الروهنغيا المتبقون في ميانمار يعانون من الخوف والعزلة

شارك

وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات

حسب معايير ولاية أراكان في ميانمار، يعتبر عبد الله (34 عاما) من سكان الروهنغيا من الأوفر حظاً، إذ أنه لا يزال على قيد الحياة وقريته لا تزال على حالها، وبمقدوره أن يكسب عيشه من عمله مزارعاً رغم دخله الضئيل.

تختفي أقلية الروهنغيا التي يتحدر منها عبد الله بسرعة من ميانمار. فقد أجبر نحو مليون منهم – أي ثلثي إجمالي الروهنغيا الذين يعيشون في ميانمار – على الفرار إلى مخيمات لاجئين عبر الحدود إلى بنغلادش بعد موجات متتالية من القمع والاضطهاد.

وأجبرت آخر موجات القمع نحو 700 ألف من الروهنغيا على الفرار منذ اب/اغسطس الماضي عندما شن الجيش حملة عنف تقول الأمم المتحدة أنها تصل إلى مستوى “الإبادة العرقية”.

قرية “شان توانغ” التي يعيش فيها عبد الله قريبة من بلدة ماروك يو التي تعج بالمعابد البوذية، وليست بعيده عن مركز اخر حملة قمع في شمال أراكان. لكنها نجت من أسوأ اعمال العنف بسبب وجودها وسط سلسلة من الجبال تحيط بها غابات.

وهو من بين نصف مليون من الروهنغيا التي تقدر الأمم المتحدة إنهم لا زالوا في ميانمار. فبعضهم محتجز في مخيمات بعد موجات سابقة من العنف، بينما نجا آخرون بفضل الثروة أو الحظ، أو ربما بسبب العزلة مثلما حدث في قرى في منطقة عبد الله، نظرا لبعدها عن الحملة العسكرية.

إلا أن حياتهم يسودها التوتر والخوف في البلاد التي يهيمن عليها البوذيون الذين جردوا هذه الأقلية المسلمة حقوقها الشرعية وأمنها بشكل منهجي.

ومصير الروهنغيا في إقليم أراكان على المحك بعد حملات القمع العسكرية التي تتهم فيها القوات الميانمارية وعصابات الراخين بحرق قرى الروهنغيا واغتصاب وقتل سكانها.

وتبدو قرية شان توانغ التي يسكنها 4500 من الروهنغيا هادئة.

فالصيادون يجففون أسماكهم في الشمس، والمزارعون يحصدون الأرز والأطفال يلعبون على جانب الطريق. إلا أن الخوف تسبب في شرخ عميق بين المسلمين الروهنغيا والبوذيين من السكان الراخين الذين يعيشون بالقرب منهم.

ويقول الروهنغيا إنهم يخاطرون بالتعرض للضرب أو ربما ما هو اسوأ من ذلك إذا ضلوا الطريق ودخلوا منطقة يعتبرها الراخين ملكا لهم، بينما لا يثق العديد منهم بالشرطة لتوفير الحماية لهم.

يقول عبد الله إن الأمر لم يكن كذلك دائماً، ويوضح أنه كان له أصدقاء من الراخين في السابق وكان يقيم مع عائلة من الراخين عندما كان يدرس في الجامعة في عاصمة الولاية سيتوي. ويضيف لوكالة فرانس برس “لم يعودوا يعاملونني كالسابق (…) ولا يقولون أشياء جيدة”.

وتدهورت العلاقة بين السكان في الأشهر الأخيرة في المنطقة المحيطة ببلدة ماروك يو التي قتل فيها العديد من الأشخاص مؤخراً عندما أطلقت الشرطة النار على حشد من القوميين الراخين.

وصرح شاب من الراخين لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه “لم نعد نثق ببعضنا البعض (…) الراخين يراقبون بعضهم البعض كذلك لكي يضمنوا أن لا أحد في البلدة له أصدقاء مسلمون”.

– التطلع إلى الجنسية –

يعتقد أن نحو 150 ألفا من الروهنغيا ما زالوا يعيشون في شمال أراكان، وينتشرون في قرى متباعدة لم يصلها العنف.

غير أن مجموعات حقوقية تقول إن العديد من هذه المجتمعات تعيش في خوف وجوع، وغير قادرة على العمل بشكل حر لأنها محاطة بجيران يعادونها، فيما يعزز الجيش تواجده في القواعد المحيطة بهم.

وقلل يي هتوت مدير منطقة منغدو أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان شمالا، من خطورة النزاع بين المجتمعات المتبقية. وقال “المسلمون الذين لا زالوا يعيشون هنا لا يقولون إنهم خائفون (…) ولا تزال العديد من المنازل قائمة”.

وإلى الجنوب يعيش 130 ألفا اخرين من الروهنغيا في مخيمات مؤقتة من مخلفات موجات العنف بين المسمين والبوذيين منذ 2012.

ويعيش مئتا ألف اخرين بشكل أفضل قليلا في قراهم ولكن تحت قيود على الحركة. ويقول المتحدث باسم الأمم المتحدة بيار بيرون إن ذلك يشكل “انتهاكا كبيرا” لحقوقهم الأساسية وحصولهم على الصحة والتعليم.

ومع تصاعد التوتر إلى أعلى المستويات لا يزال الروهنغيا يغادرون المنطقة.

والأحد رصد قارب محمل بالروهنغيا يغادر سيتوي في المياه التايلاندية و”ساعدتهم” قوات البحرية في التوجه إلى ماليزيا.

ولا يزال الروهنغيا يصلون سيرا على الأقدام إلى بنغلادش سعيا للمأوى بعد فرارهم من التهديدات والجوع.

ورسميا فإن الروهنغيا غير موجودين في ميانمار ولذلك يتم حرمانهم من الجنسية. بل يتم وصفهم بأنهم “بنغال” ما يعزز المقولة بأنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش.

ويتوجب على الروهنغيا الساعين للحصول على الجنسية الموافقة على تصنيفهم بأنهم “بنغاليون” في عملية تدقيق تحرمهم من حقهم الدستوري كأقلية اتينة منفصلة بشكل يعرضهم للطرد.

شارك

القائمة البريدية

بالضغط على زر الاشتراك، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية الخاصة بنا.