وكالة أنباء أراكان
وجّه المجلس العسكري الحاكم في ميانمار اتهامات إلى أكثر من 200 شخص بزعم مخالفة قانون الانتخابات، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المقررة في نهاية الشهر الجاري، في خطوة تعكس تصعيداً جديداً للضغوط على معارضي العملية الانتخابية.
ومن المقرر أن تبدأ عملية التصويت في 28 ديسمبر، وسط انتقادات واسعة من قوى المعارضة ومنظمات حقوقية تؤكد أن الانتخابات “لن تكون حرة ولا نزيهة”، وأنها تهدف إلى إضفاء شرعية شكلية على الحكم العسكري القائم منذ انقلاب فبراير 2021، الذي أطاح بالحكومة المنتخبة بقيادة أونغ سان سو تشي.
وأدى الانقلاب إلى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة تحولت لاحقاً إلى صراع مسلح في عدة مناطق من البلاد، ما عقد تنظيم الانتخابات في المناطق المتنازع عليها.
وبناءً عليه، قررت السلطات إجراء التصويت على ثلاث مراحل، تبدأ في ديسمبر، تليها مرحلتان في 11 يناير و25 يناير، بحسب ما ذكرت شبكة CNN
وتنص قوانين الانتخابات التي أقرّها المجلس العسكري على عقوبات قاسية بحق معارضي العملية الانتخابية أو من يسعون إلى تعطيلها، قد تصل في بعض الحالات إلى عقوبة الإعدام.
وقال وزير الداخلية الفريق “تون تون ناونغ”، خلال اجتماع رسمي، إن السلطات اتخذت إجراءات بحق 229 شخصاً (201 رجلاً و28 امرأة) في 140 قضية تتعلق بمحاولات “تقويض العملية الانتخابية”، بحسب ما أوردته صحيفة “ميانما ألين الرسمية”، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن عدد المعتقلين أو طبيعة التهم.
وينص القانون الجديد، الذي أُقر في يوليو الماضي، على معاقبة كل من يتحدث أو ينظم أو يحرض أو يحتج أو يوزع منشورات تهدف إلى تعطيل أي جزء من العملية الانتخابية بالسجن من 3 إلى 10 سنوات، إضافة إلى غرامات مالية، بينما تشمل تهم أخرى أحكاماً قد تصل إلى الإعدام.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن من بين المتهمين نشطاء بارزين، بينهم “تايزر سان” و “نان لين” و “هيت ميات أونغ”، الذين شاركوا في احتجاج علني بمدينة “ماندالاي” في 3 ديسمبر، دعا إلى مقاطعة الانتخابات وإلغاء قانون التجنيد العسكري والإفراج عن السجناء السياسيين.
وأفادت هيئة تنسيق الإضراب العام، وهي أبرز الكيانات المدنية المعارضة للحكم العسكري، بأن عضواً بها يدعى “هيت ميات أونغ” اعتُقل في “ماندالاي” وتعرض، بحسب البيان، لسوء معاملة أثناء الاعتقال، محذّرة من أن حياة الشاب البالغ من العمر 24 عاماً “في خطر وشيك”، دون أن يتسنى التحقق من وضعه بشكل مستقل.
وأشارت تقارير إعلامية محلية إلى أن قائمة المتهمين تضم صناع أفلام، وممثلاً كوميدياً، وأطفالاً، إلى جانب عناصر من “قوات الدفاع الشعبية” المؤيدة للديمقراطية، وأعضاء من جماعات عرقية مسلحة تقاتل الجيش.
ووجهت إلى المتهمين تهم تتراوح بين تمزيق ملصقات انتخابية، وتهديد أو احتجاز موظفي الانتخابات، ونشر منشورات معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب مواقع إخبارية محلية، من بينها “ميانمار ناو”، صدرت بحق بعض المتهمين أحكام بالسجن تصل إلى 49 عاماً.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الحكومة العسكرية، اللواء “زاو مين تون”، إن “رضا أو عدم رضا المجتمع الدولي عن الانتخابات لا يهم”، مؤكداً أن الاقتراع “يُجرى من أجل ميانمار وليس من أجل المجتمع الدولي”.
وكان الجيش قد برر انقلابه في 2021 بوجود “مخالفات انتخابية” منعت حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية من تولي ولاية ثانية، وهي مزاعم رفضها مراقبون مستقلون أكدوا عدم وجود خروقات جوهرية.
وتقضي الزعيمة السابقة أونغ سان سو تشي، البالغة من العمر 80 عاماً، أحكاماً بالسجن مجموعها 27 عاماً بعد إدانات وُصفت على نطاق واسع بأنها ذات دوافع سياسية. ورغم تقارير حديثة أعربت عن القلق بشأن وضعها الصحي، نفى المجلس العسكري هذه الأنباء، مؤكداً أنها “بصحة جيدة”.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه ميانمار واحدة من أسوأ أزماتها السياسية والإنسانية، وسط تصاعد القمع وتراجع فرص التوصل إلى حل سياسي شامل.

