تحت الستار يوجد أراكان “ميانمار”

شارك

وكالة أنباء أراكان ANA | مجلة فكرة

كانت أراكان دولة مسلمة مستقلة، تقع في الجنوب الشرقي لقارة آسيا جلَ سكانها مسلمون منذ ما يزيد عن 13 قرنا، دخلها الإسلام عن طريق التجّار العرب بعد أن تحطمت سفينتهم في إحدى جزرها المسماة رحامبري أي (أرض الرحمة)، فنشروا فيها الإسلام وتزوجوا من سكانها الأصليين وتصاهروا معهم والذين أُطلِق عليهم فيما بعد اسم الروهنغيا ، وبعد 345 سنة من الحكم الإسلامي فيها، تم احتلالها من طرف دولة بورما البوذية سنة 1784 للحد من نتشار الإسلام آنذاك بقيادة الملك البوذي بودباي، وتعرض المسلمون خلالها لانتهاكات عظيمة لممتلكاتهم ومنازلهم ومصادرة لحقوقهم وأرضهم، تم ضمّ إقليم أراكان لميانمار والتي أصبحت تسمى اليوم بميانمار وأصبحت أراكان تسمى بولاية راخين.
في سنة 19422 تعرّض المسلمون لمذبحة كبرى أُستشهد فيها مائة ألف مسلم وهاجر الكثير منهم إلى دول مجاورة (بنغلاديش وتايلاند)، وفي الانتخابات التشريعية حصلت ولاية راخين (أركان) على 34 مقعدا أُعطي منها 3 مقاعد للمسلمين، وفي 2012 اجتاح الغضب البوذيين بعد أن أعلنت الحكومة البورمية منح بطاقة المواطنة للمسلمين الروهنغيا، فخطّط البوذيون لإحداث فوضى تقضي على المسلمين وتحرمهم من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، فقاموا باعتراض سبيل عشرة علماء من المسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة وأوقفوا حافلاتهم وانهالوا عليهم ضربا حتى الموت، فاستُشهِدَ العلماء العشرة في هذه الحادثة، ثم برَروا ذلك بأن أحد المسلمين اغتصب فتاة بوذية فكان ذلك دفاعا عن شرفهم، تحاملت السلطة البوذية على المسلمين فطوقت جميع المساجد بالأمن خوفا أن يخرجوا في مظاهرات تندد بجريمة قتل العلماء فاندلعت اشتباكات قوية مع البوذيين محميين برجال الأمن، واستشهد عدد كبير من المسلمين، أُعلنت خلالها السلطة البورمية حظر تجول على الروهنغيا المسلمين، وبقي البوذيون يجوبون الشوارع بالسيوف والأسلحة فعاثوا في الأرض فسادا وقتلوا ما قتلوا من المسلمين وأُحرقت منازلهم ونُهبَت ممتلكاتهم ولم يسلم منهم أحد بما في ذلك الأطفال والنساء، ثم تطورت خطتهم بعد ذلك لتكون حرب إبادة ممنهجة بمشاركة الحكومة البوذية لتصفية المسلمين واقتلاعهم من جذورهم دون رحمة أو شفقة وهذا ما يحدث حاليا كأكبر جريمة ضد المسلمين حيث التنكيل والتعذيب بكل الأساليب والطرق، إذ يداهمون المنازل ثم يقيَد الرجال والنساء خارج المنزل ويُترك الأطفال داخله لتُنصَبَ لهم المشانق ويُهدَم المنزل عليهم فيُدفَنُوا داخله، وبعدها يجرُّ الرجال والنساء إلى الساحات العامة فيُربَطون بالأسلاك والسلاسل حتى لا تفر نفس من هول العذاب، ويصبُ عليهم البنزين ليتم حرقهم أحياءً وسط الحشود من البوذيين، وهناك من قُطِعت أوصالهم أحياء، ومنهم من بيعت لحومهم في البقالات.

موقف الراعي الرسمي لحقوق الإنسان (أمريكا).
قام الرئيس الأمريكي بزيارة لميانمار وبالرغم من ثبوت تورط العسكر والحكومة البورمية في التصفية العرقية التي يتعرض لها المسلمون الروهنغيا، ولكن ذلك لم يمنعه من توطيد العلاقات مع ميانمار وفتح أفق التعاون والعلاقات الثنائية التجارية والاقتصادية والسياسية بين البلدين، فقام بإسقاط الديون في خطوة قد تعتبر كمكافأة لإبادة المسلمين الروهنغيا.

موقف الأمم المتحدة من قضية ميانمار
اكتفت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالتنديد والشجب لما يحدث لمسلمي ميانمار في ولاية راخين (أراكان)، بعد أن رفعت عدة وفود حقوقية تقارير تقضي بأن هناك حرب إبادة وتصفية عرقية تقع على المسلمين من طرف البوذيين، قلق لا يسمن ولا يغني من جوع من قبل الأمم المتحدة بشأن المزاعم التي تلقتها عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
هذه القضية المنسية هي أحد أعظم المجازر التي ترتكب على المسلمين وأشرسها على الإطلاق، هي تصفية لأجيال بشرية في ظل صمت رهيب للمجتمع الدولي الذي طالما تغنّى بحقوق الإنسان والديمقراطية الزائفة وبتواطؤ من الأمم المتحدة وكل الحكومات بما فيهم الحكومات العربية والمسلمة.
انتهاكات يتألّم لها القلب وتدمع العين، نتيجة خطة انتهجها الكائدون للإسلام، والتي نجحت بالفعل في تقطيع أوصالنا، وتشتيت جمعنا وكلمتنا، فوافق معظمنا على تقديم بعضنا كقرابين للأنظمة المتكالبة علينا، والتي تتحالف معها الكثير من حكومات الدول الإسلامية المبجّلة.

الإعلام العربي
أما (جلّ) وسائل الإعلام العربية، وبعددها المهول فلا يهمّها إلّا مداخيلها، كما أنّها أضحت أرضا خصبة للتفريق والتظليل وتعميق الاختلافات بين المذاهب والطوائف وتمزيق البلدان، جعلت الفرد من هذه الأمة لا تعنيه إلّا نفسه، كيف يحصل على رفاهية زائفة، أو كيف يشبعها بتعبد خاوي من محتوى الرسالة (الدين معاملة)، هذا التغييب المفتعل والمقصود من الإعلام العربي، تمادى في تجهيلنا وساهم في غفلتنا ففرّق بين الإخوة، وفتح جراحا تكاد لا تندمل في هذه الأمة الشريدة، التي تفشّت فيها الأحقاد والضغائن، ولبست رداء الضعف والهوان للعدو، فجعلت المسلم آلة تعبدية مستهلكة راضخة للكثير من القصص والخرافات، تحكّمت في عقولنا… برهة تآخينا وبرهة تعادينا، تستميلنا كيفما تشاء، غيّبت العالم الإسلامي كلّه عن قضية بورما الجريحة، فلا تصلنا أخبارها إلا عبر الانترنت بشيء غير كاف، لا يعلم أغلب المسلمون عن هذه القضية إلّا القليل أو “اللاشيء”.
صحيح أنه لا يمكننا فعل شيء في هذه الحالة وندرك تماما أننا لسنا في موضع قوة كي نفرض أمرا على أرض الواقع، أو ننصر مسلما ضعيفا، صحيح أن فلسطين لا زالت محتلة، وأن سوريا الجريحة تكابد الويلات وحدها في حرب شعواء، واليمن السَعيد أصبح حزينا في اقتتال دام بين أبناء الوطن الواحد، إلا أننا لا يمكننا أن نتوقف عن الدعاء، وعلينا أن نسوِّق لقضايانا عبر العالم فالله سينصر الحقَ يوما وتبقى العزَة للإسلام، وتَهَاوُنُنا هذا ما هو إلّا جرعة تلقيناها عبر الأخطاء التي دُسَت لنا في ديننا ومدارسنا وسلوكياتنا، لا محالة أننا سنتداركها يوما ما بالإرادة الحقَة…
ميانمار بحاجة إلى سحب الستار عنها، لنترك هذا العالم الجاف وجها لوجه مع الحقيقة.

شارك

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.