وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
عبرت زعيمة ميانمار أون سان سو تشي، أمس (الجمعة)، عن خوفها من أن تتسلم المحكمة الجنائية الدولية السلطة القضائية في التحقيق بشأن «طرد» ميانمار مئات الآلاف من الروهنغيا، الأقلية المسلمة، واعتبرت الاستفسارات التي تقدم بها أحد قضاة المحكمة الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقرّاً لها، مصدر «مخاوف جدية».
وجاء في بيان نشر عبر صفحة «سو تشي» على موقع «فيسبوك» أمس: «إن المطالبة المقترحة لتمديد الولاية القضائية قد تجلب نتائج خطيرة وتتجاوز المبدأ المتجسد بأن المحكمة الجنائية الدولية هي هيئة تعمل نيابة عن الدول الأطراف وبموافقتها»، كون بلدها ميانمار ليس طرفاً في نظام روما الأساسي الذي بمقتضاه تأسست المحكمة الجنائية الدولية. وجاءت ردة فعل سو تشي، الزعيمة الفعلية لميانمار الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، بعد أن طلب ممثل ادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين الماضي من المحكمة في لاهاي أن تبتّ فيما إذا كان لديها سلطة قضائية على نزوح الروهنغيا إلى بنغلادش، كون هذه الأخيرة دولة موقعة على نظام روما الأساسي، مشيراً إلى جرائم محتملة ضد الإنسانية.
الحملة العسكرية الأخيرة في مسلسل التنكيل الذي تعرضت له الأقلية المسلمة على يد جيش ميانمار، والميليشيات البوذية في أغسطس (آب) 2017، أدَّت إلى نزوح نحو 700 ألف من الروهنغيا من ولاية أراكان إلى بنغلادش، إذ انضموا إلى نحو 300 ألف لاجئ فروا إلى البلد المجاور بنغلادش خلال موجات سابقة متكررة. واصطحب هؤلاء معهم روايات عن أعمال الاغتصاب والحرق والقتل على أيدي قوات الأمن خلال حملة عسكرية وصفتها الأمم المتحدة بأنها نموذج للتطهير العرقي.
وفي سياق متصل قام وزير الرفاه الاجتماعي في ميانمار وين ميات أي، في أول زيارة لمسؤول في هذا المستوى من ميانمار إلى مخيمات اللاجئين التي تؤوي الروهنغيا في بنغلادش.
وقال خلال الزيارة المثيرة للجدل إنه سيكون في وسع اللاجئين العودة في أقرب وقت إلى قراهم في ميانمار على الرغم من عدم تفعيل خطة إعادتهم المتفق عليها مع بنغلادش، وتحذير الأمم المتحدة من عدم ضمان سلامة العائدين.
وأدلى الوزير وين ميات أي بتصريحاته في دكا، مساء الخميس، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، بعد زيارة مخيم للاجئين. وقال الوزير للصحافيين بعد لقائه مسؤولين من بنغلادش: «يمكننا تخطي الصعاب التي تواجهنا». وأضاف: «أنا واثق تماماً أن بإمكاننا بدء عملية إعادة (اللاجئين) في أقرب وقت ممكن»، بعد أن أعلنت ميانمار مراراً استعدادها لذلك دون تحديد موعد مثيرة انتقادات اتهمتها بالعزوف عن تطبيق خطة اتفقت عليها مع بنغلادش في نوفمبر (تشرين الثاني) لإعادة 750 ألف لاجئ بنهاية السنة. لكن الخطة تأجلت مع إلقاء كل طرف اللوم على الآخر.
والتقى وين ميات أي مع مسؤولي الروهنغيا في مخيم كوتوبالونغ بالقرب من كوكس بازار حيث حاولت مجموعة من اللاجئين تنظيم احتجاج خلال الزيارة الأربعاء، وهي الأولى لمسؤول بورمي إلى المنطقة.
ووافقت ميانمار حتى الآن على 600 اسم في لائحة تضم أكثر من ثمانية آلاف لاجئ قدمتها بنغلادش. والشهر الماضي، استبعد وزير بنغلادشي أن تتاح العودة للاجئين إلى قراهم متهماً ميانمار بعرقلة الخطة المتفق عليها. وقالت هيئات الأمم المتحدة إن أي اتفاق ترحيل قد يعرض الروهنغيا لمزيد من الأخطار لأن الظروف في أراكان لا تسمح بأن يعودوا طواعية ولا توفر ما يصون كرامتهم ويضمن سلامتهم.
وقالت أورسولا مولر مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية التي زارت شمال أراكان هذا الشهر إن ميانمار لا تزال بحاجة إلى معالجة «مسائل أساسية تتعلق بحرية الحركة واللحمة الاجتماعية وسبل العيش وتوفير الخدمات الأساسية».
وقال وزير خارجية بنغلادش محمود علي الخميس، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن الجانبين ملتزمان تطبيق خطة إعادة اللاجئين، لكن عدداً كبيراً من هؤلاء يقولون إنهم يخشون تكرار تعرضهم للاضطهاد الذي أرغمهم على الفرار في حال عودتهم بموجب الخطة، ومن وضعهم في مخيمات مؤقتة لفترة غير معروفة بانتظار توفير مساكن لهم.
ومن جانب آخر، اعتذر الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي أمس الجمعة لزعيمة ميانمار أون سان سو تشي عن وصفه عمليات قتل مسلمي الروهنغيا بأنها «إبادة جماعية».
وقال دوتيرتي إنه لم يقصد التدخل في الشؤون الداخلية لميانمار، كما نقلت عنه وكالة «رويترز»، مشيراً إلى أنه استشهد بالحالة فقط لإظهار أن الدول الغربية تنتقد فقط لكن دون اتخاذ إجراء. وقال في تصريحات فور عودته إلى مانيلا من منتدى بواو الآسيوي الاقتصادي في الصين: «سأتحدث إلى السيدة سو تشي، سأعتذر لك». وأضاف: «الأوروبيون يقولون إن هناك الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار»، في إشارة إلى الاسم القديم لميانمار. وتابع: «يواصلون مهاجمة ميانمار… لذلك أقول: ماذا أنتم فاعلون (بشأن ذلك)؟».
وأكد دوتيرتي مرة أخرى على استعداد بلاده لاستقبال لاجئي الروهنغيا للمساعدة في حل الأزمة، في الوقت الذي تحدى فيه الدول الأوروبية أن تفعل الشيء ذاته. ووصف دوتيرتي في خطاب ألقاه في الخامس من أبريل (نيسان) الحالي عمليات القتل في ميانمار بأنها «إبادة جماعية» معرباً عن أسفه لعدم تمكن المجتمع الدولي من حل الأزمة. وقال: «لا يمكنهم حتى حل أزمة الروهنغيا»، مضيفاً: «الآن هذه إبادة جماعية، إذا جاز لي التعبير». وأضاف: «أنا أشفق حقاً على هؤلاء الأشخاص»، وتابع: «مستعد لقبول اللاجئين الروهنغيا. نعم، سأفعل. لكن يجب علينا تقسيمهم مع أوروبا».