات زلقة وخطرة، وتزايد خطر الانهيارات الأرضية التي تهدد المراحيض ومرافق المياه والملاجئ.
وتحذر المفوضية من أن استمرار هذه التخفيضات يعرّض الاستجابة الإنسانية في بنغلادش للانهيار، خصوصاً أن اللاجئين يعتمدون بالكامل على المساعدات لتوفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم، ووفقاً لتقرير حديث، فإن هذه التقليصات تقوّض الجهود المبذولة منذ سنوات لضمان الحد الأدنى من الاستقرار في المخيمات.
قصص إنسانية
جاهيد علام، (45 عاماً)، يروي معاناته، وفقاً لمعهد “ليمكين للوقاية من الإبادة الجماعية”، قائلاً إن العمل في مشاريع الصيانة كان يمنحه دخلاً بسيطاً لتأمين بعض التنوع الغذائي لأطفاله، لكنه اليوم عاجز عن ذلك، مضيفاً بأسى: “الطعام الذي نحصل عليه محدود جداً، ومع توقف العمل الإضافي لم أعد أستطيع شراء أي شيء لأطفالي”.
من جانبها، تؤكد أفروزا سلطانة، منسقة في إدارة المواقع ضمن منظمة BRAC، أن المشروع لم يكن مجرد برنامج عمل مؤقت، بل كان شريان حياة وفر للاجئين الإحساس بالكرامة والانتماء والقدرة على تلبية احتياجات أسرهم.
وتضيف أن توقفه أحدث تأثيرات متسلسلة، منها انسحاب الأطفال من مراكز التعليم، واضطرار بعض الآباء إلى العمل في ظروف خطرة أو حتى محاولة الهجرة غير الشرعية بحثاً عن مصدر رزق.
البنية التحتية تنهار
أظهرت بيانات المفوضية أن عدد مشاريع الصيانة المنفذة خلال النصف الأول من عام 2024 انخفض إلى الثلث مقارنة بالعام السابق، ما أدى إلى تدهور الطرق والممرات والجسور الصغيرة داخل المخيمات، وتوضح “سلطانة”، أن هذه ليست مجرد مشكلات خدمية، بل مخاطر يومية تهدد سلامة اللاجئين وصحتهم.
وفي ظل الأمطار الغزيرة، تعاني أسر كثيرة من صعوبة التنقل واستخدام المرافق، وتقول السيدة جاينوب، وهي أم لأربعة أطفال: “هناك مرحاض قريب من مأوانا مهدد بانهيار أرضي، ونحن نخشى استخدامه، ولا أحد يتخذ أي إجراءات لحمايته”.
تحذيرات من انهيار الاستجابة الإنسانية
تحذر المفوضية، من أن استمرار تراجع التمويل سيؤثر قريباً على الخدمات الصحية وتوزيع وقود الطهي والتعليم والمساعدات الغذائية، في وقت تتزايد فيه أعداد الوافدين الجدد الفارين من ميانمار.
وتؤكد “سلطانة”، أن التمويل الإنساني قد يتراجع، لكن الاحتياجات الإنسانية لا تتراجع، داعية المجتمع الدولي إلى تذكّر أن خلف كل بند من بنود الميزانية حياة إنسانية، وأحلام، واستقرار هش يعتمد على استمرار الدعم العالمي.