وكالة أنباء أراكان
تتفاقم أزمة الروهينجا في ولاية أراكان بميانمار مع تصاعد حدة القتال بين مليشيات أراكان البوذية (جيش أراكان)، جيش ميانمار، حيث يعيش عشرات الآلاف من المدنيين تحت وطأة انتهاكات يومية تشمل القتل الميداني والاعتقالات التعسفية والترهيب والابتزاز الاقتصادي وتقييد سبل العيش.
وفي الوقت نفسه، تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير مع ارتفاع أسعار الغذاء ونقص حاد في المواد الأساسية، ما يجعل الكثير من الأسر عاجزة عن الحصول حتى على وجبة واحدة يومياً، وذلك بحسب تقرير نشره موقع “روهينجا خبر”.
وحذرت الأمم المتحدة، في تقريرها الصادر مؤخراً، من أن الأزمة مرشحة لمزيد من التفاقم ما لم يتم التدخل العاجل، فقد وثّقت بين أبريل 2024 ومايو 2025، انتهاكات واسعة النطاق ارتكبها جيش ميانمار وميليشيات أراكان بحق الروهينجا وأقليات أخرى.
وشملت تلك الانتهاكات القتل والتعذيب والاعتقالات الجماعية وحرق القرى والقسري، فيما أشار التقرير إلى أن نحو نصف وفيات المدنيين خلال تلك الفترة نتجت عن الضربات الجوية والهجمات بالطائرات المسيّرة، كما قدّرت الأمم المتحدة أن أكثر من 118 ألف روهنجي عبروا إلى بنغلادش منذ أواخر 2023، في حين قضى المئات أثناء محاولات العبور المحفوفة بالمخاطر عبر البحر.
وفي مدينة مونغدو بولاية أراكان، روى سكان قرية “مينغالا جي” تفاصيل مروّعة عن ترهيب متكرر من قبل دوريات ميليشيات أراكان التي تداهم القرية ليلاً بعد الساعة السابعة مساءً، فيما أكد السكان أن عناصر الميليشيات يضربون كبار السن والمصلين أثناء توجههم إلى المساجد، ويطلقون تهديدات بالقتل، بل ويقولون للضحايا إن لا أحد سينقذهم إذا دُفنوا بصمت.
أما مدينة بوثيدونغ، تتضاعف المعاناة مع فرض قيود مشددة على الأنشطة الزراعية، فالمزارعون الروهينجا يضطرون إلى دفع ضرائب باهظة أو تسليم جزء من محاصيلهم للميليشيات مقابل السماح لهم بمواصلة العمل في أراضيهم، أما الصيد الذي كان يشكل مصدر رزق رئيسي للأسر، فقد تم تقييده إلى حد كبير، مما حرم الكثيرين من الغذاء والدخل معاً.
ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، وتزايدت حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال، وباتت عائلات كاملة تعيش على وجبة واحدة في اليوم أو تلجأ إلى الاستدانة من جيرانها للبقاء على قيد الحياة.
ولا تتوقف الأوضاع عند الغذاء والمعيشة، حيث يواجه الروهينجا قيوداً مشددة على الاتصالات، بعدما فرضت ميليشيات أراكان حظراً على الإنترنت، وملاحقة كل من يحاول التقاط إشارات من مناطق مجاورة، وذكر بعض السكان أنهم تعرضوا للمضايقة والابتزاز المالي لمجرد رغبتهم في التواصل مع أقاربهم أو إتمام معاملات مالية ضرورية.
ومع تدهور الأوضاع المعيشية، يستعد مئات من الروهينجا للفرار إلى بنغلادش عبر نهر ناف، فيما تشير مصادر محلية إلى أن أكثر من 300 شخص من قرية فيرينفارو والمناطق المحيطة ينتظرون فرصة العبور، مستعينين في الغالب بمهربين يفرضون رسوماً باهظة مقابل خدمات محفوفة بالمخاطر.
ورغم أن ميليشيات أراكان لا تمانع في خروج الروهينجا، إلا أنها تطلب إتاوات مالية مقابل السماح بالمرور الآمن، لتبقى هذه الرحلات محفوفة بالخطر، حيث يواجه الكثير من الفارين الموت غرقاً في البحر أو الوقوع ضحية للمهربين.
ودعت الأمم المتحدة إلى تدخل دولي عاجل وزيادة المساعدات الإنسانية، إلى جانب إنشاء آليات فعّالة للمساءلة عن الجرائم المرتكبة، وحتى يتحقق ذلك يبقى الروهينجا عالقين في واحدة من أخطر أزمات حقوق الإنسان في العالم اليوم، حيث لا يلوح في الأفق حل دائم ينهي مأساتهم.